اتصل بنا
 

اتفاقية الأردن… أمريكا.. بين الواقع والمتوقع.. قراءة مختلفة

نيسان ـ نشر في 2021-03-22 الساعة 17:16

نيسان ـ فأجاني صديقي الميجر جنرال المتقاعد من القوات المسلحة الأردنية بسؤال استفزني كي اعيد قراءة اتفاقية الأردن أمريكا الدفاعية التي اعلن عنها قبل أيام ووصفت من قبل العديدين بانها استعمار جديد اذ قال صديقي: هل صحيح ان القوات الامريكية ستقوم بمهام الامن العام والدرك في الأردن بدا لي السؤال فانتازيا شعبية مريرة ما دفعني لإعادة قراءة الاتفاقية التي جاءت بتسعة عشر نصا وملحق وديباجة.
بعد انهاء قراءتي للمرة الثالثة للاتفاقية بنصها العربي ولا اعلم هل هو مطابق للنص الإنجليزي ام لا مع ان الاتفاقية تشير الى مثل هذا التطابق الكلي في متنها تساءلت ما هو الجدوى منها وماذا سيقدم الطرف الثاني وهو الولايات المتحدة الامريكية للأردن لكي يحظى بالعديد من الامتيازات التي وردت في نص الاتفاقية بمعنى لم يتم الإشارة مثلا الى ان امن الأردن جزء من امن الولايات المتحدة الامريكية في حال ان تعرضت لاي عدوان من أي جهة خارجية وبالتالي تخويل القوات الامريكية الدفاع عن الطرف الأول الذي هو الأردن ولم توضح الاتفاقية ماذا ستقدم القوات الامريكية للأردن من دعم عسكري او تقني او عملياتي واقتصر الامر على ان الاتفاقية اتفاقية تعاون دفاعي بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية.
المادة الثامنة من الاتفاقية جاءت مجحفة بحق الأردن من حيث انها ضمنت جواز ان تقوم الطائرات والمركبات والسفن التي يتم تشغيلها بواسطة قوات الولايات المتحدة او ” بالنيابة عنها ” الدخول الى الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية الأردنية والخروج منها والتنقل بحرية فيها وتكون تلك الطائرات او المركبات والسفن غير خاضعة لعمليات الصعود والتفتيش بدون موافقة الولايات المتحدة وهنا ينبغي التوقف عند عبارة ” او بالنيابة عنها ” ماذا لو مثلا قامت قوات إسرائيلية نيابة عن القوات الامريكية باختراق الأجواء الأردنية او البحرية للاعتداء على أي قطر عربي او أي دولة في الإقليم لماذا يصادر حق الأردن في الدفاع عن رضه وبحره وسمائه وفق هذه الاتفاقية ثم تواصل المادة الثامنة منح امتيازاتها بالقول ان لا تخضع الطائرات والمركبات والسفن التي يتم تشغيلها بواسطة قوات الولايات المتحدة او بالنيابة عنها لدفع رسوم الهبوط او الرصف او رسوم الموانئ او رسوم الارشاد والملاحة او رسوم العبور واية رسوم أخرى .
المادة العاشرة من الاتفاقية إشارات الى انه يتم السماح لقوات الولايات المتحدة الأمريكية وافراد الولايات المتحدة ومتعاقدي الولايات المتحدة باستيراد أي ممتلكات شخصية او معدات او امدادات وغيرها من الممتلكات الى الأراضي الأردنية او تصديرها من هناك او الحصول عليها من الأراضي الأردنية او استخدامها فيها تكون معفاة من أي تفتيش او ترخيص او رسوم جمركية او ضرائب بما فيها ضريبة المبيعات العامة والخاصة وهنا لا ادر لم اباحت الاتفاقية كل هذه التسهيلات ومنعت التفتيش الذي يقود الى اثارة الكثير من الأسئلة عن ضمانات عدم القيام بنشاطات تهريبيه منظمة من قبل تلك القوات قد تطال المقتنيات التاريخية والاثرية والحضارية للمملكة الأردنية الهاشمية حيث نصت المادة على ان المستوردات تخضع للمعاينة اذا ما طلبت الأردن ذلك وتحت اشراف القوات الامريكية اما المصدرات فلم يتم الإشارة لها من قريب او بعيد في الاتفاقية وهنا مكمن الخطر .
