اتصل بنا
 

وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها السلبي

نيسان ـ نشر في 2020-06-06 الساعة 14:24

نيسان ـ لقد نبّه المختصون في المجالات النفسية والاجتماعية والتربوية منذ وقت ليس بالقصير وتحديد منذ نهاية القرن العشرين و بدايات القرن الحادي والعشرين مع انتشار التسارع التقني في العالم وشيوع ظاهرة العولمة من التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية وما قد تسبّبه من تفكك وانحراف وانتشار القيم والعادات السلبية ، ولا شك ايضا بأن بعضاً من مستخدمي هذه الوسائل قد أدركوا منذ زمن التأثيرات السلبية لتلك التقنيات عليهم وعلى محيطهم الأسري، وعلى الرغم من ذلك إلا أنهم ماضون في استخدامها لأنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة العصرية ومتطلباتها.
نحن نعلم بأن الوظيفة التي من أجلها أطلقت هذه الخدمة هي تقريب المسافات الغاء الحواجز والبعد الجغرافي وخلق تواصل اجتماعي بين المستخدمين ، ومن هنا جاءت تسميتها ، إلا أن تلك الوسائل ما زال لها دور سلبي كبير على الأواصر الاجتماعية ، وانعكاسات كبيرة على الأسرة وكما أشرت في البداية كالتفكك الأسري ونقل عادات وقيم وسلوكيات خاطئة ، خاصة لمستخدميها ذوي الأعمار الصغيرة.
التفكك الأسري والانفلات الذي يعاني منه بعض الشباب والتقليد الخاطئ والأعمى وتمرّد الأبناء على دور الأسرة وتمرّد الفتيات على الرقابة الأسرية كلها تأثيرات يستمدها الشباب من هذه الوسائل التي تُظهر التمرّد وكأنه شجاعة والتقليد بأنه براعة ومهارة ، وتُظهر القيم الأصيلة وكأنها تأخر وتخلّف ورجعية.
تلك الوسائل تملك من التأثير الشيء الكثير، ولهذا فهي متهمة بأنها سبب في ذلك الانفلات الذي يعاني منه الشباب ، فهي لا تعزز القيم الأسرية ، بل تظهرها وكأنها قيم سلبية ، وتربط الشباب بمفاهيم وقيم موجودة فقط في العالم الافتراضي ، كما تشجع الشباب على التقليد الأعمى خاصة عندما تُقدم لهم نماذج من الأبطال الخارقين أو الافتراضيين وتجعل منهم أبطالاً حقيقيين.
وعلى صعيد أخر، فقد اخترقت تلك الوسائل الخصوصية الأسرية إلى حد كبير، فهي تؤثر في علاقات الصداقات وتضيّع وقت الكثيرين ، فانكفاء الأبناء في البيت الواحد كل على جهازه وانعزاله عن عن بقية أفراد الأسرة وكذاك أقرانه ما هو الا دليل على التأثير السلبي لتلك التقنيات ، كما أن تلك الوسائل هي أداة لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة التي غالباً ما يعاد تداولها وتنتشر بسرعة فائقة كانتشار النار بالهشيم.
البعض يشير بأن ما يحدث في عالمنا الحالي من اختراق التقنيات الحديثة للخصوصية الأسرية والعلاقات الاجتماعية هو تأثير لا بد منه في ظل الظروف الحالية التي يمر بها العالم ، فالعالم ككل قد أصبح يخضع لنفس الظروف ، ويعيش تحت نفس التحديات ، وبما أننا جزء من العالم ، إذاً ما يحدث لنا هو شيء متوقع.
إن شريحة مجتمعية كبيرة مرتبطة كل الارتباط بتلك التقنيات التي أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا ولا نستطيع العيش بدونها او الاستغناء عنها ، فتلك التقنيات الحديثة قد أصبحت عصب الحياة خاصة مع انتقال الحكومات إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم عن بعد والتسوق الالكتروني ...... الخ وجعله محور حياتنا العملية والمهنية.
تشير الإحصائيات بأن معدل مكوث الأفراد واستخدامهم بشكل أو بآخر لتلك التقنيات في المنطقة العربية وتحديدا في منطقة الخليج العربي تجاوز الثلاث ساعات يومياً من اجل لتواصل الاجتماعي ، هذا الأمر يجعلنا في حاجة ماسة لإجراء المزيد من الدراسات لمعرفة التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة وانعكاساتها على الأسرة والمجتمع ككل ، فعدد لا بأس به من الظواهر الاجتماعية في مجتمعنا اليوم أصبحت مرتبطة بوسائل التواصل واستخداماتها الخاطئة.
ولوحظ ايضا في الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة الجريمة الإلكترونية والجرائم المرتبطة باستخدام التقنيات الحديثة ، فالبعض ما زال يجهل بأن الجريمة التي يرتكبها من خلال استخدام التقنيات هي جرائم فعلية لها كل أركان الجريمة العادية ويعاقب عليها القانون ، فجرائم التهديد والتنمر وغيرها اصبحت تتم بسهولة ، بل ويخطط لها عبر تلك الوسائل ، فتيات صغار يغرر بهن الأمر الذي يدفعهن إلى التمرّد على التقاليد الأسرية والخروج عن عادات وتقاليد المجتمع ، بالإضافة إلى ذلك فالسب والشتم من خلال استخدام وسائل التواصل هو جريمة ودليل يعتد به أمام القضاء ، ولا يخلو يوم من خبر عن جرائم التقنيات ، الأمر الذي يجعل من تلك الجرائم جرائم فعلية لمعاقبة المخالفين.
الفضاء الرقمي والتقني في تقدّم وتسارع ، ولا شك بأن هذا التقدم ينعكس على الفرد والأسرة ، ووطننا الأردن ليس بمعزل عما يحدث في العالم ، ومن هنا يأتي دور الرقابة الرسمية والرقابة داخل الأسرة ، ولكنّ التطوّر الهائل الحاصل في هذا المجال يجعل من الرقابة الرسمية أمراً في غاية الصعوبة ، فالرقابة الأسرية لها الدور الأكبر في الحد من خطر التأثير السلبي للتقنيات الحديثة على النشء والتأثير سلباً على الروابط الأسرية ، فبدون تلك الرقابة لن يستطيع النشء مواجهة تلك الوسائل منفرداً ، بل سوف يقع فريسة سهلة في يد تلك التقنيات ، وأخيرا فإنَّنا نسأل الله العظيم أن يحمي وطننا وبلاد المسلمين وابنائنا وبناتنا من التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي وخطرها.

نيسان ـ نشر في 2020-06-06 الساعة 14:24


رأي: قيصر صالح الغرايبة

الكلمات الأكثر بحثاً