تبرير 'الاستقالة' يشعرنا 'بالإهانة'
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2021-03-11 الساعة 11:12
نيسان ـ يكتشف الوزير المستقيل، معن القطامين، بعد أربع وعشرين ساعة على قبوله حقيبة العمل في التعديل الذي أجرته الحكومة أن «لجنة» الاستثمار الوزارية قد تبخرت، وانه لا نصيب له من المشاركة في «تثوير» الاستثمار، فينتفض غضباً ويقدم استقالته.
هذه آخر نسخة من «معلّقات» الاستغفال التي وصلتنا من «المسؤولين» الذين اشبعونا نقداً للحكومات، وتنظيراً في الإصلاح، وسوقوا علينا «بطولاتهم» وكفاءاتهم، فما فعله الرجل كان يمكن ان يفهم في سياق «الاحتجاج» على قضايا أهم لم نسمع منه كلمة واحدة عنها، رغم ان «الفيديوهات» ما زالت شاهدة على نضالاته قبل ان يصبح وزيراً، كما أنه كان يمكن أن يقبل لو أسعفنا «برواية» مقنعة عن أسباب اختياره الاستمرار في الحكومة وزيراً للعمل فقط، وهو يعرف تماما مهمات هذه الوزارة وواجباتها، وميزانية التشغيل فيها، وانه لا علاقة لها بموضوع «الاستثمار» ابداً.
لا ادافع عن «الرئيس» الذي اختار القطامين وزيراً، وليس لدي أية مرافعة عن «معايير» اختيار غيره من الوزراء، فتلك قصة أخرى مزدحمة «بالخيبات»، لكن ما أدهشني هو محاولة الوزير المستقيل اقناعنا بأنه فعل ذلك من أجلنا، وبأن «غيرته» الوطنية العابرة لكل الوطنيات هي التي دفعته للقفز من «مركب» الحكومة بعد ساعات من أدائه اليمين الدستوري، علماً بأنه هو من قرر «الاستمرار» بعد ان نزعوا منه حقيبة «الاستثمار»، وهو الذي قرر قبل ذلك الدخول للحكومة على قاعدة «اركب معنا».
خمسة شهور او اقل قليلاً كانت كافية «لكشف» الوزير نجم «السوشال ميديا» في ميدان «العمل» والتنفيذ، بعد سنوات طويلة سجل فيها «ارقاماً» عالية من الشعوبية، وهذه ليست حالة «فردية» تخصه فقط، وانما ثمة «نماذج» أخرى أسست في بلادنا لأساطير «المنقذ» والمهدي المنتظر، وأغرقتنا في أوهام عميقة، عطلتنا عن رؤية الحقيقة، حتى اذا جاءت لحظة الامتحان فإذا بها مجرد «أصوات» او صرخات تداعب عواطف الناس المحملّة بالإحساس بالقهر والخوف والمعاناة.
أسوأ رسالة يمكن ان نبعثها للأردنيين في هذا الوقت الصعب هي رسالة «الاستهانة» والاستخفاف بوعيهم، لأنها ليست فقط مجرد «استغفال» لهم، وانما إهانة لذاكرتهم وضمائرهم ومطالبهم، واعتقد اننا -كمجتمع- تلقينا على مدى الأشهر الماضية «رزمة» من الرسائل المغشوشة، وهذه لا يمكن تفسيرها الّا في اطار «النرجسية» والاستعلاء الذي يتحرك بها بعض المسؤولين للتعامل مع المجتمع بمنطق «من أنتم...؟» وكأننا، اقصد الأردنيين، الذين سجلوا أعلى المعدلات في التعليم والثقافة مجرد جمهور لوضع «اللايكات» وتصديق «المعارضة» بالصراخ، والختم على «المضابط» المرسلة والمقررات المسلوقة بلا وعي ولا ادراك.
ان يستقيل وزير، هذه مسألة مشروعة، لكن ان «يسوقها» ويبررها بحجة احترام المصلحة العامة، ودفاعا عن الأردنيين الطيبين ..هذه استهانة بعقولنا وذكائنا، ويبقى السؤال اذن، لماذا استقال؟ لدي إجابة واحدة وهي انه أراد ان يبعث رسالة مفادها «دخلت برغبتي وخرجت كذلك في اللحظة التي احددها»، ظنّاً منه انه ربح «المغامرة» بالدخول والخروج معاً، لكن ما حصل انه خسر الهدفين، ووضع نفسه في موقف لا يحسد عليه.
