اتصل بنا
 

الاردن: نواب… وانتخاب… نظرة سوداوية تغلف المشهد

نيسان ـ نشر في 2020-12-12 الساعة 18:01

نيسان ـ بعيدا عن النظرة السوداوية لغالبية ابناء المجتمع الاردني تجاه المجالس النيابية المتعاقبة والتي مردها سوء الاداء النيابي للنواب في مجالس سابقة وغياب الثقة بين القواعد الشعبية للنواب ونوابهم وعلى الرغم من ان النواب هم من يمنح الثقة للحكومات الا انهم عجزوا عن نيل ثقة قواعدهم الانتخابية وكان ذلك يتم فورا وعقب كل انتخابات رغم ان القواعد الشعبية هي نفسها التي اوصلت النواب الى المجلس الا ان النقد والقدح بهم يبدا فور اداء اليمين القانونية وبدء الدورة البرلمانية .
هذه المزاجية الشعبية المتقلبة يعزى بعضها الى ان الناس يوضعون امام الامر الواقع للانتخابات وفق قانون يصفونه بالعاجز عن ايصال نواب وطن الى القبة ويستبدل ذلك بنواب حارات ضيقة وجغرافيا تمسك بتلابيب الناخب تضعه امام امرين احلاهما مر اما ان ينتخب او يقاطع وهو ملام على الحالتين .
ويرى البعض من المراقبين ان السلطة التنفيذية ساهمت بجزء كبير من مشكلة تراجع ثقة الناس بالنواب فقد مارست سياسات تنفيعية للنواب منها ما يخدم قضايا قواعدهم الشعبية في المجال الخدمي ومنها ما يعتمد سياسة التنفيع المباشرة للنائب وهو الامر الذي يؤدي الى كسر عين ويد ولسان النائب لاحقا وتجعله عاجزا عن رقابة ومساءلة السلطة التنفيذية تحت اي ظرف .
نظرة الشك والريبة الشعبية بدات هذه المرة حتى قبل الشروع في انتخابات رئاسة المجلس وما ان ظهرت النتائج حتى كانت الهجمة الشعبية جاهزة وشرعت بالهجوم لتطال رئيس المجلس النيابي الجديد وهو شاب كان عضوا في المجلس السابق وكل المعلومات التي رشحت عنه انه خريج جامعة اليرموك الاردنية ومحامي ناشط ولعلني هنا اذ ازيح قليلا النظرة السوداوية السائدة في امرين مهمين الاولى تجاه رئيس الحكومة الجديد والثانية تجاه رئيس مجلس النواب الجديد .
القادمان الى سدة الرئاستين في الدولة الاردنية يبدو ان تبييت سوء النية تجاههما في غير محله فبشر الخصاونه الذي يصنف ضمن فئة الشباب ايضا قادم من عالم الدولة العميقة وتحديدا الخارجية وهو قادم خالي الوفاض من عالم البزنس والمال معتمدا على ما قد يكون جناه من عمله الوظيفي ومسيرته الوظيفية
ولعل هذه احدى حسنات القادم الجديد للسلطة التنفذية فقدعلم مما توارث من علم الاجتماع ان الامارة والتجارة لا يجتمعان ولعل من حسناته الاخرى انه لا يرتبط بصالونات السياسة التي اتقنت فن النميمة والخداع وهي صالونات خالية من المضمون العميق للفهم السياسي لواقع المملكة المحاطة بمحيط ملتهب تذروه العواصف شرقا وغربا .
رئيس مجلس النواب الجديد العودات لم يعرف عنه انه قادم من عالم المال والاعمال وبالتالي حين بدا النقد الاعلامي والشعبي له تم التركيز على ان اسمه كان متداولا قبل انعقاد المجلس بدورته غير العادية وقبل اجراء الانتخابات الرئاسية كدليل على ان ثمة خيوط خفية تدير المشهد لتوجيهه نحو صفقات قادمة ستقدم عليها الدولة تتعلق بالحل النهائي للقضية الفلسطينية واظن ان مثل هذا الطرح يفتقد الى النضج السياسي ومن يرى سباقات التطبيع التي تتم في عدة دول عربية يدرك ان الاردن الذي وقع معاهدة سلام مع اسرائيل منذ ستة وعشرين عاما ما زال هو الاقل سعيا نحو اقامة علاقات تطبيعية مع الكيان ليس شعبيا فقط ولكن رسميا ايضا فقد ظلت العلاقات مع الكيان في ادنى مستوياتها وظلت دولة الاحتلال تعاني لايجاد اي ثغرة تدخل منها الى تطبيع واسع رسميا وشعبيا مع الاردن ولعل ما اوردت ينفي مقولة ان وراء الاكمة ما ورائها وان الدولة الاردنية او النظام الاردني تسعى الى تفريط بثوابت اردنية لا يمكن القفز عنها او تجاهلها في اي خطوة او طبخة سياسية
معضلة الواقع المعيشي لاغلب الاردنيين وتنامي حدة الفقر ورؤية الاستغلال الوظيفي للبعض ممن اثروا على حساب مقدرات الوطن وحصول ما يشبه التقاسم الطبقي لوظائف الادارة العامة واللجوء الى تدوير تلك الوظائف بعيدا عن العدالة اجزم انها اسباب مقنعة لكي تنقطع ثقة الناس بنوابهم وحكوماتهم فمن غير المعقول ولا العادل ولا الطبيعي ان يظل ما لا يزيد على ثلاثمائة شخص يتنقلون بين منصب وظيفي وآخر فيما تظل مكونات المجتمع الاردني المتعلمة والمثقفة والكفوءة تشاهد مثل هذه القسمة الضيزى ولا يرف لها جفن ولا تعلق ولا تنتقد هذا على صعيد النخب اما على صعيد العامة فهم يريدون ان يروا تنمية حقيقية في البلاد تنعكس على حياتهم اليومية ممثلة بوجود تعليم مجاني لابنائهم ومرافق صحية عامة تقدم لهم خدمات صحية مناسبة كما تحصل عليها تلك الطبقة التي تتبغدد بخيرات الوطن من فلوس جمعوها وسط الف علامة استفهام وتعجب.
المجتمع الاردني الحالي غير المجتمع الاردني ما قبل عشرين عاما فقد كنت تسأل احدهم عن حالة فيجيب بحمد الله وانه بخير اما الان ان كررت السؤال سيجيبك على الفور لست بخير والحال مائلة ولعل هذا التغير السيكولوجي في المجتمع عائد لغضب عارم ممن تولوا شوؤنهم ثم لم يحسنوا ادارتها .
رأي اليوم

نيسان ـ نشر في 2020-12-12 الساعة 18:01


رأي: د. عبدالمهدي القطامين

الكلمات الأكثر بحثاً