(الطبال) والسياسي ..عندما (تولع) بينهما
نيسان ـ نشر في 2015-08-29 الساعة 14:20
كتب محمد قبيلات
يراقب المواطن دخان معاركهم، وبالكاد تسعفه أوصاله التعبة لأن يشيح بوجهه المتكدر بالهموم، المثقل بأوجاع حاجاته اليومية، عن مشاهدهم الرثة، يغطي أنفه حتى لا تزكمه روائح أعراقهم وأصولهم وأوصارهم (الطبقية) الممتدة للأجنبي.
معاركهم الخطأ تبدأ في الوقت الخطأ، وهم أساسا خطأ ناتج عن خطأ، لا يصلحون ولا أمل بصلاحهم يرجى، ولا يرتقي أي منهم ليصبح طرف نزاع كامل الأهلية، فالوزير والجريدة هبطا بـ "الباراشوت" على أوساطهم، فلا هو سياسي ولا هي صحيفة، بما تعني الكلمات والأوصاف من كفاءة وأهلية ووعي بالمسؤولية واجبة التوفر في كل منهما.
فأية مصائب هذه التي تجمعت واختطفت الوطن من بين يدي ابنائه التعّيبة الذين كانوا وما زالوا يسهرون على صيانة وحماية حبهم لفكرة رومانسية اسمها الوطن، والأمل يحدوهم بأن تبقى صورته متألقة ولا تشوبه الشوائب.
كثر من يتخرصون بالسياسة، ويقابلهم من يحملون أبواق الاعلام، وكلهم عرائس يُلهينا بها حكواتي يشد الخيوط من أسفل نافذة العرض، فتبدو الدمى للناظرين فاعلة بينما حقيقة الفعل كامنة وراء الأكمة.
عندما يقترب المشهد على النهاية، يشد الحكواتي المحترف خيطا ما، فيكشف قصة خبأها عامدا تأخيرها الى هذه اللحظة، فتأخذ الأحداث منحاها لإسدال الستارة وفض الفرجة، هكذا دأب مسارح العرائس، ليس من جديد أو تجديد فيه.
القصة مسلية ومثيرة جدا، لكن المخفي أكثر إثارة، فالوزير "عوّيِد" أي أن هذه القصص لعبته ودرج عليها قبل أن يقفز الى نافذة العرض كـ"كومبارس"، فلقد تدرج وترقّى بسرعة الى رتبة عروس يوجهها حكواتي، لكنه هدر الكثير ليصل الى هذه المنزلة.
أما الضحية الخبيرة بأعمال إغاثة المعوزين والمحرومين، والـ " متعودة دايما" لم تكن لتفرق معها كل القصة ، وكثر ما كسرّت الجِمال بطيخا من حولها ومن أمامها ومن خلفها، لم تكن لتعبأ بذلك، لكن خيطا شدّها هذه المرة الى هذا المنحى، لهدف انتاج قصة كاملة العناصر والحبكة.
أما الجريدة الوقورة الموقرة المؤسسة على السعفة، فما تنطق عن الهوى، ولديها من الخيوط المبرمة على شكل حداثي وما وراء حداثي "سلكي ولا سلكي" يشدها حكواتي آخر تارة ذات اليمين وتارة ذات الشمال.
وسط كل هذه الطاسات الضائعة والمشدودة بخيوط الى أكثر من محرك، يلف المواطن "هيشيته" ويُنحّي وجهه المكرّم والمنزّه عن كل هذه الترهات، ويتفكر ويتذكر ويتدبر خططا لسد رمقه، يطرد من خياله هواجس الرحيل بقوارب المهربين الى البلاد البعيدة، على أمل أن تنتهي الحالات الـ "ما ورائية" التي تتحكم وتصنع المشاهد وتقدمها على أنها أحداث سياسية، فتسود الشفافية الجديرة بها هذه الأوطان.
أمل عريض وبعيد، لكنه قابل للتحقق في يوم ما.