المادة الحادية عشر من الاتفاقية اتاحت للمتعاقد مع القوات الامريكية غير الأردني الاعفاء من القوانين واللوائح الأردنية فيما يخص تراخيص وتسجيل الاعمال التجارية والشركات فهل القوات القادمة بموجب الاتفاقية ستقوم ببزنس خاص في المملكة الأردنية الهاشمية يستدعي إنشاء شركات واعمال تجارية دون التقيد بالقانون الأردني الناظم لهذه العملية وما هي طبيعة تلك النشاطات التجارية والشركات التي تقام وما هي مهمتها وما هي مجال اعمالها كل ذلك لم تشر اليه الاتفاقية من قريب او من بعيد.
المادة الثانية عشرة نصت على امداد قوات الولايات المتحدة عند الطلب بكل ما تحتاجه من دعم لوجستي وسلع وخدمات للقيام بنشاطاته على ان يتحمل الطرفان تكلفة هذا الدعم ولا اعلم لم مطلوب من الأردن تحمل كلفة اطعام وتزويد اللوجستيات للقوات الامريكية.
المادة الخامسة عشرة سمحت للقوات الأمريكية باستخدام الطيف الراديوي دون أي كلفة او رسوم بالتنسيق مع الجانب الأردني حين تحتاج ذلك اما اذا كان ذلك الامر مستعجلا فأعفاها من طلب الاذن بذلك على ان يتم اخبار الجانب الأردني في اقرب وقت ممكن وهذا يعد مجحفا بحق الأردن وممتلكاته وموارده .
المادة السابعة عشرة اخلت مسؤولية الطرفين في حال تعرض ممتلكات او أرواح أيا منهما للتدمير او القتل من الجانب الاخر وذلك بتنازل الطرفان عن أي وجميع المطالبات ضد بعضهما البعض والناتجة عن القيام بمهامهم الرسمية في الأراضي الأردنية.
المادة التاسعة عشر وهي الأخطر من وجهة نظري والتي نصت على انه يجوز تعديل الملحق أ في الاتفاقية والذي اعتبر جزءا لا يتجزأ منها بموافقة الطرفين والملحق أ هو الذي حدد أماكن عشرة لتواجد القوات الامريكية في البلاد أي بمعنى انه من الجائز زيادة التمدد والانتشار للقوات الامريكية في أماكن أخرى لم تشر اليها الاتفاقية.
ما يلاحظ على الاتفاقية انها لم توضح التزامات كل طرف من الناحية الدفاعية وما هي مجالات التعاون المشترك بين الطرفين وما هي الخدمات التي تقدمها القوات الامريكية للأردن علاوة على انها جاءت مخالفة لنص المادة 118 من الدستور والتي منعت أي اعفاء من أي رسوم ان يتم الا بقانون كما ان الاتفاقية جاءت متعارضة ومخالفة لنص المادة 33 من الدستور والتي تنص على ان ( المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الأردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة) كما ان الاتفاقية بدت وكأنها اتفاقية اذعان في حين انها اتفاقية بين دولتين سياديتين.
ملخص ما اريد قوله كان يمكن لهذه الاتفاقية ان تكون اكثر انصافا للأردن ولا تحمله المزيد من الأعباء ولكي تكون قانونية كان ينبغي عرضها على مجلس الامة الذي اجزم انه سيوافق عليها فتجربتنا مرة مع مجلس الامة لان المقدمات دائما تفضي الى النتائج.
رأي اليوم

نيسان ـ نشر في 2021-03-22 الساعة 17:16


رأي: د. عبدالمهدي القطامين

الكلمات الأكثر بحثاً