اتصل بنا
 

قراءة عجلى في التشكيلة المثلى

نيسان ـ نشر في 2020-10-12 الساعة 18:38

نيسان ـ وأخيراً تصاعد الدخان الأبيض في سماء الدوار الرابع، معلناً تشكيل حكومة د. بشر الخصاونة العتيدة، بعد فترة ترقب وانتظار، انشغلت فيها مختلف الاوساط بتفاصيل التشكيلة الوزارية، توقعات وحسابات ومراهنات بل وأمنيات أيضاً حول من سيبتسم له الحظ ( هل هو الحظ فقط ...)، ويكون ضمن هذه التشكيلة، وزيراً بحقيبة أو بدونها، سيادية أم خدمية، لا يهم ... المهم فقط أن يكون ضمن القائمة التي سوف تؤدي القسم هذا اليوم .... أما كيف يبر بهذا القسم ويقوم بالمسؤليات الموكولة له بأمانة، فتلك قضية أخرى ....
قائمة باثنين وثلاثين وزيراً، أردنيون منشأً وهوية، لم يأت أي منهم من خارج الحدود، أو يهبط من كوكب أو مجرة بعيدة، يعرفون أوجاع الوطن ومشاكله كما كان يعرفها وخبرها جيداً زملاؤهم من الحكومة المستقيلة والحكومات التي سبقتها، وهم كسابقيهم يحملون شهادات عليا من جامعات ومعاهد مرموقة، لا تنقصهم الخبرة ولا الحماس للعمل والإبداع .... كل المعطيات وردية وواعدة لمن لا يعرف التاريخ الطويل لعشرات الحكومات المتعاقبة .... التي كان يتم استقبالها بالورود .... ويتم وداعها بغير ذلك.
ظروف صعبة واستثنائية تتطلب حكومة استثنائية بكل المقاييس .... هذا ما قاله وأكد عليه الجميع، وهنا نتساءل هل جاءت هذه الحكومة مختلفة واستثنائية كما نأمل جميعاً ونطمح، دعونا نستعرض حقائب الحكومة وحامليها ولهم كل المحبة والإحترام، لنرى الجديد والمختلف فيها عن الحكومة السابقة بشكل خاص وعن حكومات العقد الاخير بشكل عام .....
ثمانية وزراء من الحكومة السابقة بقوا في مقاعدهم محتفظين بنفس الحقائب، هل جاء ذلك نتيجة انجازات متميزة تحققت على أيديهم خلال الفترة السابقة .... يصعب تسويق هذا التبرير لدى الشارع لكافة من احتفظوا بهذه الحقائب ومنهم من تعرض مؤخراً لسهام نقد شديد أثر مخرجات لم تكن مقنعة أو مقبولة على الاطلاق وآخرين لم يكن لهم انجازات حقيقية ذات قيمة مضافة، برغم الحركة المستمرة والحضور الإعلامي الدائم .
أحد عشر وزيراً تسلموا نفس الحقائب أو حقائب أخرى حملوها في حكومات سابقة، بعضهم كان أداؤه لافتاً في حينه والبعض الآخر لم يترك في الذاكرة الجمعية ما يحسب له أو عليه، ولكنهم جميعاً شركاء في تحمل المسؤولية الأدبية بشكل أو بآخر عن الأوضاع التي آلت إليها أمور البلاد والعباد خلال السنوات الأخيرة.
وثلاثة عشر وزيراً يتولون المنصب الوزاري للمرة الأولى ومعظم حقائبهم ذات طبيعة فنية متخصصة وهم أصحاب خبرات مميزة في مجالاتهم، إلا أن تولي عضو لجنة الأوبئة والناطق باسمها د.نذير عبيدات منصب وزير الصحة، خلفاً للدكتور سعد جابر الذي تم ضمنياً تحميله مسؤولية تفشي وباء كورونا، يثير التساؤل، فوزير الصحة الجديد كان العضو الأبرز في لجنة الأوبئة التي كانت الحكومة تتخذ القرارات بناء على توجيهاتها.
بعيداً عن توزيع الحقائب الوزارية، يلفت النظر عودة الوزير العتيق والمخضرم توفيق كريشان نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للإدارة المحلية، ومحمد داوودية وزيراً للزراعة ... نعم للزراعة وليس للإعلام أو الثقافة والشباب، إضافة إلى توزير المحامي محمود الخرابشه "المترشح لمجلس النواب"، كذلك تم توزير د. معن قطامين وهي شخصية ذات انتشار جماهيري واسع دأب خلال السنوات الأخيرة على انتقاد الحكومات في الجوانب الإقتصادية وتقديم مشاريع وحلول بديلة، وبذلك يكون الرئيس قد أضاف نكهة سياسية من نوع ما كان يمكن لها أن تتعزز بإضافة شخصيات أخرى من هذا الطراز مثل الوزير السابق سمير الحباشنه، كذلك يلفت الإنتباه دخول محمد النابلسي وزيراً للشباب وهو سليل عائلة سياسية بامتياز فوالده الوزير السابق فارس النابلسي وجده رئيس الوزراء السابق سليمان النابلسي.
راعى رئيس الوزراء في تشكيلته الحالية الإعتبارات المناطقية والجندرية والطائفية والعرقية، إلا أنه لن ينجو من إنتقادات الحركة النسوية لإنخفاض عدد الوزيرات في هذه الحكومة إلى ثلاث فقط، كما يلفت الانتباه تعيين ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، وهذه قد تحسب له لما فيها من توزيع للصلاحيات واحترام للتخصصات والخبرات، كونه من خلفية سياسية ديبلوماسية لم تتمرس كثيراً بشؤون الدولة الأخرى، إلا أنه في المقابل قد أسرف في عدد وزراء الدولة ضمن تشكيلته العتيدة، رافعاً عدد أعضاء الحكومة إلى اثنين وثلاثين في وقت يتحدث فيه الجميع عن ضرورة ترشيق الجهاز الحكومي وضبط النفقات ودمج الوزارات والمؤسسات المتشابهة.
على الرغم من بعض المآخذ المذكورة آنفاً على التشكيلة الوزارية، إلا أننا نعتقد ان التشكيلة برمتها تمتلك العديد من عناصر القوة التي نأمل صادقين أن تنجح بالعبور بالوطن إلى شاطىء التعافي والأمان.
حمى الله هذا الوطن وأهله الطيبين من مكروه.

نيسان ـ نشر في 2020-10-12 الساعة 18:38


رأي: المهندس عادل بصبوص

الكلمات الأكثر بحثاً