مساكين هؤلاء الأحرار ..
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2020-12-18 الساعة 15:49
نيسان ـ لا ادري إذا كان واقع الاستبداد الذي تعانيه امتنا منذ القرن السابع الهجري - تاريخ سقوط بغداد بيد التتار - وحتى الان، قد ترك بيننا كاتبا او مفكرا او فقيها او إنسانا حرا، يجهر برأيه وموقفه دون خوف من حساب او عقاب.
واذ اعتذر، سلفا، لكل الذين يتصورون انهم نالوا او انتزعوا هذه الفضيلة : فضيلة الحرية (اغلبهم بالطبع شهداء او مسجونون) ومن الآخرين الذين يبشروننا بكوكبة من الأحرار القادمين، او حتى من الحاضرين الذين يحاولون ان يدافعوا عن حقوق امتهم وهويتها، الا انني ما زلت ارى ان مرحلة السقوط الحضاري والفكري التي تناسلت من قرون حتى بلغت مداها في زمننا هذا، لا يمكن ان تفرز سوى هذا «الوهم» الذي يتلبس سرابيل الحرية حينا.. والديمقراطية والتقدم احيانا اخرى.. فيما اصله الاستعباد والاستبداد وفساد الذوائق والضمائر والجبلات.
واذا كان فعل الاستعباد كما يرى الكواكبي رحمه الله يبلغ بالأمة ان يحوّل ميلها الطبيعي من طلب الترقي الى طلب التسفل، بحيث لو دفعت الى الرفعة لأبت وتألمت، كما يتألم الاجهر من النور، فان ثمة في واقعنا العربي المرير من النماذج ما يحقق رؤية الكواكبي، ويزيد.
فأين هو الكاتب الحر في زمن شعاره «احنا شعب وانتو شعب» او «لا أريكم الا ما أرى»، واين هو العالم والفقيه الحر في عصر تقدست فيه السياسة وأصبحت دينا منزها عن النقاش والحوار، واين حرية التفكير والإبداع في عالم استبد به الجور، وتأله فيه الصنم /الانسان، وتحكمت فيه فتاوى «القوة» والغلبة والانتهازية،، والقداسة التي استأثر بها «الناطقون» باسم الله (تعالى) وباسم الخلافة لتحرير الشعوب من كرامتها وحقها في الحياة، اما كيف ؟ فبقطع الرؤوس وجز الرقاب وحرق الاجساد.
نحن ما نزال نكتب ونفكر ونفتي ونتأمل على هامش الحرية، هذه التي نطاردها ونلهث خلفها دون توقف، ولكن هيهات لأحدنا ان يزعم انه يمارس وظيفته بحرية حتى وان أحس بان داخله نفسا حرا يتحرك.. او اطمأن الى ان ما يجهر به يرضي ضميره ويرفع عنه إثم السكوت، او خطايا التجمل وحسابات التملق والارتزاق.
والا قل لي أينه المفكر الشهيد، وأينه الكاتب البطل.. وأينه الحبر الذي اصبح دما.. ولو ملك الفقهاء - كما يقول الكواكبي - حرية النظر لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين الذين جعل الله لهم نصيبا في الزكاة.. فقالوا: هم عبيد الاستعباد.. ولاستحقوا كفارات فك الرقاب.. باعتبار استعبادهم الرق الاكبر.
مساكين، اذن هؤلاء الاحرار، فمعركتهم لن تبدأ ضد الاستبداد ما لم تبدأ ضد «وهم الحرية» التي يستشعرونها، وضد السجن الكبير الذي خرجوا اليه - او هكذا تصوروا - بعدما نزعت الأغلال منهم في السجن الصغير.
واذ اعتذر، سلفا، لكل الذين يتصورون انهم نالوا او انتزعوا هذه الفضيلة : فضيلة الحرية (اغلبهم بالطبع شهداء او مسجونون) ومن الآخرين الذين يبشروننا بكوكبة من الأحرار القادمين، او حتى من الحاضرين الذين يحاولون ان يدافعوا عن حقوق امتهم وهويتها، الا انني ما زلت ارى ان مرحلة السقوط الحضاري والفكري التي تناسلت من قرون حتى بلغت مداها في زمننا هذا، لا يمكن ان تفرز سوى هذا «الوهم» الذي يتلبس سرابيل الحرية حينا.. والديمقراطية والتقدم احيانا اخرى.. فيما اصله الاستعباد والاستبداد وفساد الذوائق والضمائر والجبلات.
واذا كان فعل الاستعباد كما يرى الكواكبي رحمه الله يبلغ بالأمة ان يحوّل ميلها الطبيعي من طلب الترقي الى طلب التسفل، بحيث لو دفعت الى الرفعة لأبت وتألمت، كما يتألم الاجهر من النور، فان ثمة في واقعنا العربي المرير من النماذج ما يحقق رؤية الكواكبي، ويزيد.
فأين هو الكاتب الحر في زمن شعاره «احنا شعب وانتو شعب» او «لا أريكم الا ما أرى»، واين هو العالم والفقيه الحر في عصر تقدست فيه السياسة وأصبحت دينا منزها عن النقاش والحوار، واين حرية التفكير والإبداع في عالم استبد به الجور، وتأله فيه الصنم /الانسان، وتحكمت فيه فتاوى «القوة» والغلبة والانتهازية،، والقداسة التي استأثر بها «الناطقون» باسم الله (تعالى) وباسم الخلافة لتحرير الشعوب من كرامتها وحقها في الحياة، اما كيف ؟ فبقطع الرؤوس وجز الرقاب وحرق الاجساد.
نحن ما نزال نكتب ونفكر ونفتي ونتأمل على هامش الحرية، هذه التي نطاردها ونلهث خلفها دون توقف، ولكن هيهات لأحدنا ان يزعم انه يمارس وظيفته بحرية حتى وان أحس بان داخله نفسا حرا يتحرك.. او اطمأن الى ان ما يجهر به يرضي ضميره ويرفع عنه إثم السكوت، او خطايا التجمل وحسابات التملق والارتزاق.
والا قل لي أينه المفكر الشهيد، وأينه الكاتب البطل.. وأينه الحبر الذي اصبح دما.. ولو ملك الفقهاء - كما يقول الكواكبي - حرية النظر لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين الذين جعل الله لهم نصيبا في الزكاة.. فقالوا: هم عبيد الاستعباد.. ولاستحقوا كفارات فك الرقاب.. باعتبار استعبادهم الرق الاكبر.
مساكين، اذن هؤلاء الاحرار، فمعركتهم لن تبدأ ضد الاستبداد ما لم تبدأ ضد «وهم الحرية» التي يستشعرونها، وضد السجن الكبير الذي خرجوا اليه - او هكذا تصوروا - بعدما نزعت الأغلال منهم في السجن الصغير.
نيسان ـ نشر في 2020-12-18 الساعة 15:49
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي