نشأة وتطور المجالس التشريعية والنيابية في الأردن: (عهد المملكة) (7)
د. فيصل الغويين
أكاديمي أردني
نيسان ـ نشر في 2020-10-16 الساعة 21:22
نيسان ـ المجلس النيابي الثاني: (20 نيسان 1950 – 3 أيار 1951)
1
بناء على قرارات مؤتمري اريحا ونابلس المنعقدين خلال شهر كانون الأول 1948، وافق الملك عبد الله على إحالة هذه القرارات التي طالبت بالوحدة مع الأردن إلى الحكومة ومجلس النواب. واتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التي استهدفت التكريس التدريجي للوحدة، على المستويات الإدارية والقانونية والسياسية؛ حيث أدخلت تعديلات على قانون الجنسية الأردني، ومنح الفلسطينيون حقوق المواطنة، تمهيدا لإشراكهم في التمثيل البرلماني.
2
وفي 13 كانون الأول 1949 صدرت إرادة ملكية تنص على تعديل قانون الانتخاب، ثمّ صدر قانون معدل لقانون الانتخاب نص على تمثيل دوائر الضفة الغربية بعشرين نائبا، ليصبح عدد مقاعد المجلس النيابي أربعين مقعدا بدلا عن عشرين. وفي 1 كانون الثاني 1950 قامت حكومة أبو الهدى بحل المجلس النيابي الأول، الذي لم ينه مدته الدستورية، وأعلنت عن نيتها إجراء انتخابات نيابية جديدة في الضفتين بتاريخ 11 نيسان 1950.
تميزت هذه الانتخابات بكثرة عدد المرشحين؛ فقد بلغ عدد مرشحي الضفة الشرقية(60) مرشحا، فيما وصل عددهم في الضفة الغربية إلى(65) مرشحا، يتنافسون على (40) مقعدا.
3
وفي الفترة التي سبقت إجراء هذه الانتخابات كان اللاجئون الفلسطينيون قد وفدوا بأعداد كبيرة إلى عمان، وكان من بينهم عدد من رجال السياسة. كما شهدت هذه المرحلة تواجد أحزاب عديدة على الساحة الأردنية؛ منها الحزب الشيوعي، وحزب البعث، وحزب الأمة، والعربي الدستوري، والتي شكلت قوائم انتخابية في ضفتي الأردن. وقد أسهم هذا التواجد الحزبي في خروج مجلس قوي في تمثيله، تمكن من تغيير الطابع العام للعمل البرلماني الأردني.
تمكن عدد من النواب ذوي الانتماءات الحزبية من الفوز، منهم عشرة أعضاء من الذين شكلوا تاليا الحزب الوطني الاشتراكي، كان من أبرزهم: صالح المعشر، وعبد الحليم النمر، وشفيق ارشيدات، وحكمت المصري، وحافظ الحمد الله. كما تمكن حزب البعث من الحصول على مقعدين لكل من عبد الله نعواس، وعبد الله الريماوي، اللذين خاضا الانتخابات وهما في السجن، تحت شعار:”من السجن إلى البرلمان”.
بعد إعلان نتائج الانتخابات قدم أبو الهدى استقالة حكومته، وتمّ تكليف سعيد المفتي بتأليف الوزارة الجديدة، حيث شارك فيها خمسة وزراء فلسطينيون.
3
ومن أهم القضايا التي ناقشها المجلس:
1-وحدة الضفتين:
افتتح مجلس الأمة دورته يوم 24 نيسان 1950، بإلقاء رئيس الوزراء خطاب العرش بحضور الملك عبد الله، ثم تلا محمد الشريقي مشروع قرار الوحدة، ودعي مجلس الأمة إلى مناقشته، تمهيدا للموافقة عليه، من أجل رفعه إلى الملك للمصادقة عليه.
وقد أثار هذا الطرح إشكالا دستوريا؛ حيت كان عدد من أعضاء المجلس النيابي قد اعترض على مناقشة مشروع قرار الوحدة في جلسة مشتركة مع الأعيان، وأورد هؤلاء الحالات التي يعقد فيها مجلس الأمة جلسة مشتركة، وحصروها في حالتين:
الأولى: الاستماع إلى خطاب العرش.
الثانية: عند وقوع خلاف على مشروع قانون، يجاز في مجلس النواب ولا يجاز في مجلس الأعيان أو العكس. وعليه فإنّ الموضوعات المطروحة يجب أن تبحث أولا في مجلس النواب ثم تحال إلى مجلس الأعيان.
ويفسر هذا الإشكال تعجل الحكومة في إقرار سريع للوحدة في الوقت الذي كان فيه هذا القرار يواجه معارضة وطنية وعربية. وكان النواب المعارضون يرغبون في عدم تمرير القرار قبل ربطه بإصلاحات دستورية وسياسية.
