اتصل بنا
 

دماء على طريق الحرية

نيسان ـ نشر في 2015-08-17 الساعة 12:32

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

يحتاج كل طرف من أطراف النزاعات العربية الى أن يقتنع بحجمه وقوته وحصته وآفاق مستقبله ليوقف حربه، بينما يحتاج المواطن العربي فقط الى هدنة تكفي لأن يحصي قتلاه، وليعرف كم تبقى له من أنفاس، يحتاج الى هدنة يُلملم فيها ما تبعثر من حاجاته وأشلائه، يحتاج الى هدنة تكفي لأن ينبش أنقاض بيته القديم ويلتقط ما تناثر هناك من فلذات الكبد.
لكن أنَّى له ذلك، وكل طرف من أطراف النزاع يريد الكعكة كلها، ونقول كعكة على فرض أنه ما زال يصح هذا التعبير وينطبق على الواقع، فهي لم تعد كعكة وقد تضمخت وتلطخت بالدماء، بل ولجوا الآن حقبة الإدمان على الولوغ في دم المساكين.
الخوف كل الخوف، أن ينصرف الآن كل منهم عن السعي لحصته، فتبدأ العابهم المرعبة بأشكال وألعاب التلهي بالثارات.
نعم هدنة لا أكثر، فماذا يريد المواطن العربي أكثر من ذلك؟ وقد انقلب هرم حاجاته، وصار الأمن على حياته وحياة أهله، ضالته الأولى؟
فهو لم يكن يعلم أن هؤلاء السادة المتأنقين الذين يحتلون الشاشات الفضية في كل ليلة وكل مساء وسهرة، ليسوا إلا وحوشا، لا ترويهم إلا ماء عروقه وعروق أولاده.
لم يكن يعلم أن الحرية باهظة الثمن، وإلا لكان تنازل عن المطالبة بها من قبل بدء هذا الشوط المفزع.
لم يكن يعلم أنه سيقتل ويهجر ويسجن دونها.
وأن هؤلا الزعماء ما هم إلا ملوك لطوائف، وزعماء لعصابات، وأن البديل الأول والممتع لهم هو إهراق الدماء.
وكيف للمواطن المسكين أن يعلم أن تغنيهم بالوطن ووصفهم له بأنه سفينة تأخذنا جميعا الى بر الامان، ما هو إلا مجرد تهديد، وأنهم قراصنة اختطفوا السفينة فإما الانصياع لهم أو إغراقها... وأنهم سيقفزون الى قواربهم ويخوتهم الفاخرة مثل أي لصوص.
المفارقة أن القصة لم تنطلِ على البسطاء، بينما تلبست الإنتلجنسيا "متلازمة ستوكهلم" فصارت تُكبّر أي فعل صغير من أفعال القراصنة، وتتغاضى عن كل شنائعهم.
نعم انهم يعظمون القراصنة ويقدمون الخدمات للصوص وقطاع الطرق، ويغضون الطرف عن "دوما" ولا يهمهم كم مات وكم شُرد، ونسوا في غمرة الاختطاف معنى " فاشست" بل نحّوها جانبا بانتظار انتصار العصابة، غير مهتمين بحياة الانسان، مقابل تحقق الفكرة الخديعة- الفكرة المصيدة، نعم نسوا انهم مجرد جزء من المختطفين.

نيسان ـ نشر في 2015-08-17 الساعة 12:32

الكلمات الأكثر بحثاً