اتصل بنا
 

إعادة تأسيس لبنان

نيسان ـ نشر في 2015-08-25 الساعة 10:38

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

في بلد الحرية و العلم والثقافة ليس من حرية أو علم أو ثقافة، إلا ثقافة المحاصصة، فهي السائدة وهي اللغة التي تلبي الغرائز و يفهمها الجميع الآن.
بالمقاييس المنطقية فإن سبب المشكلة عرضي بسيط، فمنذ أشهر وأكوام النفايات تتكدس في أجمل مدن الأرض، بسبب أن المكب القديم امتلأ او لم يعد صالحا، وعند محاولة الجهات المعنية إيجاد مكب جديد، اصطدمت تلك الجهات بالحقيقة المرة، إذ لا احد من اللبنانيين يريد ان تكون محطة معالجة النفايات في منطقته؛ ما ادّى الى تكديسها في شوارع بيروت، واستدعى بالتالي ان يبدأ حراك هدفه فقط حل هذه المشكلة.
وما كان كل هذا إلا ليكتشف المتظاهرون المدنيون ان هناك روائح أكثر نتانة من روائح الحاويات الطافحة بالاوساخ ، فأطلقوا شعارهم المهضوم ( طلعت ريحتكن).
الحراك احرج واستفز كل الاطراف، ففي لبنان يستغرب الناس أية دعوة لمصلحة الوطن اللبناني ككل، فالقناعة راسخة هناك بأن "وطن الجميع ليس وطنا لأحد" ، و لا بد من أن تمر التصرفات والدعوات والمشاريع من خلال مواسير الطائفية، لتستوي وترتقي بناظرهم كعمل سياسي، كيف لا والساسة في لبنان ما هم الا أمراء و ملوك طوائف يعتاشون على النزاعات وأبعد ما يكونون عن صفة المواطنة.
اختطف البعض منصات الحراك وراحوا يحرفونه عن مساره لاسقاط الحكومة، و انسحب البعض الآخر من الحراك ليوظف الطرف الأقوى الفعل كله بالمحصلة لمصلحة دعاة "المؤتمر التأسيسي".
والقصة بوضوح ان حزب الله يريد ان يعمّ الفراغ السياسي في لبنان من أجل فرض محاصصة جديدة، من خلال ترتيب مؤتمر تأسيسي، حيث يرغب بإعادة توزيع السلطة اللبنانية بدل كونها الآن موزعة بين مسيحي ومسلم لتصبح بين ثلاثة ; مسيحي شيعي سني.
و تلك محاولة للخروج من قيود الشرعيات والثلث المعطل والفراغات في الرئاسيات وغيرها، و بالتالي الظفر بالهيمنة على الدولة اللبنانية والخروج من العزلة التي قد ينزوي بها الحزب كأثر ناتج عن الاتفاق النووي الايراني مع الغرب، و ايضا تحسبا لما قد تجلبه الايام القادمة من وراء التورط في سورية.
نلاحظ هنا ان هذا الاختطاف للحراك ليس مبتكراً وليس الاول في تاريخ المنطقة الحديث.
فما أن يبدأ حراك او تذمر في بلد من سوء إدارة او سلطة فاسدة، او اي حراك يسعي لبناء الدولة المدنية، دولة الحرية و المؤسسات والقانون، حتى تختطفه التيارات المتطرفة وتحول الصراع من طابعه التطوري البَّناء الى رجعياتها الطائفية و الاثنية.
و هذا بالضبط ما جرى للثورة الايرانية، وللمقاومة الوطنية اللبنانية، ولحركة التحرر الوطني الفلسطينية وفي العراق و ليبيا ومصر وسورية واليمن، إن ذات المشهد يتكرر وبشكل متفق عليه بين من هم في السلطة او المرجعيات وقوى الشد العكسي وبإشراف مباشر من مرابطهم ومراكز قرارهم الإمبريالية.

نيسان ـ نشر في 2015-08-25 الساعة 10:38

الكلمات الأكثر بحثاً