أبو بدر في مجلس النواب !!

نيسان ـ من عجائب قوانين الانتخاب ومخرجاتها أن نواب الدوائر الأعلى نسبة في التصويت هم الأقل فاعلية في المجلس ، بينما يكون النواب في الدوائر ذات النسبة الأقل تصويتا هم الأكثر فاعلية وتأثيرا وتتمثيلا للشعب ، وهكذا فقد استطاعت حكوماتنا أن تثبت لنا أن الإقبال على الانتخابات وارتفاع نسبة المشاركة فيها هو دليل تخلّف وعنوان عصبية وترسيخ لمفاهيم القبيلة مقابل مفاهيم الدولة ،وأن دائرة مثل الدائرة الثالثة ( نسبة الاقتراع فيها 19% وهي أقل نسبة في المملكة )ويمثل نوابها عدّة جبال في عمان هي الأقدر على فرز نواب حقيقين مقابل دائرة مثل دائرة بدو الجنوب(نسبة الاقتراع فيها 69%وهي الأعلى في المملكة ويمثلون مناطق تقارب 45% من مساحة المملكة ) تفرز نوابا يستطيعون أن يمضوا في المجلس أربع سنوات لايقدمون فيها سؤالا ولايحجبون ثقة ،ولايحققون مطلبا ويبصمون على كل القوانين الجائرة التي تجترحها الحكومات المتعاقبة ودورهم كدور " أبي بدر" في مسلسل باب الحارة الشهير .
عندما قررت حكومة ما ، كان يرسم سياساتها المندوب السامي في شرق الأردن أن تمثيل البدو في مجالس النواب يجب أن يكون ضمن دوائر مغلقة لصعوبة مشاركتهم في الانتخابات وارتفاع نسبة الأمية بينهم وتفرقهم في الصحراء لأن الغالبية العظمى منهم كان من البدو الرحل ،وكانت تقوم بجمع "شيوخ القبائل فيحضرون إلى عمان ويبيتون تلك الليلة في "فندق الملك غازي " في وسط البلد وفي اليوم التالي يختارون من بينهم أحد المشايخ ليكون نائبا عن البدو استكمالا للديكور التمثيلي ، في ذلك الزمان كانت الأمية متفشية والتخلّف عنوان المرحلة ،وهذا الشان مرّ عليه أكثر من 90 عاما ومازالت الحكومات تنظر للبدو بالعين ذاتها التي نظر فيها المندوب السامي عندما اقترح أنهم لايصلحون إلا جنودا في عسكر أبي حنيك وقوات البادية .
إن أبناء البادية جزء من المجتمع الأردني وهم قادرون على المشاركة والمنافسة دون وصاية من الحكومات التي تسمي مواد القانون هذه "بالتمييز الإيجابي".
البدو الآن يسكن بعضهم "دابوق" ودير غبار " ويشارك منهم أشخاص بفاعلية في الفساد والتهريب والتهرب الضريبي كأي متنفذ نشأ وترعرع في ظل قوانين الانتخاب الجائرة على امتداد مئة عام من التجريب بالشعب.
لانريد قانونا يميز بيننا وبين الأردنيين ،ولانريد تمييزا إيجابيا ،فقط نريد حقنا في الترشح في الدائرة الثالثة والثانية وبني كنانة والمفرق كأي مواطن أردني....نريد حقنا الدستوري.