نشأة وتطور المجالس التشريعية والنيابية في الأردن:(مرحلة الإمارة) (4)
د. فيصل الغويين
أكاديمي أردني
نيسان ـ نشر في 2020-09-29 الساعة 13:20
نيسان ـ المجلس التشريعي الرابع: (1/ 11/ 1937 – 1/ 11/ 1942)
أجريت انتخابات هذا المجلس في 16 تشرين الأول 1937، في عهد حكومة ابراهيم هاشم الأولى، وبدأت دورته الأولى في 1 تشرين الثاني. تدخلت الحكومة بطريقة غير مباشرة في اختيار أعضاء المجلس التشريعي بطريقة اتسمت بعمق التفكير، واستغلال السلطة بطريقة غير مباشرة؛ فقد سمحت الحكومة بتشكيل حزب سياسي قبل بدء الانتخابات بشهر، وهو “حزب الإخاء الأردني”، حيث فاز ثمانية أعضاء من الحزب بعضوية المجلس.
وتألف هذا المجلس على النحو التالي:
1- لواء البلقاء: ماجد العدوان، صبري الطباع، سعود النابلسي، شوكت حميد، حسين خواجا، خليل السكر.
2- لواء عجلون: عبد الله الكليب الشريدة، محمود الفنيش، محمد حجازي، سلطي الابراهيم.
3- لواء الكرك ومعان: رفيفان المجالي، صالح العوران، محمود كريشان، ابراهيم الشرايحه.
4- البدو: حمد بن جازي عن قبائل الجنوب، وحديثه الخريشا عن قبائل الشمال.
وقد احتج الشعب على انتخابات هذا المجلس، حيث قامت مجموعة من شباب السلط بمهاجمة الحكومة بسبب تدخلها في الانتخابات.
بدأ المجلس أعماله في 4 تشرين الثاني برئاسة رئيس الحكومة ابراهيم هاشم، وكانت باكورة أعماله البرقية المرسلة لرئيس مجلس النواب السوري، والتي أكد فيها المجلس على وقوف الشعب الأردني إلى جانب الشعب السوري في محنته جراء الفيضانات التي يتعرض لها القطر الشقيق.
كما عقد المجلس جلسة ناقش فيها اشتداد المعارضة التي ثارت خارج المجلس، وموقف بعض الصحف العربية المجاورة التي تنقل أخبار عن قيام ثورة في البلاد، وأخبار القاء قنابل داخل البلاد، وقد انتهت الجلسة باصدار بيان يذاع على الشعب لتكذيب الأخبار التي تناولتها الصحف الدمشقية والبروتية.
ومن أهم أعمال المجلس في مجال القضايا العامة، تعديل قانون البلديات، وتوحيد جميع القوانين المتعلقة بالبلديات. وقد اعتبرت البلديات مؤسسات أهلية تقام وتلغى بقرار من المجلس التنفيذي والأمير، أما إدارة البلديات فقد أصبحت تحت إشراف الحكومة ومراقبتها. وبموجب هذا القانون أعتبرت كل من عمان واربد وجرش وعجلون والسلط ومادبا والكرك والطفيلة مناطق بلدية بالمعنى المقصود في هذا القانون، وسجلت حدودها في مخططات بموجب قانون ضريبة الأبنية والأراضي ضمن مناطق البلديات، ومن فوائد هذا القانون أن نسبة من ضريبة الأبنية والأراضي أصبحت تخصص للبلديات.
وبالرغم من التدخلات التي قامت بها حكومة ابراهيم هاشم لاختيار أعضاء المجلس، فقد انتعشت حركة المعارضة الشعبية لانتخابات المجلس الرابع، من خلال مهاجمة الصحافة العربية للحكومة، وتوزيع منشورات تحض الناس على الاحتجاج.
ولم تعبأ الحكومة ولا المجلس التشريعي بامتداد حركة المعارضة واتساع نطاقها، فاستمرت في سن وتعديل القوانين بما يضمن سيطرتها على البلاد. وقد تسبب دخول الإمارة الحرب العالمية الثانية إلى جانب بريطانيا في 2 أيلول 1939 بتأييد من المجلس الرابع، في تعطيل الحكم المدني، خاصة بعد أن بدأت الحكومة في وضع قانون الدفاع موضع التنفيذ. والمتصفح لمحاضر اجتماعات المجلس الرابع، يلاحظ خلوه من أية معارضة، وأنّ كافة مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة حظيت بالموافقة.
وقد شهدت هذه الفترة تشريع المزيد من القوانين والأنظمة والتعليمات المقيدة للحريات، والمكرسة لملاحقة القوى الوطنية والتنكيل بها، تحت غطاء "قانون الدفاع عن شرق الأردن". وقد وضعت هذه القوانين على يد حكومة توفيق أبو الهدى الذي خلف حكومة ابراهيم هاشم في 28 أيلول 1938. ثم أعاد تأليف حكومته مجددا في 9 آب 1939.
شهدت فترة هذا المجلس، اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 – 1939، وامتداد لهيبها إلى أراضي شرقي الأردن ذاتها، حيث تحولت الأراضي الأردنية إلى نقطة ارتكاز وعمق جغرافي لهذه الثورة، وضربت خلالها العديد من المرافق الاستعمارية البريطانية في البلاد على يد الثوار.
كما شهدت فترة هذا المجلس تعديل القانون الأساسي للإمارة في 5 آب 1939، وبموجب هذا التعديل استعيض بعبارتي (مجلس الوزراء) و(وزير) عن عبارتي (المجلس التنفيذي) و(عضوا المجلس التنفيذي). وقد اعتبر هذا التعديل خطوة للأمام، ومكسبا وطنيا. ولأول مرة لم يكن من أعضاء الحكومة أعضاء في المجلس التشريعي.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وضعت موارد البلاد في تصرف بريطانيا، وأصدرت حكومة أبو الهدى عددا كبيرا من أوامر الدفاع، والتي استخدمت لمصادرة الحريات، وبسط الرقابة على الصحف، والتنكيل بالمعارضة واعتقال قياداتها. وفي 16 أيلول 1939 أعلن رئيس الوزراء في بلاغ اعتبار المانيا دولة معايدة، وايقاف التعاون معها. كما أعتبرت ايطاليا دولة معادية اعتبارا من حزيران 1940.
وعند انتهاء المدة الدستورية للمجلس تقدمت الحكومة بمشروع قانون يجيز تمديد مدة المجلس لتصبح خمس سنوات، وقد نال هذا المشروع موافقة المجلس بالاجماع في 14 آذار سنة 1940. تحت ستار أن ظروف الحرب العالمية لم تكن تسمح باجراء الانتخابات، وهو أمر غير صحيح فقد أجريت انتخابات المجلس التشريعي الخامس في أثناء الحرب. إلا أن الحكومة مددت المجلس كنوع من المكافأة لأعضائه، حيث حصلت على كل ما تريده من المجلس، كما خططت لنجاح قائمة حزب الإخاء، مما ساعد على أن يكون هذا المجلس أداة طيعة في يد الحكومة...يتبع
أجريت انتخابات هذا المجلس في 16 تشرين الأول 1937، في عهد حكومة ابراهيم هاشم الأولى، وبدأت دورته الأولى في 1 تشرين الثاني. تدخلت الحكومة بطريقة غير مباشرة في اختيار أعضاء المجلس التشريعي بطريقة اتسمت بعمق التفكير، واستغلال السلطة بطريقة غير مباشرة؛ فقد سمحت الحكومة بتشكيل حزب سياسي قبل بدء الانتخابات بشهر، وهو “حزب الإخاء الأردني”، حيث فاز ثمانية أعضاء من الحزب بعضوية المجلس.
وتألف هذا المجلس على النحو التالي:
1- لواء البلقاء: ماجد العدوان، صبري الطباع، سعود النابلسي، شوكت حميد، حسين خواجا، خليل السكر.
2- لواء عجلون: عبد الله الكليب الشريدة، محمود الفنيش، محمد حجازي، سلطي الابراهيم.
3- لواء الكرك ومعان: رفيفان المجالي، صالح العوران، محمود كريشان، ابراهيم الشرايحه.
4- البدو: حمد بن جازي عن قبائل الجنوب، وحديثه الخريشا عن قبائل الشمال.
وقد احتج الشعب على انتخابات هذا المجلس، حيث قامت مجموعة من شباب السلط بمهاجمة الحكومة بسبب تدخلها في الانتخابات.
بدأ المجلس أعماله في 4 تشرين الثاني برئاسة رئيس الحكومة ابراهيم هاشم، وكانت باكورة أعماله البرقية المرسلة لرئيس مجلس النواب السوري، والتي أكد فيها المجلس على وقوف الشعب الأردني إلى جانب الشعب السوري في محنته جراء الفيضانات التي يتعرض لها القطر الشقيق.
كما عقد المجلس جلسة ناقش فيها اشتداد المعارضة التي ثارت خارج المجلس، وموقف بعض الصحف العربية المجاورة التي تنقل أخبار عن قيام ثورة في البلاد، وأخبار القاء قنابل داخل البلاد، وقد انتهت الجلسة باصدار بيان يذاع على الشعب لتكذيب الأخبار التي تناولتها الصحف الدمشقية والبروتية.
ومن أهم أعمال المجلس في مجال القضايا العامة، تعديل قانون البلديات، وتوحيد جميع القوانين المتعلقة بالبلديات. وقد اعتبرت البلديات مؤسسات أهلية تقام وتلغى بقرار من المجلس التنفيذي والأمير، أما إدارة البلديات فقد أصبحت تحت إشراف الحكومة ومراقبتها. وبموجب هذا القانون أعتبرت كل من عمان واربد وجرش وعجلون والسلط ومادبا والكرك والطفيلة مناطق بلدية بالمعنى المقصود في هذا القانون، وسجلت حدودها في مخططات بموجب قانون ضريبة الأبنية والأراضي ضمن مناطق البلديات، ومن فوائد هذا القانون أن نسبة من ضريبة الأبنية والأراضي أصبحت تخصص للبلديات.
وبالرغم من التدخلات التي قامت بها حكومة ابراهيم هاشم لاختيار أعضاء المجلس، فقد انتعشت حركة المعارضة الشعبية لانتخابات المجلس الرابع، من خلال مهاجمة الصحافة العربية للحكومة، وتوزيع منشورات تحض الناس على الاحتجاج.
ولم تعبأ الحكومة ولا المجلس التشريعي بامتداد حركة المعارضة واتساع نطاقها، فاستمرت في سن وتعديل القوانين بما يضمن سيطرتها على البلاد. وقد تسبب دخول الإمارة الحرب العالمية الثانية إلى جانب بريطانيا في 2 أيلول 1939 بتأييد من المجلس الرابع، في تعطيل الحكم المدني، خاصة بعد أن بدأت الحكومة في وضع قانون الدفاع موضع التنفيذ. والمتصفح لمحاضر اجتماعات المجلس الرابع، يلاحظ خلوه من أية معارضة، وأنّ كافة مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة حظيت بالموافقة.
وقد شهدت هذه الفترة تشريع المزيد من القوانين والأنظمة والتعليمات المقيدة للحريات، والمكرسة لملاحقة القوى الوطنية والتنكيل بها، تحت غطاء "قانون الدفاع عن شرق الأردن". وقد وضعت هذه القوانين على يد حكومة توفيق أبو الهدى الذي خلف حكومة ابراهيم هاشم في 28 أيلول 1938. ثم أعاد تأليف حكومته مجددا في 9 آب 1939.
شهدت فترة هذا المجلس، اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 – 1939، وامتداد لهيبها إلى أراضي شرقي الأردن ذاتها، حيث تحولت الأراضي الأردنية إلى نقطة ارتكاز وعمق جغرافي لهذه الثورة، وضربت خلالها العديد من المرافق الاستعمارية البريطانية في البلاد على يد الثوار.
كما شهدت فترة هذا المجلس تعديل القانون الأساسي للإمارة في 5 آب 1939، وبموجب هذا التعديل استعيض بعبارتي (مجلس الوزراء) و(وزير) عن عبارتي (المجلس التنفيذي) و(عضوا المجلس التنفيذي). وقد اعتبر هذا التعديل خطوة للأمام، ومكسبا وطنيا. ولأول مرة لم يكن من أعضاء الحكومة أعضاء في المجلس التشريعي.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وضعت موارد البلاد في تصرف بريطانيا، وأصدرت حكومة أبو الهدى عددا كبيرا من أوامر الدفاع، والتي استخدمت لمصادرة الحريات، وبسط الرقابة على الصحف، والتنكيل بالمعارضة واعتقال قياداتها. وفي 16 أيلول 1939 أعلن رئيس الوزراء في بلاغ اعتبار المانيا دولة معايدة، وايقاف التعاون معها. كما أعتبرت ايطاليا دولة معادية اعتبارا من حزيران 1940.
وعند انتهاء المدة الدستورية للمجلس تقدمت الحكومة بمشروع قانون يجيز تمديد مدة المجلس لتصبح خمس سنوات، وقد نال هذا المشروع موافقة المجلس بالاجماع في 14 آذار سنة 1940. تحت ستار أن ظروف الحرب العالمية لم تكن تسمح باجراء الانتخابات، وهو أمر غير صحيح فقد أجريت انتخابات المجلس التشريعي الخامس في أثناء الحرب. إلا أن الحكومة مددت المجلس كنوع من المكافأة لأعضائه، حيث حصلت على كل ما تريده من المجلس، كما خططت لنجاح قائمة حزب الإخاء، مما ساعد على أن يكون هذا المجلس أداة طيعة في يد الحكومة...يتبع
نيسان ـ نشر في 2020-09-29 الساعة 13:20
رأي: د. فيصل الغويين أكاديمي أردني