اتصل بنا
 

السياحة العلاجية ... إصلاحها أولا.. الاهتمام بالسياحة العلاجية وإهمال عودة أحباءنا المغتربين

نيسان ـ نشر في 2020-07-04 الساعة 19:16

نيسان ـ استوقفتني جملة ( تشجيع قدوم السياحة العلاجية ) في ظل جائحة كورونا . وكوني أول من كتب عن السياحة العلاجية منذ عام 1991 إبان حكومة دولة الأستاذ طاهر المصري ، ومعالي السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي وزيرا للصحة ،ومعالي الدكتور عارف البطاينة مديرا للخدمات الطبية الملكية الأردنية .
إذ كانت قبلة المرضى ( العرب ) إلى الأردن ، على اثر أزمة الخليج ، ولم يكن لدينا ما نراه اليوم من مستشفيات بهذا العدد المتوفر اليوم ، والذي جاء نتيجة تلك الرغبة الصادقة للعلاج في الأردن . فالمريض كان يفضل العلاج في مدينة الحسين الطبية ، وعدد محدود من المستشفيات الخاصة . ولكن ماذا حدث بتلك الفترة كان يطلب من المريض أن يدفع فاتورة علاجه بالعملة الصعبة ( الدولار ) . فضلا عن انه يدفع 150% أي بزيادة 50% عن المريض اليمني .
يومها كتبت إلى جانب الوجع من المرض ،الوجع المالي الذي كان يشكون منه المرضى العرب( اليمنيين ) . وحال أن تناهى إلى مسامع المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ، تلك الشكوى ، طلب من الحكومة ، تشكيل لجنه لدارسة تلك المعاناة ، ولما اطلع جلالته رحمه الله . اصدر أوامره بان يعامل المريض اليمني معاملة المواطن الأردني ، وان يدفع 100% وبالعملة الأردنية ، وتعيين ملحق طبي أردني في اليمن ، وكان أول ملحق أردني في صنعاء المرحوم الدكتور سليمان الفايز ، وأول ملحق طبي يمني في الأردن الدكتور يحيى العروسي .
واليوم وبتوجيهات ملكية سامية إلى الحكومة ، تتحدث عن فتح باب السياحة العلاجية ، شيء يبعث على أن جلالة الملك يحرص على إنعاش هذا القطاع . ولكن القطاع نفسه لدية من المعيقات ما يجعل المريض العربي يهرب للعلاج في دول غير ( عربية ) ، وهنا أتحدث عن المرضى من اليمن .
فالعلاج في الأردن مكلف وخارج عن نطاق وقدرة المواطن اليمني والعربي ومنهم من بعض دول ( الخليج ) . وقد تناولت ذلك مع صاحب المعالي الدكتور سعد جابر وزير الصحة ، عندما كان مديرا للخدمات الطبية . حيث تناولنا ارتفاع كلف العمليات الجراحية والخدمات الفندقية والأدوية . وعندما بدأ أول في أول مشواره الوزاري وبتوجيهات ملكية سامية عمل على تخفيض أسعار العديد من الأدوية وجاءت جائحة كورونا وأخذت كل الاهتمامات لوقف تمددها وانتشارها والانتصار عليها . فالأدوية مازالت باهظة الثمن ، والعمليات الجراحية في العلا لي . ليس للمواطن ألقدره على العلاج فيها .
وهنا لا اكشف سرا أن ( الهند ) تستقطب مرضى يمنيين بشكل كبير ، وكذلك ألمانيا ، وهناك سوق تركيا الذي هو الآخر يفتح أبوابه على مصراعيها لاستقبال المرضى اليمنيين . ويفضلون هذه الدول لان سعر العمليات الجراحية تناسب دخولهم وأوضاعهم المالية . وهي بالنسبة لهم رحلة ليست مرتفعة التكاليف كل شيء فيها ضمن المقبول والمعقول .بالنسبة للغة فإنهم يتغلبون عليها لوجود رعايا يمنيين وعرب بتلك الدول فلا مشكلة لديهم .
إذا أردنا سياحية علاجية ، فأول شيء ( تخفيض أجور العمليات الجراحية وكشفيات الأطباء والدواء ، والشقق السكنية ، والفندقية ، ومنع السوق السوداء في الاتجار بالمرضى من السماسرة والسائقين وبعض الأطباء الذين يدوخون المرض بإجراء الفحوصات هنا وهناك . وتصوير الأشعة . وغيرها .
وقد حدثني مسؤول يمني كبير وهو راقد ينتظر الطبيب لإجراء عملية قسطرة وزرع شبكة له ،سأله الطبيب : الشبكية ( تريدها ) صينية أو أمريكية . قال : نظرت إلية الآن ، يا دكتور تسألني هذا السؤال . ليش ما سألتني ، وأنا عندك في العيادة .
مرضى السياحة العلاجية، سوف يواجهون غلاء في الأسعار ارتفاعا باهظا في تكاليف العمليات الجراحية والدوائية ، وهم أصلا يعانون من وضع مالي صعب في بلادهم . وهذا سيؤدي إلى امتناع المرضى من القدوم إلى الأردن للعلاج كونهم لا يحتملون وضعا ماليا خانقا يضاف إلى وضعهم في بلادهم .
إن إنعاش الوضع الاقتصادي في الأردن لا يتوقف على إنعاش القطاع السياحة العلاجية فقط ، وإنما مطلوب إنعاش قطاعات أردنية أخرى . ويتم ذلك من خلال تقديم التسهيلات اللازمة لعودة المغتربين الأردنيين من بلاد الاغتراب بفتح الموانئ الجوية والبرية والبحرية . لغايات قضاء إجازاتهم الصيفية في ربوع الأردن بين أهلهم ومحبيهم الذين ينتظرونهم بلهفة واشتياق . ان عودة المغتربين تسهم في إنعاش القطاعات التجارية والصناعية والزراعية والصحية والتعليمية لان كثيرا من المغتربين يقومون على تسجيل أبناءهم في الجامعات ، وهذا سوف يسهم في زيادة دخل المملكة بالعملة الصعبة .
من هنا مطلوب من الحكومة التفكير وبصوت عال ( مغتربينا ) في ( الخارج نحن أولى بهم لزيارة وطنهم ) . فلا داع للاهتمام بالسياحة العلاجية على حساب إهمال عودة أحباءنا المغتربين من بلاد الغربة . وبقاءهم في بلاد الاغتراب .

نيسان ـ نشر في 2020-07-04 الساعة 19:16


رأي: عبدالله اليماني

الكلمات الأكثر بحثاً