اتصل بنا
 

ابن يتخلى عن أبيه...ستيني يميل بعقاله إلى جذع حائط أعمى بمجمع رغدان

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-11-06 الساعة 17:33

نيسان ـ بِكُلِ عقوق، خلعَ أخلاقهُ ودينهُ وبره بوالده، الستيني الذي مال إلى جذع حائطٍ أعمى في (مجمع رغدان)، ظل ينتظر ابنه عله يعود سريعاً بعلبة السجائر التي كان ذاهباً لشرائها قبل بدء تهافت المواطنين بسبب حظر التجوال الجزئي الذي نتعايش معه منذ أشهر.
في الواقِعْ هو لم يترك اباه وحيداً، هو ترك قلوبنا تنزف حد الوجع، هو مزق داخلنا، هو أحرق و اقتلع شرايين أصابها اليباس، هو سفكَ أرواحنا دون أن ننزف قطرة دمْ.
كُلنا كنا منهمكين بانتخاباتنا النيابية، والشيلات، والسنافية، والمطانيخ... كل المرشحين ومؤازريهم يخططون للاحتفال، ولكن دولة الرئيس أهداهم حظراً شاملاً... كانوا يريدونه احتفالاً صاخباً، حتى أطل علينا هذا الأب الذي استثار اليباس وأثار في داخلنا خواءْ، تكفّل الرئيس بعلاجِ كورونا فأمر بحظرٍ شامل حسناً! ولكن من سيتكفل بأمراضنا الإنسانية.
انتبهوا جيداً لحرقة هذا الأب وانكساره، انتبهوا جيداً لهشاشة صوته، ولسناجِ قلبه... هل انهزمتم أمام هذا الأب جزيلِ العطاء؟! لنهرب، نعم لنهرب ليس من نظرته، ولا من جلوسه منكسراً، ولا من برد نخر عظامه، ولا من شيء سوى من قسوتنا على أنفسنا، نهرب من قسوة هذا الزمن على آبائنا.
أهربوا من شيبهِ، ومن تجاعيد وجهه، اهربوا من كسرته وانهزامه، اهربوا من أسئلته عن مكانٍ يبيتُ فيه ليلته، اهربوا من سؤاله عن حماية الأسرة، اهربوا من دموعه التي تنزف مني، اهربوا من كل هذا لكي لا تكسرونا حد التفتت، اهربوا لعلكم توقظون إنسانيتنا فقط.
لا أعتقد أن أحداً استطاع أن ينام ليلته بهدوء بعد أن شاهدنا جرح الآباء، بعد أن مررنا متصفحين لمنصات التواصل الاجتماعي لنجد هذا العجوز، هذا العقال المكسور الخاطر، هذا الأب الذي آمر قلوبنا جميعاً داعبنا بهدوءٍ إن شاء قتلنا وإن شاء أسعدنا.
قلوبنا لن تخذلك اطمئن، إليكَ انت، وحدكَ فقط انت الأب الذي شاهدنا به آباءنا الذين سكنوا الأرواح و مهج القلوب..
أنتم مصدر عزنا وعزتنا وقدوتنا وقوتنا ومصدر عزيمتنا وإرادتنا وملجأ الأمان لنا، أقول لكم شكرا بحجم حرقة قلوب الآباء وأكثر.

نيسان ـ نشر في 2020-11-06 الساعة 17:33


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً