اتصل بنا
 

(المصلحجي)

نيسان ـ نشر في 2015-08-27 الساعة 08:26

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

من الملاحظ أنه تم ابتداع هذا المصطلح ونحته بعناية فائقة، وعلى سبيل الدارج عند أهل بلاد الشام وطريقتهم في النسب للصنعة، أنتجه المخيال الشعبي ليُعبّر به عن نبذه حالة استشرت في مجتمعاتنا، مجتمعات شبه الوفرة، أو الحاجة للوفرة.
فهو يوصِفُ تلك الشخصية المعوزة، المخترقة بألوان وروائح وأطعام ما يحيط بها من بيئة، حيث تفتقد لخاصية اللون الثابت، وتتمتع بمرونة تصل حد الهلامية، تؤهلها للتلوي والتلوّن حسب الحيز المتاح.
وتتموضع عادة في مناطق التقاطعات بين المغريات، لكنها تتحفّز باتجاه أي منفذ يؤدي لغاياتها، فلا يضيرها أو يصعب عليها أن تسلك ما أستدق واستطرق من ممرات، مستغلة مزاياها الاسموزية للتسلق.
ومن تجليات صفاتها وطفراتها الجيل السياسي، حيث أنتج النموذج الذي يجيد المشي على الحواف، تراه يستبسل أحيانا في الدفاع عن المظلومين والمستضعفين، ولا تعوزه حماسة أهل الأصوات العالية، فيدخل في مواجهات مباشرة –محسوبة- مع السلطة، لكن صاحب هذه الشخصية، لا يتورع عن النكوص في أية لحظة، ويمارس هوايته في تقريع الجماهير ووصفها بالتخلف اذا اقتضت ضرورياته فعل ذلك، من السهل عليه امتلاك رصانة ووقار عليّة القوم وخطابهم، فالانتهازية وصف مخفف لما يتمتع به من قدرة على المخاطرة بكل شيء كوسيلة للاقتناص.
تم انتاج وتغليف "المصلحجي" في معامل بيروقراطية الدولة، كردة فعل مشوهة لنمط المواطن الساعي للحصول على حقوقه، من خلال الممرات الطبيعية، فأصلا ليس أرقى من السلوكات البشرية المستندة للمصلحة، لكن بشرط سلوك الطرق الصحيحة، المشفوعة بالحق، في سبيل الحصول على الحاجات الانسانية المشروعة، أما نظير كل هذا، فهي الشخصية السلبية. شخصية "المصلحجي" التي تسعى لتلبية حاجاتها بأخذ حقوق الآخرين، مبررة كل الوسائل للوصول الى مرادها.
طبعا، لا غرو ولا مندوحة من القول، أن هذه الآفة تحظى بدعم أبواب الفساد العالية، المحوجة للبطانة والولاءات والمصدّات والواقيات، فليس أحسن لها من أدوات معروفة أسعارها وغاياتها، ويسهل تقليبها وتطويعها بأشكال المراحل والمخاطر ومقتضياتها، ويمكن كبها حين نفاذ الصلاحية، في مستوعبات مخصصة لهذه الغاية، دون تحمل أية تبعات.
من التجليات الأخرى وليست الأخيرة للمصلحجي، عبوره للحدود، وكدأبه في مباطنته والتحاقه فيمن هم أعلى منه رتبة، فإنه يلتحق أينما حلّ أو استقر بالطبقات العليا فيبيعهم الولاءات والمقولات والتلميعات، في حين يبخس على الناس حقوقهم مجاملة لعلية القوم.
كما أنه لا يتوانى عن مهاجمة الطبقات الكمبرادورية رغم أنه عضو أصيل فيها كوكيل لفبارك وقوالب منمطة مكرورة جاهزة.

نيسان ـ نشر في 2015-08-27 الساعة 08:26

الكلمات الأكثر بحثاً