وهكذا دعت الأقلية من نواب الضفة الغربية المعارضين إلى التريث في إقرار مشروع الوحدة، وهم: عبد الله نعواس، وعبد الله الريماوي. غير أنّ القرار حظي بموافقة أكثرية مجلس الأمة.
2-المطالبة بتعديل الدستور الأردني، وإطلاق الحريات الصحفية
تكررت المطالبات في هذا المجلس بتعديل دستور 1948، على أساس الفصل بين السلطات الثلاث، ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان. غير أنّ التعديل المنشود لم يحصل في عهد هذا المجلس نظرا لقصر مدته.
ونتيجة لتصاعد المطالبة بالتعديلات الدستورية وإلغاء المعاهدة، فقد أعيد فرض الرقابة على الصحف التي تصدر أغلبيتها في الضفة الغربية، كما منعت الرقابة دخول ست صحف مصرية إلى الأردن، وحذّر موظفو الحكومة من المشاركة في النشاط السياسي.
3-التعليم: قدم المجلس اقتراحات بتوسيع التعليم وجعله إجباريا لجميع المواطنين الذين هم في سن التعليم، كما طالب بإنشاء مجلس عالٍ للتعليم، تكون مهمته توسيع قاعدته، والنهوض بمستواه.
4
وبعد استقالة حكومة المفتي بتاريخ 4 كانون الأول 1950، شكل سمير الرفاعي الحكومة الجديدة، حيث تمّ حلّ المجلس في عهدها؛ فعلى إثر مناقشة المجلس للموازنة التي تضمنت عجزا قدره مليون دينار، تعرضت الحكومة لانتقادات حادة، وفي الجلسة المقررة في 2 أيار 1951 لإقرار الموازنة رفض المجلس إقرارها، وأعادها إلى اللجنة المالية، ردا على رفض الحكومة تعديل الدستور الأردني، لذلك اعتبرت الحكومة رفضهم يعني سحب الثقة منها، وهو أمر لم يكن الدستور ينص عليه.
وفي اليوم التالي طلبت الحكومة في بيان أذيع في اليوم التالي إلى الملك حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات جديدة. وفي 3 أيار صدرت الإرادة الملكية بحل المجلس، وحدد يوم 29 آب 1951 موعدا لإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب ... يتبع
1
بناء على قرارات مؤتمري اريحا ونابلس المنعقدين خلال شهر كانون الأول 1948، وافق الملك عبد الله على إحالة هذه القرارات التي طالبت بالوحدة مع الأردن إلى الحكومة ومجلس النواب. واتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التي استهدفت التكريس التدريجي للوحدة، على المستويات الإدارية والقانونية والسياسية؛ حيث أدخلت تعديلات على قانون الجنسية الأردني، ومنح الفلسطينيون حقوق المواطنة، تمهيدا لإشراكهم في التمثيل البرلماني.
2
وفي 13 كانون الأول 1949 صدرت إرادة ملكية تنص على تعديل قانون الانتخاب، ثمّ صدر قانون معدل لقانون الانتخاب نص على تمثيل دوائر الضفة الغربية بعشرين نائبا، ليصبح عدد مقاعد المجلس النيابي أربعين مقعدا بدلا عن عشرين. وفي 1 كانون الثاني 1950 قامت حكومة أبو الهدى بحل المجلس النيابي الأول، الذي لم ينه مدته الدستورية، وأعلنت عن نيتها إجراء انتخابات نيابية جديدة في الضفتين بتاريخ 11 نيسان 1950.
تميزت هذه الانتخابات بكثرة عدد المرشحين؛ فقد بلغ عدد مرشحي الضفة الشرقية(60) مرشحا، فيما وصل عددهم في الضفة الغربية إلى(65) مرشحا، يتنافسون على (40) مقعدا.
3
وفي الفترة التي سبقت إجراء هذه الانتخابات كان اللاجئون الفلسطينيون قد وفدوا بأعداد كبيرة إلى عمان، وكان من بينهم عدد من رجال السياسة. كما شهدت هذه المرحلة تواجد أحزاب عديدة على الساحة الأردنية؛ منها الحزب الشيوعي، وحزب البعث، وحزب الأمة، والعربي الدستوري، والتي شكلت قوائم انتخابية في ضفتي الأردن. وقد أسهم هذا التواجد الحزبي في خروج مجلس قوي في تمثيله، تمكن من تغيير الطابع العام للعمل البرلماني الأردني.
تمكن عدد من النواب ذوي الانتماءات الحزبية من الفوز، منهم عشرة أعضاء من الذين شكلوا تاليا الحزب الوطني الاشتراكي، كان من أبرزهم: صالح المعشر، وعبد الحليم النمر، وشفيق ارشيدات، وحكمت المصري، وحافظ الحمد الله. كما تمكن حزب البعث من الحصول على مقعدين لكل من عبد الله نعواس، وعبد الله الريماوي، اللذين خاضا الانتخابات وهما في السجن، تحت شعار:”من السجن إلى البرلمان”.
بعد إعلان نتائج الانتخابات قدم أبو الهدى استقالة حكومته، وتمّ تكليف سعيد المفتي بتأليف الوزارة الجديدة، حيث شارك فيها خمسة وزراء فلسطينيون.
3
ومن أهم القضايا التي ناقشها المجلس:
1-وحدة الضفتين:
افتتح مجلس الأمة دورته يوم 24 نيسان 1950، بإلقاء رئيس الوزراء خطاب العرش بحضور الملك عبد الله، ثم تلا محمد الشريقي مشروع قرار الوحدة، ودعي مجلس الأمة إلى مناقشته، تمهيدا للموافقة عليه، من أجل رفعه إلى الملك للمصادقة عليه.
وقد أثار هذا الطرح إشكالا دستوريا؛ حيت كان عدد من أعضاء المجلس النيابي قد اعترض على مناقشة مشروع قرار الوحدة في جلسة مشتركة مع الأعيان، وأورد هؤلاء الحالات التي يعقد فيها مجلس الأمة جلسة مشتركة، وحصروها في حالتين:
الأولى: الاستماع إلى خطاب العرش.
الثانية: عند وقوع خلاف على مشروع قانون، يجاز في مجلس النواب ولا يجاز في مجلس الأعيان أو العكس. وعليه فإنّ الموضوعات المطروحة يجب أن تبحث أولا في مجلس النواب ثم تحال إلى مجلس الأعيان.
ويفسر هذا الإشكال تعجل الحكومة في إقرار سريع للوحدة في الوقت الذي كان فيه هذا القرار يواجه معارضة وطنية وعربية. وكان النواب المعارضون يرغبون في عدم تمرير القرار قبل ربطه بإصلاحات دستورية وسياسية.
وهكذا دعت الأقلية من نواب الضفة الغربية المعارضين إلى التريث في إقرار مشروع الوحدة، وهم: عبد الله نعواس، وعبد الله الريماوي. غير أنّ القرار حظي بموافقة أكثرية مجلس الأمة.
2-المطالبة بتعديل الدستور الأردني، وإطلاق الحريات الصحفية
تكررت المطالبات في هذا المجلس بتعديل دستور 1948، على أساس الفصل بين السلطات الثلاث، ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان. غير أنّ التعديل المنشود لم يحصل في عهد هذا المجلس نظرا لقصر مدته.
ونتيجة لتصاعد المطالبة بالتعديلات الدستورية وإلغاء المعاهدة، فقد أعيد فرض الرقابة على الصحف التي تصدر أغلبيتها في الضفة الغربية، كما منعت الرقابة دخول ست صحف مصرية إلى الأردن، وحذّر موظفو الحكومة من المشاركة في النشاط السياسي.
3-التعليم: قدم المجلس اقتراحات بتوسيع التعليم وجعله إجباريا لجميع المواطنين الذين هم في سن التعليم، كما طالب بإنشاء مجلس عالٍ للتعليم، تكون مهمته توسيع قاعدته، والنهوض بمستواه.
4
وبعد استقالة حكومة المفتي بتاريخ 4 كانون الأول 1950، شكل سمير الرفاعي الحكومة الجديدة، حيث تمّ حلّ المجلس في عهدها؛ فعلى إثر مناقشة المجلس للموازنة التي تضمنت عجزا قدره مليون دينار، تعرضت الحكومة لانتقادات حادة، وفي الجلسة المقررة في 2 أيار 1951 لإقرار الموازنة رفض المجلس إقرارها، وأعادها إلى اللجنة المالية، ردا على رفض الحكومة تعديل الدستور الأردني، لذلك اعتبرت الحكومة رفضهم يعني سحب الثقة منها، وهو أمر لم يكن الدستور ينص عليه.
وفي اليوم التالي طلبت الحكومة في بيان أذيع في اليوم التالي إلى الملك حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات جديدة. وفي 3 أيار صدرت الإرادة الملكية بحل المجلس، وحدد يوم 29 آب 1951 موعدا لإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب ... يتبع
نيسان ـ نشر في 2020-10-16 الساعة 21:22
رأي: د. فيصل الغويين أكاديمي أردني