المساء الذي يَخلو من جريس مُظلمْ

نيسان ـ والمؤقّتُ فيكَ دَيمومةٌ للأشياءِ
فَهُناكَ حَتماً مَنْ أخطاَ في التوقيتْ
انا الذي أشربُ قَهوتي على شُرفةِ العَدمِ كيْ أتحسّسَ وجهيَ الغريب !
.....
إِستَمَعْتُ لأول مرة لِما يَكتُبُهُ ( جريس سماوي) في عام 2014 حيثُ كان (الراحل) يُقدِّمُ جُملَةً مِمّا كَتَبْ فِي (جمعية سكان جبل عمان جارا) وكان ذلك ضِمنَ اسبوع عمان الثقافي.... حَيثُ قال ما يَنشُدُهُ دائِماً :"الشعر فضيحة الشاعر"
جريس الذي قال:
حافياً.. حافياً
كأميرِ الغجر
حافياً كالقمر
حافياً مثل عضبِ الضِفاف
الذي لوثتهُ خطايا البشر
حافياً كالمطر
......
وأنا أقول الآن :
والمساءُ الذي يَخلو من درويش
مساءٌ مُظلمْ
والمساءُ الذي يَخلو من جريس
مساءٌ مُظلمْ
والمساءُ الذي يَخلو من حكاياتِ أمي
مساءٌ مُظلمْ
والمساءُ الذي يَخلو من احتمالاتِ أنْ تَبتَسم حبيبتي
مساءٌ مُظلمْ
والمساءُ الذي يَخلو من مُقدّماتِ النَهارِ
مساءٌ مُظلمْ
والمساءُ الذي يَقْسو على ذاكرتي
مساءٌ مُظلمْ
جريس الشاعر والأديبْ، جريس الذي نقشَ فِي دواخِلِ بعضنا حدائقَ بابلية، وحباً للشعرِ والأُمسيات، وقليلٍ من ضحكتهِ العابِرَة، وَي كأنَ كلماتِهِ تَتَسَلَّلُ مِن نافَِّذَةِ القلب، تُعلِنُ بدايةَ النهار، لأنها أَكْبَرُ مِن كَلِمات.
مساءَ الأمس، كانَ ثقيلاً على الفحيص، إذ أَنشَدَ دوار الحصان قائِلاً :" ثقيلٌ جِداً هذا المَساء
تَمرّ دَقائقهُ كصخورِ مُتمرّدةِ حَوافْ
هُما احتمالانِ لا ثالِثَ لَهُما
إمّا أنْ أبكي
أوْ أنْ أكتبَ وَجعاً يُسمّى قصيدةْ !"
رحم الله الفقيد، وخالص العزاء لأهله ومحبيه.
وُلد جريس حنّا جريس سماوي يوم 22/12/1956 في عمّان، ودرَس حتى المرحلة الإعدادية في بلدته "الفحيص"، وأنهى الثانوية في مدرسة صويلح الثانوية للبنين سنة 1976، ثم دَرَس فن الاتصالات الإعلامي في "City College of New York University" بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من الجامعة الأردنية سنة 1988.
عمل جريس سماوي في التلفزيون الأردني، معدّاً ومقدّماً لعدد من البرامج الثقافية على القناتين العربية والإنجليزية (1992-1997)، ثم نائباً لمدير مهرجان جرش للثقافة والفنون (1997-2001)، ثم مديراً عاماً للمهرجان (2001-2006). ثم عُيّن أميناً عاماً لوزارة الثقافة (2006-2011)، فوزيراً للثقافة (2011). كما أعدّ وقدّم برامج ثقافية في عدد من المحطات الإذاعية والتلفزيونية، منها: "ذاكرة نغم" و"نون النسوة".
كما كان عضواً في اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمّان عاصمة للثقافة العربية لعام 2002، واللجنة الأردنية لمعرض "هانوفر" الدولي.
ونال سماوي الجائزةَ الأولى لأفضل قصيدة عربية عن الانتفاضة الفلسطينية من اللجنة الشعبية الأردنية لدعم الانتفاضة سنة 1987 (بالمشاركة مع حبيب الزيودي وعلي الفزّاع).
وهو عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين.
أعماله الأدبية: "زلّة أخرى للحكمة"، شعر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004. ط2، دار الكتاب المصري، القاهرة، 2004.