سقوط البنيان : ( الأزهر الشريف نموذجاً )

خـــطـــبُ ألــــــم بــإمــتــي وبـــــلاءُ ... وتــسـابـقـت فـــــي بـــثــه الأنــبــاءُ
صــــرحٌ مــــن الـبـنـيـان زال بــريـقـهُ ... وتـحـكـمت فـــي هـدمـه الأهــواءُ
صـرخـت بـوجـه الـصـرح أعـظمُ أمـةٍ ... عـــربـــيــة ِأمـــجـــادهــا الأصـــــــداءُ
لا يـرتـضي الإسـفـاف فـي إكـباره ... بــثـوابـتٍ فــــي الـعـالـمـين تُــضــاءُ
لا يـرتـضـي ذلاً ولـــو مـــن هــامـةٍ ... لــهـا تـنـحـني الألـقـابُ والأسـمـاءُ
* * * ... * * *
بـــه يـحـتـمي كــلُ الـقـبائل رفـعـةً ... لــتـنـال مــــن تــلـك الـعـلـوم ثــنـاءُ
هــذا الـبـناءُ الـضـخمُ أنـجـبَ قــادةً ... فــيــهـم حـــمــاةٌ لــلــعـلا أصـــــلاءُ
رسـموا مـعالم نهضةٍ من فكرهم ... فــاخــضـوضـرت بــفــعـالـم بـــيـــداءُ
نــــورٌ تــــلألأ فـــي ســمـاء عــوالـمٍ ... كـــانــت تــغــارٌ لـحـمـلـها الــجــوزاءُ
دانــت لـهـذا الـصـرح جـل مـدارسٍ ... إن نــالــهـا مـــــن أجـــلــه الإيــــذاءُ
* * * ... * * *
الــصــرحُ أّمّــــنَ لــلـوفـودِ إقــامــة ً ... وتــعــجــبــت لــفــعــالــه الــــنــــزلاءُ
الـــصــرحُ خـــــرجَ لــلـعـبـادِ عـمـائـمـاً ... حـمـلـت كــنـوز َ عـلـومـه الـفـقهاءُ
بـالـجـد يـعـملُ كــي يـظـل رحـيـقه ... عــطــراً يــطـيـبُ وروضـــة ً فـيـحـاء
والـشـامُ تـنـهلُ والـعـرقٌ وتـونسٍ ... وتـمـايـلت مـــن حـقـدهـا الأعـــداءُ
وتــفـاخـرت أرضُ الـكـنـانةِ بـهـجـةً ً ... وقــصــورنـا الــخــضـراءُ والــحــمـراءُ
* * * ... * * *
وتـنـافست سـبل الـمعارفِ وحـدةً ... وتـسـابـقت فــي وردهــا الأشـيـاءُ
هـذي الـمكارم جُمِعت في (أزهرٍ) ... مـــن قــبـلِ أن يـتـدخـل الـسـفهاءُ
هــذي هــي الـبـلدان قـبـل ولادةٍ ... وتـــغـــربٍ هـــــو دمـــيــةٍ جـــوفــاءُ
وتــعـاقـب الــخـذلان فـــي بـنـيـانه ... مــــذ وســــدت لأمـــوره الــرؤسـاءُ
وتـحـطمت قـمـم الـمـعارف فـجـأةً ... وأســتــأسـد الأقــــزام والــجـهـلاءُ
والظلمُ عشعش والنفوس تغيرت ... وتــبـدلـت طــيـبَ الـنـفـوس جــفـاءُ
* * * ... * * *
وتـنـاثـرت جــمـعُ الـمـذاهـبِ فـرقـةً ... و(الـلامـذهـبـيـةُ ) بـــلــوةٌ كـــــأداءُ
مـــاذا جـــرى لـلـصـرح أيـــن ربـيـعَهُ ... مــــذ كـــان يـعـطـي لـلـمـجد ثــنـاءُ
يـــا (أزهــر) الإســلام أنــت مـلاذنـا ... لــنــجــاةِ جـــيـــلٍ يــعـتـلـيـه غـــثــاءُ
يـــا (أزهــر الإســلام) أنــت عـمـادنا ... لــبــنـاة ِ جـــيــلٍ حـلـمـهـم جــــوزاءُ
أيــن الأمـانةَ قـد نـقضت لـعهدها ... مــــن أجــــل فـانـيـةٍ وخـــابَ رجـــاءُ
* * * ... * * *
مــــــن لــلــبــلاد إذا تـــهــاوت ردةً ... وتـسـابقت فــي غـيـها الـسـفهاءُ
مـــن لـلـمعاهدِ فــي ربــوع بـلادنـا ... إن أُســـدلــت بــربـوعـهـا الإ فــتــاءُ
وتـشـعـبت بـعـد الـهـلاكِ مـدارسـاً ... وتـشـتـت فـــي مـهـدهـا الأرجـــاءُ
وتـبـعـثـر الـفـكـر الـقـويـمُ لــقـادة ٍ ... و تـحـكـمت فـــي نـشـرهِ الـبـغضاءُ
وتـحـطـمتْ عُــمـدُ الــبـلاد وزلــزلـت ... أركــــــانُ مـــجـــدٍ لــلــعُــلا عــلــمـاءُ
* * * ... * * *
وتــعـالـت الأصـــوات فـــوقَ مـنـابـرٍ ... لـتـشـيـد مــــا بــذلـوا بـــه الأمـــراءُ
أنــا أزهـريُ الـفكر صـوفي الـهوى ... وبــحــبِ أحــمــدَ يـنـطـقُ الـشـعـراءُ
ويـظـل شـعري هـائماً فـي حـبكم ... والـعـشقُ فــي دربِ الـمـحبِ بـقاءُ
هـــذا هـــو الـخـطبُ الـكـبيرُ لامــةٍ ... تـرجـوا الـنـهوض لـمـجدها الأبـنـاءُ
ويــعــودُ لـلـبـنـيان صــحــوةَ قـــادةٍ ... تَــعــلـوا ويُــعـلـى لـلـسـمـاءِ بــنــاءُ
* * * ... * * *
ويـــعــودُ لـلـبـنـيان زهــــوَ كــرامــةٍ ... بـــدعــاءِ صـــــدقٍ يــعـتـريـه رجـــــاءُ
والـشـعـرُ مـفـتـاح الـقـلـوبِ لــوالـهٍ ... تــــزدانُ حـسـنـاً أحــرفـي الـخـضـراءُ
ولــروضـةِ الأحـبـاب جــلُ قـصـائدي ... وبــدمـعـةِ الــحـمـد الـجـزيـل رجـــاءُ