اتصل بنا
 

الاعتداء على باص الأمن في الكرك.. كيف نحصّن قلوبنا من وباء العدائية؟

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2020-09-03 الساعة 13:51

الاعتداء على باص الأمن في الكرك..
نيسان ـ إبراهيم قبيلات..دورية أمنية تريد إغلاق محال تجارية تطبيقاً للحظر الليلي الذي لا يزال سارياً لمواجهة فايروس كورونا، فكان ذلك سبباً في وقوع أعمال شغب في لواء فقوع بمحافظة الكرك.
مثل كثيرين ساءني ما حدث لباص رجال الأمن في الكرك، ولا سيما انها ليست المرة الأولى التي تقع فيها أعمال شغب مماثلة في الكرك، فرحت أسأل نفسي ما الذي وتّر العلاقة بين رجال الشرطة والناس؟ وما الذي أوصل العلاقة بين الأردنيين في القرى الفقيرة والشرطة إلى هذا الحد من الاستفزاز؟.
في البدء، علينا أن نفكّر خارج الصندوق، لنتمكن من رؤية الجوانب "المنسية" في مشهد لا نريده أن يتكرر، ولا سيما أن مقاطع الفيديو مؤذية، حتى أنك لا تستطيع ان تكمل مشاهدتها وانت في صحة نفسية طبيعية.
أولاً؛ من لا يتذكر أن المعتدين على باص الأمن العام في الكرك يعانون كثيراً فهو ظالم، وظالم أيضاً من لا يقر بخروجهم على هيبة القانون وأن عليهم أن ينالوا عقابهم لما اقترفت أيديهم.
أسوق هذا لأنه علينا ان نتذكر الزاويتين جيداً؛ لنرى المشهد المؤلم حقاً؛ فنستطيع الولوج إلى قلب الأزمة، لمناقشتها بعيداً عن أجواء الشحن والكره والعدائية، التي لن تزيدنا إلا شيطنة ونفوراً.
فجأة، صرنا بمواجهة فيديو للشباب يمطرون باص أمن في الكرك بالحجارة والهراوات، فيما الباص وسائقه وعناصره يحاولون الانفلات من غضب أشخاص قرروا أن يتحولوا إلى خارجين عن القانون.
دائما ما كنا نقول أن عنصر الأمن سواء البشري أو المفهوم الاجتماعي للأمن هو أول ضحايا إجراءات الحكومات الفاشلة، ودائما تخطئ الحكومات المتعاقبة في سياساتها وفلسفة إدراتها للملفات المحلية؛ فتتشارك المؤسسات الأمنية والمجتمع بدفع أثمان باهظة؛ لنزع فتائل صواعق تداعيات غياب الثقة بين الرسمي والمجتمع.
مهلاً، هذا مجدداً لا يعني أن الخارج عن القانون صار محقاً، نحن نريد أن نحصّن بيئتنا وقلوبنا على اتساعها أمام وباء الكراهية والعدائية.
في الحقيقة، تعبّر المشاهد المستفزة أولا عن فقدان الثقة برواية الحكومة، وتعبّر ثانياً عن أن كل ما كنا نقوله من أن إجراءات الحكومة ستواجه صعوبة في تنفيذها؛ لان الناس لا تثق ولا تريد أن تثق بلسان الحكومة.
وتعبر ثالثاً عن أن الناس يعانون حالة اقتصادية صعبة، يزيدها صعوبة تخبط الحكومة في قراراتها وعدم تقديمها بدائل مريحة للناس.
لكن ما علاقة هذا برجل الأمن؟ والاعتداء عليه وإهانته؟.
العلاقة ليست تبادل أدوار، إنما هي بمثابة إعلان رسمي عن نفاد سلة الحكومة من أية خيارات حقيقية تعيد الناس بها إلى غرفة الطمأنينة على مستقبلها وأمنها الاقتصادي والمعيشي.
بقي أن نقول، علينا أن نفتح صدورنا لبعضنا البعض، وعلينا أن نؤمن بالشراكة الإنسانية بيننا وبين رجال الأمن، وعلينا أن نفتح قلوبنا فيدخلها الأكسجين حباً ووئاماً، ويمسح عنها الغم والهم، فلا أجمل من "أخوة" يغلّفها الوعي، ويسندها الإيمان المطلق بتكاملية المدني للعسكر؛ فتصبح قلوبناحينها فقط محصّنة من أفخاخ الكراهية والعدائية.

نيسان ـ نشر في 2020-09-03 الساعة 13:51


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً