اتصل بنا
 

(مليح – السويد – عمان)..رحلة تلخّص حكاية فارس بريزات

نيسان ـ نشر في 2020-10-12 الساعة 12:21

x
نيسان ـ بقلم رأفت قبيلات
قلة قليلة من وزراء حكومة الدكتور عمر الرزاز حفرت اسمها بالذاكرة الجمعية للأردنيين، عقب أن "شمّرت" عن سواعدها، واقتربت من الناس وقضاياها حد الالتصاق، فقالت الناس : شكراً.
منذ متى نقول للمسؤول شكرا؟ منذ متى أصبح المسؤول يشبه الناس أصلاً؟ هم ظلوا على الدوام من خلطة غريبة لا تشبه الناس ولا تلتفت إليهم.
الدكتور فارس بريزات كان من بين وزراء قلة أحدثوا فارقاً في الشارع..أحدثوا فارقاً في مسيرة مؤسسات رسمية أغرقتها الواسطة والمحسوبية فباتت تحت الطمم.
التزمنا الصمت طوال وجوده وزيراً للشباب، حتى لا يقول قائل إن المنطلقات "جهوية أو عشائرية"، فأسلحة "الكيبورد" لا ترحم، وتأخذ بوجهها الصالح قبل الطالح، وقلنا المهم أنه سينجح في التأسيس لحالة جديدة، "حالة" نريدها مسطرة من عدالة أمام الأردنيين.
لكننا اليوم نقول كما قال العشرات على صفحات التواصل الاجتماعي "شكرا فارس"..شكراً وقد نبشت في الصخر بأظافر أردنية، تصر على نفض الغبار عن مؤسساتنا واستخراج كل ما يمكن استخراجه من طاقات ومواهب شابة.
فارس الذي راقص (غوستاف لوبون ومحمد قنديل وجيمس هنري والبرتو مانغويل وابن خلدون) حين كان طالبا في جامعة مؤتة، 1990-1994، هو ذاته الذي انطلق من قرية مليح إلى السويد للحصول على درجة الدبلوم في حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي من جامعة “لوند” في السويد عام 1997، ثم حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة “كنت” البريطانية عام 2003، والماجستير في علم الاجتماع السياسي من الجامعة نفسها.
فارس الذي تأثر بكتاب (مهزلة العقل البشري لعلي الوردي، والإنتحار لاميل دوركم) باعتبار أن القراءة تغير من واقع الإنسان وترسم بعضاً من فرضياته، يترك وزراة الشباب بعد أن جلب الحصان والعربة، في معادلة جديدة لم تألفها مؤسساتنا الرسمية.
فارسٌ هو ذاته الذي خبر بيادر القمح جيداً كما خبر وعورة الهيدان وحفظ تضاريسها، راح يعمل بشغف منذ أن أقسم اليمين الدستورية في القصر؛ ليقول للجميع "إن صخور الأطراف وفقر القرى ولادة للزهور".
سيفرح فارس وقد ودعه زملاؤه كما ودعه الأردنيون بشكراً..في حين تكسر آلاف "الجرات" لآخرين لم تسعفنا الظروف في مجرد حفظ أسمائهم.
سينفث الحاقدون ما بوسعهم من سواد، لكن هذا لن يلغي اسمه من سطورنا الوطنية، كما أنه لن يشطب بيتا من سطور الإلياذة وقد حكت لنا قصة حرب طروادة في ملحمة شعرية إغريقية للشاعر الأعمى هوميروس.
فارس الذي يترنم عند قراءة قصيدة بوشكين، و أحياناً أخرى ليوركا هو ذاته الذي شارك الحصادين حداءهم وأهازيجهم ساعات الفجر الاولى ابتهاجا برؤوس سنابل القمح المتمايلة.
السيرة الذاتية
فارس عبد الحافظ البريزات ولد في الثالث من مايو عام ١٩٧٢ في القريات جبل بني حميدة، ومن هناك شق طريقه بين الاشواك الكثيرة متمسكاً برغبة جبلية في تفتيت كل الصعاب، لينظم منها قصيدة نجاح وحب وألفة.
تلقى فارس تعليمية الابتدائي في مدرسة القريات الأساسية، ومن ثم انتقل والده إلى بلدة مليح (ذات الأبواب السبعة قديماً) لقربها من الخدمات، ولا سيما أن والده موظف في وزارة العدل وعليه أن يواصل درب التعب بصمت .
كان على الحاج عبد الحافظ أن يعد فارساً وأشقاءه عبد الله رأفت وانس وأنيس وأحمد، وشقيقاته؛ سهام، سهى، نادية، عليا، رحاب بحكمة مقاتل.
تنقل فارس بين مدارس لب ومليح في محافظة مادبا، قبل أن يدخل جامعة مؤتة طالباً في قسم التاريخ.
في الجامعة صاغ فارس عتبة نفسه علمياً وثقافياً، في إدراك مبكر لقسوة الحياة ومطباتها.
كانت وظيفة ( باحث) في مركز، الدراسات في الجامعة الأردنية، أول اشتباكاته الوظيفية في العاصمة عمان التي أخضعته لاختبارات كثيرة وكان عليه مهمة اجتيازها.
من مليح طار الفارس إلى جامعة "لوند" في السويد عام 1997م، ليدرس الدبلوم في حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي، وما هي الا سنوات حتى انتقل إلى جامعة "كنت" البريطانية عام 2003، ليحصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع السياسي ثم الدكتوراة في العلوم السياسية من قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة نفسها.
عمل الدكتور فارس رئيساً مؤسساً للهيئة البحثية في "معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية" في جامعة قطر. كما عمل باحثاً في “مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية" منذ 2003 وحتى 2009.
وتولى خلال هذه الفترة إدارة وحدة استطلاعات الرأي العام في المركز بين 2003 و2006، ونائباً لمدير المركز بين 2007-2009، وبين 2006-2007 عمل في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن وفي “لجنة الشؤون الخارجية” في “مجلس النواب الأمريكي”.
وعمل الدكتور فارس بريزات رئيساً لمجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية، عقب أن شغل قبل ذلك مستشاراً في مكتب الملك عبد الله الثاني للدراسات الاستراتيجية أربع سنوات.
فارس اليوم ومنذ أن دخل عتبة وزارة الشباب أصر على فتح كل النوافذ الممكنة أمامهم، فراح يجتهد في تطوير مهارات الشباب وتمكينهم، وتسليحهم بالعلم والمعرفة، في ترجمة حقيقية لبناء قدرات الشباب في الميدان وبعيداً عن الأضواء.
لفارس بريزات عدة دراسات حول التطرف، منها؛ دراسة حول التطرف عند الشباب في الأردن مع مركز دراسات التطرف في جامعة جورج تاون الأمريكية، وأخرى حول التطرف في الأردن ودول المنطقة، وحول اللجوء السوري، ومن منشوراته بالانجليزية كتاب “الاسلام والمسلمون والديمقراطية الليبرالية” من منشورات “لامبرت” الاكاديمية 2010، و ورقة بعنوان “معنى الديمقراطية: كيف يفكر العرب؟” في مجلة الديمقراطية في واشنطن تشرين الأول 2010. وورقة في كتاب بعنوان “اثر القنوات الفضائية على الرأي العام العربي”، في كتاب الاعلام العربي الجديد، من منشورات ايثاكا برس، 2010.
اليوم، سيكون الاب عبدالحافظ وزوجته نويّر فخورين بابنهم البكر، وبمسيرته الصعبة، وقد اسمياه (فارساً)، فكان الوزير الفارس .
فارس تحوّل سريعاً الى صمام أمان عائلة كبيرة تتكون من ٦ أشقاء و٥ شقيقات، هو مهندس مستقبلهم جميعاً وضابط إيقاعهم.
قدّم أبو "منيف وكلارا) تجربة جديدة في الإدارة ..تجربة ستغري الكثيرين على استنساخها بعد أن حطم صنمية الكرسي، والتصاقه بالنخبة دون سواهم.
وكأن أبو منيف يهمس بتجربته الجديدة بآذان الشباب قائلاً: تستطيعون فعل الكثير اذا امتلكتم الرغبة الحقيقية في صناعة غد أفضل، وتحملتم كلف تطوير الذات وتمتين مهاراتها".

نيسان ـ نشر في 2020-10-12 الساعة 12:21

الكلمات الأكثر بحثاً