اتصل بنا
 

الاردن: الاستراتيجيات الحائرة

نيسان ـ نشر في 2020-07-16 الساعة 19:51

نيسان ـ يبدو ان الحديث عن الاستراتيجيات غير منقطع هذه الايام في الاردن خاصة في مجال الطاقة من قبل مختصين ووزراء ووصل الامر الى ان يكتب رئيس الوزراء السابق د.هاني الملقي في هذا الموضوع بعد ان حاورته في هذا الجانب الصحفية فرح مرقه من صحيفة رأي اليوم اللندنية وفي مقاله المنشور في موقع عمون الاخباري الاردني اسهب الملقي في شرح مشكلة الطاقة وتداعياتها على موارد الدولة المالية واكتواء الناس بفاتورة طاقة كهربائية كبيرة تعد الثانية عربيا من حيث الاسعار على ضيق الموارد وشح الامكانيات وتدني مداخيل المواطنين قياسا بدول عربية غنية .
يؤكد الملقي الخبير بشؤون الطاقة ان لا مشكلة ابدا في الاستراتيجية ولكن الخلل يكمن في التنفيذ فمن غير المعقول الذهاب الى بناء استراتيجية جديدة للطاقة فقد كان الاردن في الثمانينات يشكل بيت خبرة في مجال الطاقة سواء في التصميم والبناء او في الاستجرار والتوزيع وقدم خبرات كبيرة لدول عربية عدة في هذا المجال لكن تقلبات اسعار النفط وارتفاعها بشكل كبير ادى الى تراجع في قدرات المملكة على انتاج الطاقة ورفع من كلفتها وبذلك شكل احد اهم عوامل تباطؤ الاستثمار وتراجعه حيث تشكل الطاقة احد مدخلات الانتاج المهمة في اي نشاط استثماري .
ويؤكد الملقي مرة اخرى ان ارتفاع عبء دين شركة الكهرباء الوطنية سببه سياسي وليس اقتصادي وذلك بعد توقف وانقطاع الغاز المصري بشكل متكرر والذي كان يشغل محطة توليد الكهرباء في العقبة والتي تغطي جزءا واسعا من احتياجات المملكة من الطاقة الكهربائية .
في حديث لي مطول مع د. الملقي عن الحلول الممكنة للتخفيف من اعباء وكلف الطاقة على المواطن والمستثمر والصناعي اكد ان اولى خطوات العلاج هو قيام الحكومة ممثلة بالخزينة بتحمل هذا الدين وان تقوم الحكومة بشراء الطاقة الاضافية المولدة سواء بالطرق التقليدية او عبر طاقة الرياح والطاقة الشمسية وان تمنحها بأسعار تنافسية للقطاعات الاقتصادية لتزيد من انتاجيتها وتحسين تنافسيتها وزيادة صادراتها وذلك ينعكس ايجابا بزيادة التدفقات الضريبية للخزينة وهو المورد المهم لتقوم بإنعاش الاقتصاد وضخ الحياة فيه وبالتالي يخلق الفرص الوظيفية ويخفف من البطالة ويحسن من مستويات دخل المواطنين .
الامر المثير للحيرة والدهشة هو خروج وزيرة الطاقة متحدثة عن الصخر الزيتي وانه مخلوط بالتراب بالحجارة ثم حين تسالها المذيعة عن حجم المخزون فتجيب بكل ثقة ….لا اعلم …فهل يمكن بعد هكذا اجابة ان نصدق ان استراتيجية الطاقة الجديدة ستكون بخير .
ندرك جميعا ان مشكلة الطاقة اردنيا عصية على الحل وندرك تماما ايضا ان لغز او احجية تسعير المشتقات النفطية ايضا لا يمكن تفسيره ولو سألنا وزيرة الطاقة لأجابت “بلا اعلم “ وهي في ذلك صادقة تماما وانا اجزم ان تسعير المشتقات النفطية التي يكتوي بها كل اردني هي ايضا قضية سياسية وليست اقتصادية ففي الاقتصاد يمكننا القول ان واحد زائد واحد يساوي اثنان بينما في السياسة يمكن ان يكون الناتج صفرا وهذا ما ينطبق على تسعير المشتقات النفطية فحين كان سعر النفط ١٤٠دولارا للبرميل كانت صفيحة البنزين على سبيل المثال ١٦دينار وحين انخفض السعر الى ما دون ٢٠دولارا اصبحت الصفيحة ١٢دينار وهذا لا يستوي ابدا مع منطق الاقتصاد ولغة الارقام ويعود هذا الانفصام في اللغة الرقمية الى ما تفرضه الحكومة من ضريبة على كل صفيحة ولكن تلك الضريبة لا تظهر ابدا في حسابات الخزينة ولا يدرج مكان انفاقها .
عودة على بدء …هل نحن بحاجة الى استراتيجية جديدة بلا ادنى شك اقول نعم نحن بحاجة الى استراتيجية وطنية جديدة ليس في الطاقة بل في كل شيء استراتيجية تقول لنا الى اين نحن سائرون ..استراتيجية عنوانها المكاشفة والمصارحة تقول لنا اننا في سنة كذا سنكتفي ذاتيا زراعيا وسنستغل كل شبر من اراضي المملكة التي هي صالحة للزراعة وسنرفع الحظر عن استغلال الموارد المائية التي يستنزفها الجيران من كل الاتجاهات بينما نحن ممنوعون من ذلك وسنسمح لكل بيت اردني ان يستغل سطحه لاستغلال الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء ليكتفي كل واحد فينا كهربائيا ونريد استراتيجية وطنية تقول لنا ان المخزون الوطني من مادة النحاس والموجود في ضانا سيتم التنقيب عنه واستخراجه وان الذهب الموجود في جبال وادي عربه والذي يكاد يرى بالعين المجردة سيتم التنقيب عنه واستخراجه بغير ذلك سنظل كمن يطحن الهواء فلا قمحا انتج ولا ظهرا ابقى .

نيسان ـ نشر في 2020-07-16 الساعة 19:51


رأي: د. عبدالمهدي القطامين

الكلمات الأكثر بحثاً