اتصل بنا
 

عصرُ ما بعد السّوق في الأردن

نيسان ـ نشر في 2020-12-13 الساعة 15:51

نيسان ـ هل تغدو الآلات طبقةً بروليتاريّةً؟! سؤال يقرع الأذهان، ويومض للأعينِ، فالأتمتةُ تتطاول بعنقها نحو ذوي الياقات البيضاء (الموظّفون) وليس نحو ذوي الياقات الزرقاء (العمّال) فقط؛ لأنّ الوباء الّذي جثم في آذار الماضي على الصدور لن يتزحزح إلّا بعد أَنّ يهشّم العظام، لهذا؛ تجنح رأسماليّة الأتمتة إلى خياراتٍ يمكن توصيفها بـ(البقاء للأصلح)؛ فهذه النظريّة الداروينيّة هي خيار تلقائي للرأسماليّة ووكلاؤها (الكمبرادور) في تصفية علاقات الإنتاجِ الماضويّة، واجتراح علاقات إنتاج تتفق وضرورات هذه الطبقة عبر تفكيك (مُسَستم) للمهن الاستاتيكيّة في علاقتها مع التكنو-رأسماليّة، مثالٌ على ذلك؛ المحامون (يصل عدد المحامين في الأردن إلى اثني عشر ألف محامٍ ومحامية) والمعلّمون (يصل عدد المعلمين إلى مئة وخمسين ألف معلّم ومعلّمة)، لذا فإنّ الصراع ليس صراعًا مطلبيًّا فقط.
عطفًا على ما سبق؛ فإنّ العصر الّذي يتشكّل في هذه البرهة؛ هو عصر ما بعد السّوق، وهذا ما يتبدّى من خلال الاحتراب المصيريّ بين النقابات بفرعيها (العمّالي والمهني) والحكومة الأردنيّة، فقرار حكومة الدكتور (عمر الرزّاز) الذي تضمّن إيقاف العلاوات لموظفي القطاعِ العام استثار المعلمين مما أدى إلى اشتباك غير متكافئ بين الأضداد، والآن؛ تتهيأ نقابة المحامين لمبارزة مع حكومة الدكتور (بشر الخصاونة) بعيد إصدارها أمر الدفاع رقم (21)، والّذي تضمّن أيضًا إجراءات تتعلّق بالمحاكم والتقاضي.
إِنّ القوى التقليدية و النيو-تقليديّة لن تتمكّن من مقاومة التدفّقِ العرمرميّ لرأسماليّة الأتمتة؛ لأنّ الوباء استخلق طبقةً ثريّةً ستُلقي بهذه القوى إلى بئر بلا قعر؛ والتصريحات والتهديدات النقابيّة هي انتفاض الجسد أثناء الاحتضار، فالتعلّم عن بعد ليس ضرورةً إنقاذيّةً للإنسانِ من الوباء؛ بل هو ضرورة اقتصاديّة-رأسماليّة، والأتمتة ليست أداةً؛ بل هي زمنٌ سرمديٌّ سنضطر إلى الركوعِ له دون أن ننبس ببنت شفة.
أيُّها النقابيّون، ستبحُّ أصواتكم.
أيُّها النقابيّون، انتهى زمنُ الاحتجاجات المطلبيّة.

نيسان ـ نشر في 2020-12-13 الساعة 15:51


رأي: كريم الزغيّر

الكلمات الأكثر بحثاً