اتصل بنا
 

فيروز يا لقمان؟.. لله درّك ما أحلاك وما أمرّك!

نيسان ـ نشر في 2020-09-03 الساعة 10:03

x
نيسان ـ صحيفة نيسان- محمد قبيلات
اسمعوا أيها السادة؛ انا أحب الصحافي والأديب الألمعي لقمان اسكندر، لكن حبي له مشوب بالحذر، فأنا، وأعوذ بالله منها كلمة أنا، وما أن أشرع بقراءة مقالته في صحيفة نيسان، حتى يسحرني عنوانه، لكنني أتحوط بكم هائل من الحذر، وأتريث في أرخاء حبال الراحة والرضا إلى أن أكمل الفقرة الأولى، لأعترف له، حينها فقط، بجمال العنوان، وأؤجل الحكم على الفقرة الأولى حتى أكمل المقالة، تاركا العنان لحالة من الرضا غير المطمئن.
هي حالة تتمدد في مساحات الشك والتحيز والفحص، حتى أكمل مقالته، فأجدد لنفسي تصريح العبور المؤقت في حبه، وكل ذلك يجري أصلًا بانحياز مسبق لصالحه، مشفوعا بشيء من التواطؤ والتجاوز عن مقولاته وانحيازاته الأيدلوجية.
لِمَ ذلك كله؟!
لأنني أساسًا غير مقتنع، أو لا أحب أن أقتنع، بأنه يمكن للتيار الاسلامي أن يُخرج من بين صفوفه أديبا أو مثقفا جدليا، والأمر لا يتعلق بلقمان كلقمان ولا بالاسلاميين كأسلاميين على وجه التحديد، بل بالتيارات الشمولية التي تتصدى للحلول الجذرية عامة، فبيئتها غير صالحة للابداع.
وبمعنى أدق؛ هي ساحة للسطوة والهيمنة الكاملة للأحداث المرحلية على مجال التخيّل والرومانسية، ولعل هذا يفسر لنا، أو يسهّل علينا، فهم المقارنة بين الأدب الروسي والأدب السوفياتي، مع ملاحظة أن الحالة مختلفة فيما يخص أدب المقاومة الفلسطينية إلى ما قبل ظهور حماس والجهاد الاسلامي، والمقاومة اللبنانية قبل هيمنة حركة أمل وحزب الله على الجنوب اللبناني.
مناسبة هذا الحديث مقالة لقمان اسكندر عن استقبال فيروز للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقد فعلها دون غيره من الكتاب والصحافيين، في حدود اطلاعي، والانفراد هنا ربما لأنه ليس من السهل أن يهاجم مثقف يساري أو قومي فيروز أو حتى ابنها زياد، إذ يُظهر هؤلاء المثقفون حبهم، نظريا، لفيروز ولا يفتأون يؤكدون أنهم لا يستفيقون من غفواتهم إلّا إذا صدحت فيروز وهمّوا بارتشافها مع قهواتهم الصباحية.
هنا تذكرت أن المصريين عموما لا يحبون فيروز، فقد أهديت في مطلع التسعينيات لصديقي اليساري المثقف المصري كاسيتا جديدا حينها لفيروز، فما أن وصل بيته وسمع حتى هاتفني صائحا: ( آيه يا محمد.. آيه الرزع ده) ولعل السبب أن آذان المصريين لا تستسيغ الأصوات والايقاعات الجبلية، بل إنها تميل للفرح البسيط المرتبط أصلا بالابتهاج الذي يبثه الغمر الناجم عن فيضان وادي النيل تاريخيا، أو لأن مصر بالاساس لا تستوعب الآخر إلّا اذا هضمته، لكن طبقة المثقفين والفنانين هناك يكابرون على ذائقتهم التاريخية، إن صح التعبير، في سبيل مُرَاءاة ما، ويدّعون بفيروز حبا.
ما علينا، ولا عليكم من تلك الشطحات، نرجع مرجوعنا إلى اسكندر، فبرغم اختلافي، الشديد، مع منطلقاته الفكرية ومنهجياته في التحليل، لكني لا أجد نفسي، في هذه المرة، كما كل مرة، إلّا كاظمًا غيظي منه، ومتفقا معه، لائمًا فيروز على فعلتها، ولقد كان رد فعلي الداخلي الأولي، لدى سماعي بخبر الزيارة، العتب عليها، ليس شخصيا، بل على صورتها، فلقد كان من الأنسب، حسب المتخيّل لديّ، أن ترفض بقامتها الفنية العالية استقبال ماكرون، برغم أنه أول رئيس فرنسي يعتذر للشعب الجزائري عما ارتكبت فرنسا الاستعمارية بحق الجزائريين من فظائع، نعم، ترفض استقباله كونه رئيس الدولة صاحبة التاريخ الاستعماري البشع، حيث قُتِل أكثر من سبعة ملايين جزائري، حسب مذكرات بن بيلا، إبان حقبة الاستعمار ( 1830 - 1962).
وعلى لقمان السلام.

نيسان ـ نشر في 2020-09-03 الساعة 10:03

الكلمات الأكثر بحثاً