هل هو ظريف حقاً؟
أسامة شحادة
كاتب مختص في شؤون الحركات الاسلامية
نيسان ـ نشر في 2015-08-06 الساعة 12:48
قام جواد ظريف وزير خارجية إيران بنشر رسالة أو مقال في عدة صحف عربية بعنوان "الجار قبل الدار"، فهل كان ظريفاً فيها؟
إنه يقول في رسالته: "إن أولى أولويات إيران منذ البداية، هي أنها تنشد علاقات طيبة ووطيدة مع جيرانها"، وقد رأينا حسن الجوار الإيراني منذ ظهور جمهوريتهم الإسلامية عبر سنوات الحرب الثماني مع العراق، والتي رفضت فيها إيران كل مبادرات الصلح والجيرة، حتى رضخ الخميني للسلم منهزماً ومتجرعًا للسم، ثم رأينا سلوكياتها لحسن الجوار بتفجيرات مكة المكرمة والكويت وانقلاب في البحرين.
ثم في عهد مرشدهم الحالي خامنئي رأينا سياسة حسن الجوار بدعم الاحتلال الأمريكي في غزو أفغانستان والعراق، وتواصل هذه السياسة وانتقالها من دعم الاحتلال الأمريكي لممارسة إيران للاحتلال بنفسها لأربع عواصم عربية ونفوذها المتعاظم في عدد آخر من الدول العربية والإسلامية، فنعم الجار الجار الإيراني!!
ثم قال أو قاء ظريف: "يكون الحوار الإقليمي وفق أهداف مشتركة ومبادئ عامة تعترف بها دول المنطقة، وأهمها:
احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها، الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تسوية الخلافات سلميا، منع التهديد أو استخدام القوة، والسعي لإحلال السلام والاستقرار وتحقيق التقدم والسعادة في المنطقة".
يا سلام على احترام إيران لسيادة الدول المجاورة لها، إذ لا تكاد توجد دولة مجاورة لإيران لا تحتوي سجونها على عناصر استخبارات إيرانية إرهابية قبض عليها بالجرم المشهود، وإذا خلت السجون من الإيرانيين فأدراج المحاكم مليئة بملفات قضاياهم!
طبعاً هذا لا علاقة له بالأسرى الإيرانيين الذين في قبضة المقاومة اليمنية أو العراقية أو السورية، فهؤلاء سياح إيرانيون قُبض عليهم ظلماً وزورا!!
ثم قال ظريف: "علينا جميعا أن نقبل حقيقة انقضاء عهد الألاعيب التي لا طائل تحتها، وإننا جميعا إما رابحون معاً أو خاسرون معاً، فالأمن المستدام لا يتحقق بضرب أمن الآخرين".
ومرة أخرى تحتار مع كلام ظريف، هل هو جاد أم يمزح، هل فعلاً هذه الرسالة كتبها وزير خارجية إيران، مَن الذي سياسته تقوم على الألاعيب، مرة يدعون إلى المقاومة والتصدي والصمود، ومرات تمر الطائرات الصهيونية فوق رؤوسهم تضرب دمشق، فتغلي دماؤهم فيقصفون بالبراميل أطفال حلب!
ومرة يلعنون مشعل ويقطعون عنه وعن شلح الدعم، ومرة يتفاخرون بشكر أبي عبيدة لهم، وهكذا في مسلسل من الألاعيب أطول وأسمج من المسلسلات المكسيكية.
أما ضرب أمن الآخرين فهذه حكاية لوحدها، وحقيقةً حين أتخيل ضحكات ظريف وهو يوقع الاتفاق النووي، أتساءل: هل كانت تخفي هذه الضحكات خلفها صفاقة سميكة!
وحين أراد أن يقدم مبادرة عملية لتخفيف التوتر في المنطقة، قال: "إذا كان مقرراً أن نختار موضوعاً من بين الفجائع في المنطقة للبدء في مباحثات جدية، فإن اليمن سيكون نموذجاً جيداً، وقد اقترحَت إيران حلا معقولا وعمليا لتسوية هذه الأزمة المؤلمة وغير الضرورية. فالخطة الرباعية التي قدمتها تدعو إلى وقف إطلاق النار فوراً، وإرسال مساعدات إنسانية الى المدنيين اليمنيين، وتسهيل الحوار بين المجموعات اليمنية داخل البلاد، وفي نهاية الأمر توجيههم إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة".
ولعل أفضل كلمة لوصف هذا الاقتراح، هو أنه ألعوبة لئيمة، فبعد أن فشلت إيران بإتمام احتلال اليمن عبر وكيلها الحوثي، تلجأ للمفاوضات علها تعوض بها ما خسرته بالحرب!
وأكثر ما يدل على كونها ألعوبة قضية المساعدات التي حاولت إيران تقديمها لليمن متجاوزة مركز التفتيش، ولما فشلت وحولت للتفتيش في جيبوتي تبين عدم صلاحيتها وألقيت في البحر!!
الخلاصة:
رسالة ظريف، سمجة، وألعوبة جديدة، يراد بها تحسين سمعة إيران، واستثمار الاتفاق النووي في مد نفوذها عبر مختلف الوسائل الدبلوماسية والعسكرية.
ولذلك فإن مطالبة بعض الأفاضل برد عربي رسمي أو شعبي على رسالة ظريف، هو نوع من إضاعة الوقت والجهد، فمن لا يعترف أصلاً بعدوانه وبغيه، ويطلب الحوار، سيكرر مهزلة المفاوضات العبثية مع إسرائيل عدة عقود، والنتيجة لا شيء.
ولذلك من يقول نحاول ونرمي الكرة في ملعبهم، نقول له: وماذا بعد ذلك، افترض أنك رددت على الرسالة وتبين مباشرة أو بعد مدة أنهم يمارسون الألاعيب، ماذا عندك عندها؟ للأسف الجواب: لا شيء، فلا تضيّع وقتك ووقتنا وجهدك وجهدنا.
وأخيراً هل ظريف، ظريف حقاً، وهل هو جار تُشترى جيرته؟