اتصل بنا
 

لماذا انهار تحالف التيار المدني؟

نيسان ـ نشر في 2020-09-08

x
نيسان ـ نيسان- خاص... مشكلة الأحزاب البرامجية جميعا، والتي تأسست بعد انفراجة الديموقراطية مطلع التسعينيات من القرن الماضي، انها لا تمتلك البرامج السياسية، أي إنها في الحقيقة غير برامجية، بل هي مجرد التفاف مجموعة من المريدين حول شخصية سياسية ملفوظة خارج أسوار المنظومة السياسية، فتمارس هذه الشخصيات فعاليتها السياسية، بالحرد والمناكفة والابتزاز السياسي، مستثمرة عواطف الشباب وتوقهم إلى بناء دولة القانون والمؤسسات، ومستغلة العمل الحزبي، في سبيل العودة إلى الكرسي من خلال حفلات الأعراس الوطنية الموسومة بها ( رسميّا) العملية الديموقراطية.
والتحالف المدني، برغم كل الضجيج المدني الذي أثاره عند تأسيسه، لم يشذ كثيرا عن هذه القاعدة، فلقد ركبت عربته الأولى بعض الشخصيات للوصول إلى البرلمان، بل الوصول إلى الدوار الرابع، وقد تخلصوا من فكرة المدنية بالقاء شعاراتها من الشبابيك قبل محطة الوصول.
ولو أردنا أن نسمي الأشياء بأسمائها، مبتعدين عن لغة المجاملات والطبطبات، لقلنا أن التحالف بُني على تعاضد المصالح المؤقتة لأربع شخصيات سياسية، شخصيات وليست تيارات، ومع الكثير من الأسف فإن هذه الشخصيات دخلت التحالف بأجندات جهوية، وهي أبعد ما تكون عن فكرة المدنية، وما جاءت إلى التحالف المدني إلّا لحصد المغانم الفورية، من دون أي مراعاة للمصالح الوطنية العليا، أو اعتبار لتلك العواطف الجياشة الصادقة لدى شباب التيار وجمهوره، المتعطشين فعلا لتجذير مدنية الدولة.
لقد كانت الأجواء السياسية مواتية لنمو تيار التحالف المدني، وليس أدل على ذلك من حراك الدوار الرابع، الذي أسقط حكومة الدكتور هاني الملقي، لكن ما كان ينقص التيار هو الايمان الحقيقي بفكرة الدولة المدنية، وليس السعي للحصول على فتات المحاصصة، وقد عبّر عن ذلك الدكتور مروان المعشر ، حين وصف الخلافات بأنها غير سياسية، أي انها غير فكرية، وهذا ليس لأن الجمع متوافقون على الفكر السياسي للتيار، بل لأنهم لا يحملون الفكر المدني أصلًا، بل جاءوا شَتَاتًا مدفوعين بأفكارهم الجهوية الساعية للعبِ على وتريات المحاصصة.
طبعًا، لا يمكن إغفال دور قانون الانتخاب الذي صُمِمَ، عن سبق إصرار وقصد، لخنق أي تجربة حزبية، فكيف نلوم الأحزاب على ضعفها وعدم قدرتها على العمل والاستمرار والنمو، في ظل قانون انتخاب يتعمد محاصرة الأحزاب والتيارات السياسية.
ومن المؤسف أن هذه الحال ستستمر، ما دامت الذهنية العرفية تستوطن وتتحكم في تشكيل العملية السياسية، وما دامت الطبقة السياسية تتشكل وتتدرج ضمن الآليات والطرق المتخلفة السائدة إلى يومنا هذا.

نيسان ـ نشر في 2020-09-08

الكلمات الأكثر بحثاً