اتصل بنا
 

حوادث التسمُّم في الأردن..أيُّها الفقراء كونوا نباتيين

نيسان ـ نشر في 2020-08-03 الساعة 11:09

نيسان ـ صوص يركض نحوي؛ صوص بريش ذي لون ورديّ أو هكذا تراءى ليَّ. تمحصّته برهةً، ثم تساءلت: كيف استطاع الصّوص أن يفرّ من قفص غليظ القضبان؟! ربّما سنح له تشاغل البائع عنه بالفرار، لكنّ البائع استشعر دبيب قدميه فاستعاده بقبضته، وعاد الصّوص الشقيّ سجينًا مع أقرانه في سوق الّلحوم داخل وسط البلد. ليس مريعًا أن تستنشق رائحة الصّرف الصِّحي والجزّار يقطّع اللحم قطعًا تتناسب ورغبة الزبون الذي اِضطر أَنْ يبتاع الّلحم من سوق يسبح فيه الذباب في نهور الدماء المتشعّبة. سعيت إلى أن استفهم من هؤلاء كيف يأكلون لحمًا كهذا؛ فحصلت على إجابة صارمة:"إذا لم نأكل لحمًا من هنا، فلن نستطيع أن نأكله قطّ".
حادثة تسمُّم منطقة "عين الباشا" وغيرها من الحوادثَ لا تنفصم عمّا ذكرته آنفًا؛ ليس لأنّني أبتغي حياكة الحادثتين بإبرة واحدة، ولكنّ حوادث التسمُّم في الأردن تتسم بالطابعِ السّرمديّ، كما أَنّ الفقرَ والاملاقَ سرمديان في مجتمعٍ يستطعم فقراؤه اللّحم من فضلات وبقايا الأثرياء، والذين يتأفّفون من التخمةِ. فلماذا الّلحم في مطاعم (دابوق وعبدون) وغيرها من مناطق (أصحابُ الكروشِ الملساءَ) لا يُسمِّم؟! فليجبْ القرَّاءُ.
قبل ثلاث سنوات؛ تحالفت الصّدفة مع الفقراء واستنقذتهم من دجاج (فاسد) كادَ أن يذوب في أمعائهم المرهفة؛ إلّا أنّ المصادفات حالت دون حصول المتبرّعين على الثناءِ الإلهي (الحسنات)، وذلك بعد أن ضبطت الأجهزة المعنيّة هذا الدجاج الفاسد، والذي تبرّع به محتكرو تجارة الّلحوم في الأردن (كارتلات الّلحوم) إلى الفقراء في المحافظات التي تستبدّ بها الفاقة.
وفي مِعرض تسويغه لما جرى من حالات تسمُّم؛ قال مدير عام مؤسّسة الغذاءِ والدّواء:"أنّ الرقابة ليست مسؤوليتنا". لكنّ عطوفته (مدير دائرة المشتريات سابقًا) سرعان ما تدارك هذه الزّلة، وأوكد أنّ المسؤولية الرقابيّة هي مسؤوليّة مؤسّسة الغذاء والدواء، أيّ ليستْ مسؤولية وزارة الخارجية وشؤون المغتربين.
وفي الخلاصة؛ تقترح فرضيات (أرسطو) أن نعرّف الفساد كعملية لا بدّ لها من نهاية، أي أن الفساد يلاعب نفسه بنفسه. كما أنّه لا يمكن للفساد أن يكون أبديًّا. ليس هناك ما يمكن وصفه كعمليّة أبدية من قبول الفساد، فالفساد من خلال فعل التحوّل الراديكالي ذاته الذي يميّزه يصل إلى نهايته الخاصّة.

نيسان ـ نشر في 2020-08-03 الساعة 11:09


رأي: كريم الزغيّر

الكلمات الأكثر بحثاً