اتصل بنا
 

حدود الحياة الخاصة للمسؤولين

نيسان ـ نشر في 2020-10-15 الساعة 22:24

x
نيسان ـ نيسان... خاص
يتلهف رواد ونشطاء مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي لاصطياد أية أخبار خاصة بحياة المسؤولين والشخصيات العامة، أو أية زلة لسان أو هفوة في الخطابات الرسمية، فما أن يقع أحد الوزراء بغلطة، أو حتى لو قاده حظه العاثر لاستخدام مثال غير مناسب، حتى تثار حوله الزوابع الإلكترونية الشعواء، من كل حدب وصوب؛ لتطوف بيوتات الأردنيين وتعاليلهم.
مثلا، في الأسبوع الفائت، لم تهدأ تنبيهات هواتف الأردنيين الذكية، حاملة رسائل كثيرة تتندر بقصص وحكايا ونكت، محورها الوزراء الجدد في حكومة الدكتور بشر الخصاونة، فلقد تم تداول كمًا هائلًا من النكات والصور الكاركيتيرية والفيديوهات والمواقف السابقة للوزراء، سيما المعارضين منهم للسياسات الحكومية، وأخرى تمسخر رجالات الحكومة الذين ظل، من هو مثلهم وفي مقامهم، لأزمان طويلة، مكان تبجيل واحترام وحصانة من أية انتقادات علنية.
بالمقابل، قدّم عدد من كتاب واعلاميين وحتى مسؤولين عاملين وسابقين، مرافعات تدعو مستخدمي "السوشيال ميديا" الالتزام بالمبادئ والاخلاقيات ومنظومات القيم التي تحترم خصوصية الأفراد، وعدم التعرض لحياتهم الخاصة، والاكتفاء بحدود النقد السياسي والاختلاف في وجهات النظر، من دون المساس بالخصوصيات، وهذه المواقف تبدو عقلانية وأخلاقية للوهلة الأولى، لكنها في الحقيقة لا تخرج من اطار الحوار المجتمعي الموسع، الذي طاول مقدسات ربما باتت بحاجة إلى بعض المراجعة.
ففي أمريكا مثلا ، تحافظ السلطات القضائية والتشريعية على قداسة حرية التعبير وابداء الرأي، حتى بلغت حد أن حكمت هيئة قضائية عليا ببراءة مجموعة من المعارضين ممن احتجوا بحرق العلم الأمريكي أمام البيت الأبيض، ولم تعتبر المحكمة فعلهم يشكل مساسا بهيبة الدولة، بل أدرجته ضمن مساحات حرية التعبير المقبولة.
أما في أوروبا، معقل الديموقراطية الاجتماعية، فالنقاش يجري الآن حول الحدود المسموح بها لنقد الشخصية العامة، وهناك اطروحات لا تنقصها الوجاهة تقول بأن لا حدود لنقد الشخصية العامة، وأن التعرض لجوانب مختلفة في حياة المسؤولين يجب أن يكون مباحا، ما داموا قبلوا أن يتبوأوا هذه المواقع المتقدمة في المجتمع، وكونهم يمثلون الانموذج الذي يجب أن يُقتدى به.
إذ لا يجوز للشخصية العمومية أن تدعو إلى الأمانة ومكارم الأخلاق والالتزام بالقوانين، بينما صاحبها يمارس عكس ذلك في حياته الخاصة، ويجب أن لا تكون هذه المساحة من حياته الخاصة بعيدة عن الرقابات الرسمية والشعبية.

نيسان ـ نشر في 2020-10-15 الساعة 22:24

الكلمات الأكثر بحثاً