النصر على الاحتلال لا يبدأ من غرفة النوم

نيسان ـ في أحسن احوالها ستأخذ الدولة الفلسطينية، التي يجري الحديث عنها بعد تنفيذ صفقة القرن، شكل مجمّعات سكاني أو سجن فيه نزلاء لا مواطنون يضم ثلث "السكان" الفلسطينيين في الضفة الغربية. وليس هذا وحسب.
أبدع الكاتب الفلسطيني جهاد الرنتيسي في وصف الحالة، عندما قال: "من خارج الصندوق، في أحسن احوالها ستكون الدولة الفلسطينية التي يجري الحديث حولها لنزلاء المقاطعة والكمبرادور، بمعنى ان فكرتها قائمة على إخراج ثلثي الشعب من المعادلة".
هكذا إذن. المجمّع السكاني سيضم نزلاء من فئة خاصة يجمع فيها الاحتلال عملاءه وساقطيه، لاستخدامهم وقت الحاجة، فيما يجري طرد الآخرين.
لن يستقيم للصفقة الحال، ولن تكون مبررة، إلا بجرف أعداد هائلة من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية الى خارجها. هذا هو الحلم.
ما زال البعض يتحدث في سياقات رومانسية عن المعركة السكانية، وأن لنا كسب في ذلك. نسينا ان عملية احتلالية واحدة يمكنها ان تطيح بارقام ضخمة وتعيد السبق للاحتلال. النصر لا يبدأ من غرفة النوم.
سابقا كان "بعض" الفلسطينيين" يحتجون على اخراج اللاجئين خارج فلسطين، من معادلة الصراع، وطرد منظمة التحرير الفلسطينية من فاعليتها، وتحويلها الى مكان لاجتماعات المتقاعدين.
اليوم يجري تجهيز المشهد القادم بحيث يُطرد الجزء الأكبر من الفلسطينيين من داخل فلسطين، أيضا.
لقد تعلم الاحتلال من الأزمة السورية، وما تقوم به ايران في المدن السورية، ان اجراء عمليات جرف جماعية للسكان، واجراء تغييرات سكانية هائلة ليست مستحيلة، وإن كانت صعبة للغاية. فما هي الاليات المتاحة لتحقيق ذلك؟
أمني أم عسكري أم اقتصادي. لا يبدو أن الاذرع الثلاثة متاحة. الفلسطينيون أثبتوا أنهم صامدون أمنيا رغم الاختراقات، وصامدون عسكريا، في وجه كل اشكال القتل البشع، وصامدون اقتصاديا أمام سيطرة خانقة على اقتصادهم. فأين الذراع المتاح؟ ومن هم الأدوات المستخدمة لتحقيق ذلك؟
تاريخيا، لم تتمكن بريطانيا ولا العصابات الصهيونية من تحقيق اهدافها في فلسطين، الا بالتعاون العربي. كان تعاونا مثمرا، ودائما ما أسفر عن تحقيق كل الاهداف الموضوعة وأكثر.
ومنذ عشرين عاما، استخدم الاحتلال لتحقيق اهدافه - بعد اوسلو - عصبة من الفلسطينيين. فمن هم معاول اليوم لتحقيق الاهداف الصهيونية لبلع كل الضفة هذه المرة؟
إذن نحن نتحدث عن أدوات سياسية، لتحقيق الصهاينة أهدافهم في فلسطين.
فهل سينجح العدو؟ الرؤية المتاحة من النافذة الضيقة تقول إنهم سيفسلون هذه المرة. هذه المرة مختلفة جدا، وستعيد للقضية سيرتها الأولى.