الرحلة الحزينة
صافي الياسري
كاتب عراقي
نيسان ـ نشر في 2015-09-02 الساعة 23:18
الله يعلم كم شعرت بالاسى والالم حين زرت مدينة اشرف ذات يوم من عام 2009 فواقفت عند الباب وجرى التحقيق معي عن سبب زيارتي ومن الذين اعرفهم في المخيم فقلت اني لا اعرف دا واني مجرد معلم ،فقيل لي لم نعد نسمح لاحد بدخول المخيم !! عندها تداعت الذكريات امام عيني واسماء وصور الاخوة الاشرفيين حين كنا نتناول الطعام تحت رذاذ المطر في حدائق اشرق او قرب بحيرة الاسماك او حديقة جسر الكارون والشلال الذي ابدع في هندسته الاشرفيون ،حتى تهاطلت دمعاتي ،وحتى اليوم كلما مررت باشرف في طريقي الى كركوك تتغرغر الدمعة في عيني حنينا - انها نوستالجيا المكان – وتعشقاته الروحية .
الان اقول كيف كان حال الاشرفيين الذين اسميتهم بقية السيف ،الذين افلتوا من مجزرة الاول من ايلول عام 2013 وهم يلقون النظرة الاخيرة على اعمدة اشرف وحدائقها وشوارعها وذكرياتها انا متاكد ان دموعا غزيرة هطلت من ارواحهم قبل ان تغسل اجفانهم ،ففي تاشرف كانت ذكريات الاخوة والاصدقاء والاهل الذين زاروهم وساكنوهم وعايشوهم واطعموا من طعامهم وحكوا لبعضهم معاناتهم في الدارين ايران واشرف ،يا لله ويا لصبرهم ويا للرحلة الحزينة التي اخذتهم بعيدا عن اسرة العز ومحطات الجمال الاشرفية التي اجبروا على مغادرتها ،مع اني سمعتهم مرارا يهتفون تحديا سنبني الف اشرف غيرها ،لكنني على ثقة ان تلك المدينة التي بنوها شبرا شبرا ستبقى محفورة الرسوم في قلوبهم وارواحهم .
ويومها قرأت بيانا بهذا الشأن اصدرته المقاومة الايرانية جاء فيه انه تجاوباً مع طلب للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية وتأسيساً على الضمانات المقدمة من قبل الخارجية الأميركية حول أمن ليبرتي وأمن عملية نقل سكان أشرف وحفاظاً على ممتلكات السكان في أشرف وبعد ستة أيام من المحادثات المكثفة مع الأمم المتحدة والمسؤولين الامريكيين، وافق 41 من المجاهدين الاشرفيين بينهم جرحى مجزرة الاول من إيلول / سبتمبر، على الانتقال من أشرف إلى ليبرتي. هذا ووصل رتل عجلاتهم إلى ليبرتي في الساعات الاولى من فجر يوم الخميس 12 إيلول / سبتمبر.
وكانت السيدة بت جونز مساعدة وزير الخارجية في شؤون الشرق الادنى قد بعثت برسالة إلى السيدة رجوي يوم 06 إيلول / سبتمبر 2013 كتبت فيها : ..... نحن نصر على ان مرتكبي هذه العملية البربرية يجب مقاضاتهم كما نصر على القيام بما يمكن القيام به من اجل العثور على المفقودين .... ( حتى هذه اللحظة لم يكشف عن هويات الفاعلين ولا عن مصير المخطوفين ؟؟) نحن نطلب منكم بالحاح بقبول خطة بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق ( اليونامي ) حتى ينتقل ما تبقى من السكان بسلامة ودون تأخير وتحت إشراف الامم المتحدة و بواسطة الباصات المصفحة وفي أسرع وقت.... واذا وافقتم على مثل هذا التوجه، فان الأمم المتحدة ستساعد في الحفاظ على الممتلكات في أشرف من خلال استخدام شركة محلية معتمدة للحماية بغرض التسهيل للحفاظ على
الممتلكات في اشرف ( وهذا ايضا لم يحصل فقد سرقت كميات كبيرة من ممتلكات الاشرفيين بعد كسر اقفال المخازن ) وان السفارة الاميركية سوف تبذل قصارى جهدها لدعم هذه المساعي. ووفقاً للخطة المقدمة من قبل اليونامي ، وفي النهاية اننا نهتم بالاتـفاق الذي جرى بين الحكومة العراقية واليونامي من أجل نصب الكتل الكونكريتية الكبيرة تطبيقا لما ورد في خطة اليونامي وكذلك نأخذ بعين الاعتبار المزيد من الإجراءات الأخرى للحماية.
وفي ردها كتبت السيدة رجوي :« اود ان الفت انتباهكم الى تلبية الاحتياجات الامنية الملحة لنقل سكان اشرف الى ليبرتي بشكل عاجل.... وسوف يركز النظام الايراني على مواصلة الهجمات ضد مخيم ليبرتي وسكانه العزل فور نقل سكان اشرف الى ليبرتي. وفي السياق نفسه، أهم خطوة هي اعادة 17500 من الكتل الكونكريتية ذات ارتفاع 4 أمتار الى ليبرتي ونقل المستلزمات الطبية الملحة والخوذ والسترات الواقية من اشرف الى ليبرتي لحماية 3 آلاف من السكان. وبعد تنفيذ هذه الاجراءات سيتحرك جميع سكان اشرف الى ليبرتي».
واستهدفت حافلات السكان اثناء المرور في قضاء الخالص، بعملية تفجيرية ومن حسن الحظ لم يسفر الحادث عن اية خسارة في الارواح. وحسبما اتفق عليه السكان مع الأمم المتحدة، كان من المقرر ان لا يعلن اي طرف من الطرفين خبر الانتقال لحين وصول الرتل إلى ليبرتي من اجل حماية السكان، غير ان اللواء جميل قائد شرطة ديالى وقائد مجزرة الاول من إيلول / سبتمبر قام باخبار توقيت انطلاق الرتل للجماعات التابعة لقوة القدس الارهابية امثال حزب الله العراقي وعصائب الحق وكذلك الصحفيين والمراسلين بعد ظهر يوم 11 ايلول/ سبتمبر وتم نقلهم الى اشرف بحماية الشرطة.
ان 41 من المجاهدين المتبقين من المجزرة والإعدامات الجماعية في الاول من ايلول / سبتمبر توجهوا إلى ليبرتي بينما تصاعدت التهديدات الموجهة الى ليبرتي من جهة ولم تنفذ بعد الوعود الامريكية ووعود الأمم المتحدة من جهة أخرى. لذلك فان المقاومة الإيرانية وللحيلولة دون وقوع المزيد من المجازر، تدعو مرة أخرى الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى اتخاذ الإجراء ات العاجلة كما يلي:
1. الافراج عن الرهائن السبعه الذين تم اعتقالهم من قبل القوات العراقية في الاول من ايلول / سبتمبر،
2. انتشار دائم لقوات القبعات الزرق وكذلك فريق المراقبين لليونامي في ليبرتي،
3. توفير الحدود الدنيا من المستلزمات الأمنية في ليبرتي والتي تم تقديمها عدة مرات الى الجانب الامريكي والامم المتحدة وهي تشمل إعادة 17500 من الكتل الكونكريتية ونقل الخوذ والسترات الواقية والمستلزمات الطبية
من أشرف إلى ليبرتي واعادة 150 ملجأ فرديا بقياس 2 × 2 متر وتوفير الآدوات الضرورية من اجل نصب سقوف ثانوية للكرفانات والسماح بعملية البناء في ليبرتي وتوسيع مساحة ليبرتي.
هذا وقام سكان ليبرتي والجالية الايرانية في كل من جنيف ولندن وبرلين واتاوا بالاضراب عن الطعام منذ يوم الاول من ايلول/ سبتمبر من اجل تلبية هذه الطلبات الاربع اعلاه وهم الآن في اليوم الثاني عشر من اضرابهم عن الطعام.
وفي 11 إيلول/ سبتمبر بعث 35 من الشخصيات الامريكية البارزة بينهم 10 جنرالات متقاعدين و5 من الضباط الذين كانوا يتولون مسؤولية حماية أشرف وكذلك الرؤساء السابقين لمجلس النواب والمرشحون السابقون للرئاسة والوزراء والسفراء السابقون، برسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الأمريكية طالبوا فيها بانتشار فوري لقوات القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة في ليبرتي.
وتزامنا مع ذلك، اقيم مؤتمر في البرلمان الاوروبي بحضورعدد من زعماء البرلمان يطالبون بالافراج الفوري عن الرهائن وانتشار قوات القبعات الزرق وتوفير المستلزمات الحماية لليبرتي. كما طالبت المجموعات البرلمانية في البرلمان الاوربي بما فيها أحزاب الشعب الاوروبي و حزب الليبرال الديمقراطي في بيانات منفصلة بالافراج الفوري عن الرهائن من قبل الحكومة العراقية وانتشار القوات الاممية في ليبرتي .
الست محقا حين اسميتها الرحلة الحزينة ؟؟ نعم لكنها في جانبها الاخر صفحة نضالية خالدة لاشرف الرمز ومقاتليها .