اتصل بنا
 

اخلعوا خوذاتكم إنها حقبة الافراح السلمية 

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2015-08-30 الساعة 15:45

نيسان ـ ككل أفراح الدنيا صار اليوم بإمكانك المشاركة في فرح ينشغل فيه فتية الحي في دبكاتهم ورقصاتهم، فيما تواصل الصبايا والأمهات إطلاق صليات زغاريدهن من دون أن تجفل في الليلة الواحدة عشرات المرات من أزيز الرصاص. ومن دون أن يخطر في بالك أن تحضر معك الى الحفلة صندوق الاسعافات الأولية بدلا من (النقوط) لان شخصا ما سيصاب برصاصة، وسيكون عليك أن تسعفه سريعا. من كان يعتقد أنه سيشارك في زفة عريس في المحافظات والأطراف والبوادي والقرى من دون أن يرتدي خوذة قتال! أو قميصا واقيا ضد الرصاص. اليوم ستنشغل بالتصفيق للعريس من دون أن تتحسس رأسك خوفا من أن تصيبك رصاصة طائشة. من كان يتنبأ أن مزاجا أردنيا تعايش طوال عقود على أزيز الرصاص في الأعراس سيلفظ الظاهرة! ها قد وجدنا السكة أخيراً ووضعنا قدمنا عليها، بعد أن استبدلنا جزءاً من موروثنا الفلكلوري بآخر متحضرا وجميلا ومسؤولا.. حسناً. تقول الأخبار الرسمية وغير الرسمية إن الأردنيين هبوا لمحاربة الظاهرة، وأن أفراحهم ستكون نقية ومنزوعة الرصاص والدموع أيضا. وتقول منشورات الناشطين أيضاً، أن أحد المواطنين في قرية نائية طلب من ضيوفه في ليلة عرس ابنه عدم إطلاق العيارات النارية؛ فاستجابوا. مرد المناخات الرافضة شعبياً لمواصلة إطلاق العيارات النارية معروفة. لن نضيف جديداً في الخوض بتفاصيلها، لكننا ندرك أهمية تعزيز التحرك الجديد والبناء للوصول إلى ظاهرة بديلة تردم ما شوه به البعض مورثات آبائنا وأجدادنا الذين كانوا يكتفون بالقليل من العيارات النارية بينما كانوا يطلقون العنان لأهازيج الفرح و(الهجيني والدحية ). في الواقع، لا أحد يذكر أن فتى قتل برصاص الأعراس في عهود سابقة، ولعل اتساع جوف الأودية ومساحات الصحراء الشاسعة وقمم الجبال الباسقة تفسر عدم سقوط ضحايا، وكيف تكفلت الجفرافيا الخالية بحماية المجتمعات القليلة من ارتداد الطلقات النارية. لكن لم تبق الصحراء على حالها وضاق الناس بالمكان ثم ما لبثت الظاهرة ان زحفت نحو المدينة، حيث الاكتظاظ السكاني وحيث تزاحم الرقاب؛ ما يضاعف حتمية وقوع الرصاص على فوق رأس أحدهم، فالسماء - وكما قالت مديرية الأمن العام - لا تبتلع الرصاص. جدية الدولة في محاربة الظاهرة وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا ساهمت إلى حد كبير في استبدال سلوكيات الناس الخاطئة بأخرى متحضرة وأكثر مسؤولية. وهذا يعني أن الدولة عندما تريد تفعل ستنجح في فرض قيم جديدة، فالدولة دائما صاحبة هيبة، لكن فقط عندما تريد فرضها.

نيسان ـ نشر في 2015-08-30 الساعة 15:45

الكلمات الأكثر بحثاً