هذه آخر نسخة من «معلّقات» الاستغفال التي وصلتنا من «المسؤولين» الذين اشبعونا نقداً للحكومات، وتنظيراً في الإصلاح، وسوقوا علينا «بطولاتهم» وكفاءاتهم، فما فعله الرجل كان يمكن ان يفهم في سياق «الاحتجاج» على قضايا أهم لم نسمع منه كلمة واحدة عنها، رغم ان «الفيديوهات» ما زالت شاهدة على نضالاته قبل ان يصبح وزيراً، كما أنه كان يمكن أن يقبل لو أسعفنا «برواية» مقنعة عن أسباب اختياره الاستمرار في الحكومة وزيراً للعمل فقط، وهو يعرف تماما مهمات هذه الوزارة وواجباتها، وميزانية التشغيل فيها، وانه لا علاقة لها بموضوع «الاستثمار» ابداً.
لا ادافع عن «الرئيس» الذي اختار القطامين وزيراً، وليس لدي أية مرافعة عن «معايير» اختيار غيره من الوزراء، فتلك قصة أخرى مزدحمة «بالخيبات»، لكن ما أدهشني هو محاولة الوزير المستقيل اقناعنا بأنه فعل ذلك من أجلنا، وبأن «غيرته» الوطنية العابرة لكل الوطنيات هي التي دفعته للقفز من «مركب» الحكومة بعد ساعات من أدائه اليمين الدستوري، علماً بأنه هو من قرر «الاستمرار» بعد ان نزعوا منه حقيبة «الاستثمار»، وهو الذي قرر قبل ذلك الدخول للحكومة على قاعدة «اركب معنا».
خمسة شهور او اقل قليلاً كانت كافية «لكشف» الوزير نجم «السوشال ميديا» في ميدان «العمل» والتنفيذ، بعد سنوات طويلة سجل فيها «ارقاماً» عالية من الشعوبية، وهذه ليست حالة «فردية» تخصه فقط، وانما ثمة «نماذج» أخرى أسست في بلادنا لأساطير «المنقذ» والمهدي المنتظر، وأغرقتنا في أوهام عميقة، عطلتنا عن رؤية الحقيقة، حتى اذا جاءت لحظة الامتحان فإذا بها مجرد «أصوات» او صرخات تداعب عواطف الناس المحملّة بالإحساس بالقهر والخوف والمعاناة.
أسوأ رسالة يمكن ان نبعثها للأردنيين في هذا الوقت الصعب هي رسالة «الاستهانة» والاستخفاف بوعيهم، لأنها ليست فقط مجرد «استغفال» لهم، وانما إهانة لذاكرتهم وضمائرهم ومطالبهم، واعتقد اننا -كمجتمع- تلقينا على مدى الأشهر الماضية «رزمة» من الرسائل المغشوشة، وهذه لا يمكن تفسيرها الّا في اطار «النرجسية» والاستعلاء الذي يتحرك بها بعض المسؤولين للتعامل مع المجتمع بمنطق «من أنتم...؟» وكأننا، اقصد الأردنيين، الذين سجلوا أعلى المعدلات في التعليم والثقافة مجرد جمهور لوضع «اللايكات» وتصديق «المعارضة» بالصراخ، والختم على «المضابط» المرسلة والمقررات المسلوقة بلا وعي ولا ادراك.
ان يستقيل وزير، هذه مسألة مشروعة، لكن ان «يسوقها» ويبررها بحجة احترام المصلحة العامة، ودفاعا عن الأردنيين الطيبين ..هذه استهانة بعقولنا وذكائنا، ويبقى السؤال اذن، لماذا استقال؟ لدي إجابة واحدة وهي انه أراد ان يبعث رسالة مفادها «دخلت برغبتي وخرجت كذلك في اللحظة التي احددها»، ظنّاً منه انه ربح «المغامرة» بالدخول والخروج معاً، لكن ما حصل انه خسر الهدفين، ووضع نفسه في موقف لا يحسد عليه.
نيسان ـ نشر في 2021-03-11 الساعة 11:12
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي