اتصل بنا
 

استطلاعات الرأي.. رؤية المجتمع بعين واحدة لا يكفي

نيسان ـ نشر في 2020-07-05 الساعة 09:27

استطلاعات الرأي.. رؤية المجتمع بعين واحدة
نيسان ـ تصر استطلاعات الرأي على تقسيم الملفات التي يهتم بها الأردني إلى ملفات محلية وخارجية. وهذا فيه شيء من الوجاهة، لكن ما لا تجده في أي من اسئلة هذه الاستطلاعات ما يذكّر المستطلعين أن كلا الملفات المحلية والخارجية مترابطة، حدا، لا يمكن فصلهما.
"القضايا المحلية في المرتبة الاولى لدى المواطنين". هذا لدى المجتمعات الإنسانية كلها صحيح، سوى أننا ننسى مقولتنا أن التأثيرات التي تفرضها كثير من الملفات الخارجية ذات تأثير عميق ومباشر على "مشاكلنا المحلية".
هذه الممارسة لها جذور في تطبيقاتنا العلمية بصورة عامة. صارت علومنا، هي الأخرى، على القطعة. وفهمنا أيضا.
نقول إن عالمنا قرية صغيرة، ونجلب لذلك الشواهد، ثم عند التطبيق نفرض الرؤية بالقطعة، كل مشهد منفرد من دون رؤية كامل اللوحة. وهي حالة نسخناها من العلوم الانسانية الأوروبية العرجاء.
إن مقولة "القضايا المحلية في المرتبة الاولى لدى المواطنين"، مخادعة، يفرضها السياسي على الأكاديمي العلمي والإعلامي، بقواعد سياسية وليست علمية.
ما يجري وباء علمي عام، عمّقته طبيعة درسنا للعلوم في جامعاتنا، فقد تبنّت العلوم المعاصرة التخصصية الباردة، حتى صار مذهبها.
قس لذلك الكثير من الخراب. صاحب اللغة لا يعلم كثيرا عن علم التاريخ، ولا يكاد يتقن كثير من خريجي القانون الاملاء او الاعراب، فيما يسبح متخصصو الشريعة، في تخصصهم، بعيدا عن فهم اللغة، وهكذا. في الوقت الذي كان طالب العلم في كل التخصصات في الماضي موسوعيا، يمتلك الكثير في العلوم المصاحبة لضرورات فهم تخصصه.
في علوم اليوم القاعدة الفقهية التي تقول: "ما لا يؤتى الواجب الا به فهو واجب"، غير ضرورية، ويجري تكسيرها باستمرار. وهذه كارثة.
مذهب جرح بعمق في ماهية العلوم الإنسانية التي من العسير الفصل فيها بين العلوم الانسانية المتشابكة.
وبتأثير من هذا المذهب بدأت محاور واسئلة الاستطلاعات تتبنى التخصصية في نهجها ، ما أضاع على تلك الاستطلاعات رسم صورة دقيقة للمشهد الذي تريد رسمه لقضايا المجتمع. أي انطلقت الاستطلاعات من قواعد غلط، فانتهت بنتائج مضللة.

نيسان ـ نشر في 2020-07-05 الساعة 09:27


رأي: لقمان اسكندر

الكلمات الأكثر بحثاً