اتصل بنا
 

عمان أخذتني مني ثم وهبتني بعضا من ذكرى وموسيقا

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-06-10 الساعة 21:37

نيسان ـ عمّان ابتلعتني، هصرتني، جعلتني لا أشبه نفسي، بل جعلت مني شخصاً عدمياً أكثر مما ينبغي . هذه المطحنة التي تعرف بوابتها جيدا فقد دخلت منها مرارا وتكرارا، لكنك لن تجيد أبداً الخروج منها، حيث لا بوابة للخروج.
فقط ما عَلَي إلا أن أصبح عدمياً أكثر مما كنت عليه، أختار حانة واحدة أقضي ليالي خيباتي فيها، خيبة أني سأذهب للنوم وأصحو غداً كأن شيئاً لم يحدث.
نعم، أصبحت عدمياً أكثر مما كنت. فقد كنت آخذ من قبل موقفاً عدمياً من الوجود (وجودي بالأخص) لكن الآن من كل شيء: الأشخاص – الحانات – الشوارع – النظام – المشي - الوقت – الطعام – القطط – الفتيات.
لم يبقَ لي إلا بضع موسيقى من البوست روك غالباً. حتى الكتب أيضاً أصبحت من الأشياء التي أرميها وأنا في الطريق، لا أعطيها لأحد، فقط أقرأها دون عجل أمسيت أستغرق عمراً لأنهي كتاباً، إلى درجة أنني أنسى البداية والقصة وأسماء الشخصيات، أستخدم القراءة كإلهاء فقط، معجمي الموجود في الذاكرة لا يزداد ولا ينقص، أما مخيلتي تقتات على الأفلام والقرف ولا حاجة لها إلى أمرٍ ثالث.. ثم أرميها.
وبتُّ مستغرباً، أنا مستغرب... كم أستغرب وأنا أشعل سيجارة في الطريق بعدما أضع علكة في فمي، رغم تدخيني الكثير أكره أن أدخن سيجارة هكذا دون شيء... : "كيف هؤلاء يملكون طاولات عليها مصباح ودفاتر وأقلام لا تضيع، ويعلِّقون فوقها رفوفاً متخمة بالكتب ومزينة باللوحات، حيث قد تجد كتاباً قد أُرِّخَ من سنة 2020. كيف!..
الى غريبة.... عليكِ أن تعرفي قبل كل شيء
إنني أكثر شخص في العالم يحمل نظرة تشاؤمية نحو كل شيء
ولا يعرف ما الذي يفعل بها
لا يعرف أن يحولها إلى فيلم أو قصة أو قصيدة أو لوحة أو مسرحية
فقط هكذا
يضعها على كتفه اليمين
مثل ببغاءِ قرصان تاه في بحر مهيب،
حيث لا يابسة ولا طائر يدل إليها
..............
الآن،...
بعدما عرفتِ هذا الأمر
بعد كل شيء
لدي بعض الأسئلة:
*هل توقعتي يوماً أن تتوجهي إلى المطبخ وتجدين جثتك؟!
*هل تخيلتي يوماً أنك تعيشين في صورة معلقة في معرض يدخل إليه أناس يشبهون كل من تعرفينهم ويحدقون بها مستغرقين... أنت صورة لا تتحرك؟!
*وأنت تدقين مسماراً في الجدار، هل آلمك قلبك؟!
*حسناً، هل تقدرين الآن أن تخلعي ( قلبكِ) ثم تضعينه في صندوق، وترسلينه إلي.. أينما كنت؟!

نيسان ـ نشر في 2020-06-10 الساعة 21:37


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً