اتصل بنا
 

ما تنظيم الدولة هذا؟!

كاتب سوري

نيسان ـ نشر في 2015-08-14 الساعة 16:45

نيسان ـ النكات التي يستخدمها "العالم المتمدن" وأذياله في المنطقة العربية لقصف الشعب السوري وتدمير حضارته وتاريخه، أصبحت سمجة جداً، خاصة بعد تفجير "أبها" في بلاد الحرمين. بدأت المسألة بالولايات المتحدة الأمريكية حيث أعلنت أن تنظيم الدولة في سورية خطر على الأمن القومي الأمريكي، وشيئاً فشيئاً استطاعت أن تحول العالم إلى الحرب عليه بدلاً من قتال بشار الأسد الخطر على الإنسانية جمعاء. قالت واشنطن إن تنظيم الدولة هو صنيعة الأسد وإيران، وتبعها في ذلك عدد كبير من محللي الفيس بوك، ومع ذلك قامت بقصف التنظيم أي صنيعة الأسد ولم تقصف الأسد نفسه، واتفقت مع إيران على حربه أيضاً. نهجَ الغربيون طريق الولايات المتحدة نفسه، وفجأة أصبحت باريس معرضة لخطر تنظيم الدولة الإسلامية، الذي استطاع الولوج إلى قلب العاصمة الفرنسية، وفي وضح النهار، ليهاجم صحيفة شارلي إيبدو، وبالتالي قامت الحكومة الفرنسية بالانخراط في الحرب على إرهاب التنظيم في سورية، وليس في فرنسا، وهذا ما فعلته بريطانيا أيضاً، إذ انتقمت من مهاجمي فندق سوسة في تونس بقصفها للمدن السورية. بقي من مدّعي صداقة الشعب السوري بعض الدول، ولكن الراعي الأمريكي، أقصد راعي البقر، استمر في ضغطه على البقية الباقية من الدول الإقليمية، كي تقاتل الثورة السورية دفاعاً عن استمرار بشار في الحكم. اشتركت الأردن والسعودية والإمارات في الحرب على الإرهاب، وقامت الإمارات بإسقاط طائرة أردنية، لتغيير الرأي العام المحلي تجاه الحملة على الشعب السوري، وتم إعدام الكساسبة حرقاً وبدأت الطائرات الأردنية تشن الهجمات على الرقة بدلاً من تل أبيب. ثم حدثت نكتة تفجير "سروج" في تركيا، وأيضاً بيد تنظيم الدولة، فاشتركت أنقرة في الحرب على الإرهاب أيضاً، مخطئة بذلك خطأ إستراتيجياُ عميقاً، سيكلفها الكثير على المدى المتوسط والبعيد، وأخيراً حدث تفجير "أبها" أيضاً لكي لا يبقى للشعب السوري من يدافع عنه إلا سواعد أبنائه، ولعل في هذا خيراً كثيراً. ما تنظيم الدولة هذا، يضرب في سورية والسعودية والعراق واليمن وليبيا ومصر، ويصل أعضاؤه إلى فرنسا، ويهدد أمن أمريكا، ويخيف نصف سكان الكرة الأرضية، ويتمدد بالرغم من الحرب الضروس عليه، إذاً هل علينا أن نبدي إعجابنا به، وأن نقارنه ببريطانيا العظمى أو ألمانيا هتلر؟ المشكلة الأشد، أن تلك الدول، عالمية كانت أو إقليمية، تضحي بشعبها وتقتل من أبنائها وتفجّر في مدنها لتتحكم "بجمهور القطيع" وتنقل الرأي العام لتأييد الحرب على الجميع اللهم إلا الأسد. يجب أن يكون واضحاً أن الأمر لن يتوقف عند حدود التنظيم، بل سيتم الاعتداء على الثوار كلهم من جيش الفتح إلى الجيش الحر، فالقصد هو تشتيت الأنظار عن جرائم بشار الأسد. قامت طائرات الشبيحة أمس بقصف سوق شعبية في إدلب ذهب ضحيته عشرات الشهداء، ثم قامت قوات التحالف بالرد على هذه الجريمة بقصف الثوار السوريين من جيش الفتح، فقتلت العشرات أيضاً. لم يحدث أي خطأ على الإطلاق بتناوب قوات التحالف وقوات الأسد في قصف سورية، فالأولى تقصف الثوار وتدمر البنى التحتية، وتقوم الثانية بقتل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم. إذاً ما هي الحكومات الصديقة للشعب السوري والتي تساعده في هذه المحنة، تركيا مشغولة بحزب العمال، السعودية بعاصفة الحزم، دول عديدة تقصف الشمال السوري، الأوروبيون وأذيالهم يحاربون الإرهاب السني، ومصر مشغولة بتسميم الرئيس محمد مرسي. من الواضح أن أحداً لن ينصر هذه الثورة، ولن يحرر سورية إلا رجالها طال الزمن أو قصر. المحزن، أن تجد، مع كل ذلك، بعض ثوار سوريا وقد ائتمروا بأوامر أعدائنا وأعدائهم.

نيسان ـ نشر في 2015-08-14 الساعة 16:45

الكلمات الأكثر بحثاً