اتصل بنا
 

شعبويّو الافتراض الوهمي

قاص واعلامي اردني

نيسان ـ نشر في 2020-08-28 الساعة 12:27

نيسان ـ هل نريد للأرض أن تنشقّ وتبلعنا، فلا كنّا، ولا كان لنا معنى؟ ما الذي يريده، بالضبط، شعبويّو الافتراض الوهمي؟؟ وإن لم يكن، بعضكم، قد التقط، بعد، معنى المصطلح، ومراميه التي أود أن آخذكم، من بعد إذنكم، نحوها، فهم: أبطال فضاء أزرق لا وجود حقيقيّ له فوق أرض الواقع. هم من تصطاد مجسّات بحثهم عن ذاتهم، ما يود (الجمهور) أن يسمعه، فينهالون عليه، دون هوادة، بديباجاتٍ لا ناظمَ لها، تحت عنوان: "ما يطلبه المستمعون".
يسمعون هسيس أن لا وجود لفيروس كورونا، فيبدأون التصفيق والطيران منخفض التحليق حول الفكرة ذاتها. يتناهى إلى مسامعهم أن المِزاج العام ليس مع إقامة مِهرجان جرش، فيا ويلنا منهم، ساعتها، وويل أهلنا في الحضر والريف والبوادي، مما سوف يكتبون، مكفّرين المِهرجان الوطني الممتدة جذوره فوق أرض راسخة، هي ليست بالضرورة المدينة التاريخية نفسها فقط؛ بل كل ركن من أركان الوطن، وعماده، وواسطات وقوفه على قدميه، وتمسكه ببعض حلم، في مثل حجم الورد.
التقدميّ، الثوريّ، الوطنيّ الحقيقيّ، المثقف العضويّ يا سادة، ليس الذي ينتخب السهل، فيركبه، ويختار ما يؤهله على اللعب فوق أوتار العواطف، فيسلكه، لا والله. بل الثوريّ هو الذي يتحمّل الصعاب جميعها، وصولاً للتكفير والتخوين والشيطنة، ليظل ممسكاً بجمر الحقيقة، وربما لمحةً، ولو عابرةً، من فرصةِ تغييرٍ ممكنةٍ لسائدٍ سادرٍ فوق العقول، لمتعارفٍ ومتوافقٍ عليه، شاءت حظوظُنا العاثرةُ، أن يكون هذا التوافقُ قائماً على جهلٍ، أو على غيرِ وجهِ حق.
هل يعلم من دفعوا أصحاب القرار، إلى تجميد إقامة مِهرجان جرش لهذا العام، كم أسرةٍ يعمل ربُّها في حقل الفن، تنتظر أي عائد مهما تناهى صغر دنانيره؟؟؟
هل يعلمون، وأظنهم يعلمون ويحيدون مدفوعين بشعبويتهم الضالة المضللة، أن دورة هذا العام، كانت للفنانين الأردنيين فقط، وفقط لا غير؟؟؟؟
هل يعلمون، وأظنهم هنا لا يعلمون، لأنهم لا يبحثون، ولا يتقصّون، ولا يأبهون، أن دورة هذا العام، كانت ستقتصر على حفل واحد فقط (افتتاح وختام في الحفل نفسه) تنتصر مفرداته للأردن تاريخاً، ومواكب عز، ومفاعيل فعل، وأبجديات وجود، ومئوية دولة؟؟؟؟؟
هل يعلمون أن حرّاث الأنباط، وزحف ميشع، وجند الأردن في أكناف بيت المقدس، والدفق المؤابيّ المنتصر لفلسطين، وأعز العناوين وأجلّها، وحاميات مادبا، ودفاتر ذيبان، ونقوش البازلت، وسنوات الصبر والرضا، وأشجان الرماح في فيافي الفخار، وبنت الحارث الرابع ينتصر لها الملوك، ويفديها رجال الوطن، وسواقي جرش، وشريعة الريّ في مسارب البتراء، ومراكب البحر، ومطالب البر، ومواعيد النصر، وصناديد الجهر، وأوجاع القهر، وقصص أخرى كثيرة، وحكايات ترويها الجدات للحياة، كانت من بين تفاصيل الحفليْن المشار إليهما أعلاه؟؟؟؟؟؟
يقول الباحث الأمريكي مارك فلورباي من جامعة برينستون، إن الشعبوية هي: "البحث من قبل سياسيين يحظون بكاريزما، عن دعم شعبي مباشر، في خطاب عام يتحدى المؤسسات التقليدية الديمقراطية".
أمّا أنا فأقول: إن الشعبوية هي أن يتبرع الصديق أحمد حسن الزعبي، على سبيل المثال، لـ(هرمسة) حلم إقامة لحظة فرح، وسط كل هذا القحط والانكفاء، ويعمل على (تبشيع) مرامي هذا الحلم، وتكسير أجنحةٍ واعدةٍ، لأصواتٍ أردنية، تتلمس حصى خطواتها، وتنبض قلوبها حين ترى ألوان علم بلادها.
الشعبوية أن يمنع من لا يتقنون حمل الشعلة، حَمَلتَها، وحُماتَها، ورعاةَ أوَّلِها، من أن يجعلونها تضيء، وسط كل هذه العتمات المتربص بها وباء لئيم، المقيّدة بأغلالِ جائحةٍ طائشة، هي جائحة الجهل والتلفيق والنعيق.

نيسان ـ نشر في 2020-08-28 الساعة 12:27


رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً