اتصل بنا
 

لا مستقبل لليبيين في ليبيا؟!

كاتبة جزائرية

نيسان ـ نشر في 2015-08-24 الساعة 23:03

نيسان ـ

أين أصدقاء ليبيا و”الثورة الليبية”؟ أين الجزيرة وساركوزي والناتو؟ أين القرضاوي الذي أفتى بقتل القذافي على رقبته وقال إن من يقتله سيذهب إلى الجنة وكأن مفاتيح الجنة بيده؟!
أين هؤلاء لاستقبال الليبيين الفارين من بلادهم، هروبا من داعش ومن الاقتتال القبلي ومن حياة الجحيم في ليبيا.
قوات حراس السواحل الإيطالية تمكنت مساء السبت الماضي من إنقاذ 4400 “حراڤ”، أو مثلما تسميهم أوروبا مهاجرين غير شرعيين، في عرض المياه الليبية، وهو رقم مرعب ودليل على أن ليبيا، التي وعد القرضاوي والناتو بأنها ستكون جنة بعد مقتل القذافي والإطاحة بنظامه، صارت لا تطاق، وصارت مفتوحة على كل المخاطر. فداعش تقتل كل يوم، في غياب دولة قوية، بعدما انهارت الدولة وقامت حكومتان إحداهما شرعية غير قادرة على لملمة أشلاء ليبيا وحماية مواطنيها، وأخرى إرهابية تحكم بالرعب وتسيطر على منابع النفط والمطارات وموانئ البلاد، والشعب موعود كل يوم بالمجازر والاختطاف والفوضى.
تقول أرقام المنظمة الدولية للهجرة إنه في شهر جويلية وحده بلغ عدد الليبيين الذين وصلوا إلى السواحل الأوروبية 110 ألف مهاجر، وأن ما لا يقل عن 2300 هلكوا في عرض البحر. فماذا بقي في ليبيا إذا، غير الإرهابيين والميليشيات المسلحة التي تتقاسم رقاب العباد وتتحكم في أرزاقهم؟ مع العلم أن ما لا يقل عن مليوني ليبي هاجروا قسرا إلى تونس منذ بداية الأزمة الليبية، يعيش أغلبهم في ظروف صعبة، ومصير الكثير من أطفالهم ضاع بين مدارس مكتظة وبيوت تتقاسمها العديد من العائلات في آن واحد، ناهيك عمن هاجروا إلى الأوطان الأخرى.
أين - قلت - كل هؤلاء الذين تواطأوا على ليبيا للإطاحة بالقذافي، بدعوى حماية الليبيين من جرم القائد، الذي اتهموه بأنه أخرج الجيش لقتل الليبيين وقمع “ثورتهم”؟ فأيهما أخطر اليوم على الليبيين؟ وضع مأساوي دفعهم إلى الفرار من مذابح داعش، وسلطة الأمر الواقع الإجرامية لـ”فجر ليبيا” الإرهابي؟ أم القذافي؟
الليبيون يدفعون ثمن كل الأخطاء المرتكبة، سواء التي ارتكبها القذافي الذي حكم البلاد بالحديد والنار، وجهّل شعبه وأضعف جيش بلاده حتى لا يكون هناك من تسول له نفسه أن ينقلب عليه، رغم تكديسه للسلاح الذي سقط اليوم بين أيدي الجماعات الإجرامية، وتستعمله اليوم ضد الشعب الليبي، مثلما ضد الجزائر وتونس ومالي وفي مصر، وكل المنطقة التي تعاني فوضى الناتو مثلما يدفعون ثمن العقلية القبلية التي تقدم مصلحة القبيلة على مصلحة الوطن ومصلحة الشعب.
ومع ذلك مازال الحل بعيدا، والحوار يتلكأ في غياب سلطة سياسية قوية، والسياسيون أنفسهم ألعوبة في يد الميليشيات التي تمتلك السلاح، ولا تريد للحل أن يكون على حساب مصلحتها، ومصلحتها في إطالة الأزمة لتبقى تتقاسم ثروات البلاد بتواطؤ غربي، ومن مصالح غربية استفادت من الوضع المنهار الذي تعيشه ليبيا.
فمنذ أيام نشر موقع “ريزو فولتار” أرقاما خيالية عن الأموال الليبية التي أودعها القذافي في البنوك الغربية، والتي ترفض بلدانها اليوم إعادتها إلى الحكومة الشرعية في ليبيا.
أوروبا تستقبل بترحاب الأموال الليبية المهربة إليها، وتفتح أسواقها للنفط الليبي الذي تسرقه الميليشيات وداعش، بينما ترفض استقبال المهاجرين الليبيين وتسميهم بغير الشرعيين، مع أنها تستقبل المال والنفط المهرب بطريقة غير قانونية، وحتى أن بعض حراس سواحلها مثلما في أثينا عمدوا إلى إغراق مركبات المهاجرين في البحر حماية لبلدانهم من هذا الكم البشري المتدفق عليهم.
أين من زرعوا الفوضى في ليبيا لإيجاد حل عاجل حماية للشعب الليبي، لأنه إذا ما استمر الوضع على حاله فإن الليبيين سينتهون إما غرقى في المتوسط، أو معلقة رؤوسهم على الأعمدة في الساحات، ولن يكون هناك شعب اسمه الشعب الليبي في المستقبل القريب، بينما ينهب الجميع ثرواته!

نيسان ـ نشر في 2015-08-24 الساعة 23:03

الكلمات الأكثر بحثاً