اتصل بنا
 

ملاحظات في المعارضة الخارجية الأردنية

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2021-03-21 الساعة 21:05

نيسان ـ مع إقرار النظام بوجود معارضة خارجية أردنية قبل نحو عامين، أصبحت هذه المعارضة واقعاً قائماً ولم يعد بالإمكان العودة إلى الوراء.
• المتابعة الكثيفة لأقطاب المعارضة الخارجية الذين يسجّلون مئات آلاف المشاهدات أمرٌ متوقع بسبب تفريغ الحياة السياسية خلال عقود عدّة، وتغيير المعادلة لا يكون باتهام هذه المعارضة بأجندات خارجية، إنما بتوسيع الفضاء العام والمشاركة الحقيقية.
• تستند المعارضة الخارجية في خطابها إلى العدالة الاجتماعية مع تصاعد الفقر والبطالة بصورة متسارعة، لكن لا يمكن إغفال الالتباس في اعتبار أن تحقيق العدالة يعني بالضرورة العودة إلى الدولة الريعية، التي كانت صيغة مشوّهة منذ الخمسينيات وأنتجت مزيداً من التشوهات بحيث باتت اليوم تعبيراً عن زبائنية للحكم الذي يوزّع الأعطيات والترضيات في إطار اقتصاد غير منتج.
• رغم التباس مفهوم العدالة لدى معارضة الخارج إلا أن خطابها يبرز انتشاراً وتاثيراً هائلين، بالنظر إلى اختلال المساواة والتكافؤ في الفرص لدى السلطات، وينطبق الأمر ذاته على المطالبة بالديمقراطية وتحقيق ملكية دستورية يُعتقد أنها السبيل الوحيد لعودة الحقوق للشعب، بحسب خطاب المعارضة الخارجية، ولا تبدو هذه النتيجة حتمية وتخضع لاعتبارات اقتصادية واجتماعية مع التأكيد أن الديمقراطية خطوة أساسية نحو الإصلاح المنشود.
• يرى كثيرون أن وجود المعارضة الخارجية يؤدي إلى تصاعد حالة الاستقطاب بين النظام والفئات التي تعارضه، ما يعني غياب وجهات نظر متعّددة ليست موالية للحكم وليست مؤيدة لطروحات معارضة الخارج، بل إن هذه الحالة ستؤول إلى حالة من الإقصاء المركبة وبالطبع فإن المسؤولية تقع أساساً على كاهل السلطة التي خلفت ردود فعل متطرّفة عليها.
• يعبّر خطاب المعارضة الخارجية ومؤيدها في الداخل عن بعد عشائري ومناطفي وإقليمي، بحسب قطاعات عديدة في المجتمع، ولا يمكن تجاهل هذه المسألة التي تعني انقلاب بعض مؤيدي الإصلاح في مواقفهم والذهاب إلى تأييد النظام، أو انسحابهم من المشاركة والتعبير عن رأيهم، لكن ذلك متوقع في ظل تحوّل "السياسة" بالنسبة إلى النظام، وكذلك بالنسبة إلى المعارضة الخارجية، إلى حالة من التعبئة والتحشيد، ومن المتوقع تفاقم الحالة مستقبلاً مع اللجوء إلى مزيد من العنف اللفظي المتبادل بين الطرفين.
• يعبّر خطاب المعارضة الخارجية عن شعبوية في التعاطي السياسي رغبة في التجييش، من وجهة كثير من المسيسيين، ولا يمكن هنا إنكار الشعبوية التي يمارسها النظام أيضاً ومحاولاته توليد بطولات ورفع شعارات ولغة تعتمد العاطفة والانفعال، وتفتقر للعقلانية والواقعية، ويبدو أن الشعبوية في كلا الاتجاهين ليست عابرة، وستمضي إلى أقصى مستوياتها.
• يعبّر المعارضة الخارجية عن ذكورية مفرطة في استخدام التعبيرات والمفردات وفي الردّ أيضاً على شتائم "السحيجة"، من وجهة نظر كثيرين، ولا يمكن هنا ايضاً إغفال الذكورية التي تمارسها أدوات النظام ومؤيديه، ومن المتوقّع أن تتصاعد هذه النبرة في قابل الأيام وسيسعى أصحابها إلى مزيد من استعراض القوة مجازاً وعلى الأرض.
هل تحظى المعارضة الخارجية بمزيد من التأييد في الفترة المقبلة؟ لا يمكن التكهّن بالنفي أو الإيجاب لكن يمكن التأكيد هنا على أزمة النظام التي تتعمّق في ثلاثة مستويات:
- التشكّك في منظومة العدالة لدى الحكْم بالنظر إلى سياساته وسلوكياته وأفعاله التي تتوسّع الانتقادات لها مع الأيام، وتجد تأثيراً واسعاً لدى فئات تزداد تهميشاً وإفقاراً وحرماناً، مع التأكيد أن هذه الفئات يقلّ لديها الوعي السياسي والأمل.
- غياب الأطر الديمقراطية في ظلّ ديكورات هامشية من مجلس نوّاب وأحزاب وإعلام، وعدم القدرة على استقطاب الجمهور الذي ينفر من اللغة البالية وافتقار المصداقية وانعدام التمثيل والفعالية، ما يعني الانحياز إلى أيّ خطاب يقدّم نفسه نقيضاً لهذه الأطر.
- مع تزايد الإحساس باللاعدالة في ظلّ نظام غير ديمقراطي، فإن الكبت المرّكب والمتراكم مع الزمن سيتحول إلى العنف الذي لا يمكن توقّع مداه ووسائله ونتائجه.

نيسان ـ نشر في 2021-03-21 الساعة 21:05


رأي: محمود منير صحافي وكاتب

الكلمات الأكثر بحثاً