صورة مبتورة الألوان .. سندس بطيحة
نيسان ـ نشر في 2015-04-12
من وحل الذكريات خرجت سحابة سوداء تحمل صورة ممزقة لجرح لم يلتئم بعد ...
كل شيء حولها يذكرها به حتى باتت تخاف أن تنظر لنفسها بالمرآة ... كانت هواجسها تعود إلى نقطة البداية الى تلك اللحظة ...
حين قابلته للوهلة الأولى وسحرت بعيناه التي تفيضان حبا وحنان .. عدا عن وجهه السمح الذي يشرق بالتفاؤل والبهجة وتلك الابتسامة العريضة التي لا تفارق محياه ..
يده المبتورة كانت سببا في نفور الناس منه ... لكنها لم تكن كالآخرين بل ساندته وجعلته يبدع ويثبت للجميع بأنه يستطيع أن يكون نبضا لفؤاد هذه الحياة ...
هي مغرمة به .. تحاول دائما أن تضخ الحب في قلبه وان تنسيه فقده علها تنسى حزنها وتلملم بقاياها بمساعدته ... كانت تستمتع باطعامه ... وبتبديل ملابسه وغسلها ...وبحديثها معه ..كانت تحب تفاصيل حياتها لاجله ...
كان شمعة يضيء ظلام وحدتها بعد ان فقدت هي الاخرى زوجها ... كانت تصطحبه كل يوم الى مقر إبداعه ... وتراقبه بكل تحركاته ... كان جزءا لا يتجزأ منها ... كانت تحبه أكثر من أي شيء ....
وفي يوم كان البرد فيه قارصا والريح عاتية وصوت القصف بالخارج يثير الرعب لم تصطحبه ككل يوم لم يرد ان يزعجها وان يوقظها من مرقدها قبّلها على جبينها وخرج ..
بعد لحظات سمعت الباب يتخبط بشدة ...قامت فزعة ...ذهبت راكضتا نحو الباب .. أحست بان مكروها قد حدث .. وان الفاجعة تكمن في فتح هذا القبر ...
جسدها يرتعش بشدة ..تحلت بشيء من الشجاعة وفتحت جرحها ... رأت حشد من الناس يتجمعون ويولولون ... تملكها الذعر ..
رأت ما لم يكن بالحسبان رأت طفلها وقد اخترق كيانه رصاصة سلبته طفولته واسكبت دمائه نبع عذب ويروي أرضا أصابها القحط لسنوات....
رأت ما كانت تحاول أن تحميه منه منذ أن كان رضيعا ... موته غرس في قلبها وجع لا يبرأ أبدا ... أصابها بحمى الذكريات ..
وجعلها تناضل بشغف لتشرب من دماء هؤلاء القتلة الغاصبين ثأرا لطفلها وزوجها اللذان لم ولن يبرد مجلسيهما في فكرها وقلبها ..... كانت توقن أنها يوما ما ستعانق روحها آفاق السماء وتلتقي بهما ...