(سوسن).. تستدعي أنوثة مسلوبة في مواجهة وجاهة زائفة
نيسان ـ نشر في 2015-09-07 الساعة 11:50
تنهمك في استخدام مفردات جزلة أثناء تظاهرها إجراء مكالمة هاتفية مع أحد ما، فيما يراقب الحضور حركاتها الاستعراضية في تكثيف لصورة متخيلة دأبت على استحضارها كلما دعت الحاجة.
باستطاعة سوسن إقناع مُجالسيها أنها على صلة بشخصيات رفيعة المستوى، وهذا يعني (أردنياً) أنها (واصلة) وأنها محاطة أيضاً بشبكة علاقات مهمة. كل ما عليها فعله استخدام مفردات من وزن؛ (أهلا دولتك) أو (تؤمر معاليك) أو (معلش باشا شوي وبرجعلك).
بالطبع سوسن لا تقصد الحط من قيمة المتصل أو الاستهزاء به، لكنها تتقصّد إرسال رسائل تفيض وجاهة مزعومة عن عالم مفترض تعيشه الصبيّة.
ذات يوم، وبينما كانت سوسن توهم محيطها من النساء أن أحد (الباشوات) يتحدث معها باستفاضة حول قضية غاية في الأهمية، وأن الأمر لا يحتمل التأجيل، لكنها - ومن باب تقمص أنوثة مسلوبة - راحت تعلي من وتيرة صوتها وتبدي انزعاجها من إلحاح (الباشا المفترض) على رؤيتها، في وقت تجلس به إلى جانب صديقاتها المدعوات إلى حفل زفاف إحدى زميلاتهن.
تفننت سوسن في حياكة مشهد (متخيل) غطّى في بعض تجلياته على فقرات الفرح، حتى أن جارتها في المقعد لم تنتبه إلى بقايا طعام قديم على خاصرتها بقدر انتبهاها ومتابعتها لسردية حوارية أظهرت سوسن على غير حقيقتها.
أصابت مفرداتها الوازنة قلب فتىً أوكلت له إدارة الصالة خدمة المدعوين؛ فراح يحلم بنسج علاقة مع (سيدة الهاتف)؛ لضمان اقتناص فرصة عمل حكومية، ترمّم ما تركته سنوات خمس من ندوب على شهادته الجامعية؛ فظن أن اهتمامه بطاولتها سيفضي إلى نافذة ما.
"اهتمام" تبدّى بتنظيف طاولة سوسن وإحضار مزيد من ورق المحارم وتبديل منفضة السجائر وإحضار عبوتين من المياه المعدنية، التي بسقوطها على الأرض بعد تعثّر قدم الفتى أحدثت جلبة فوقع هاتف سوسن أرضاً، وكبادرة على الاهتمام انحنى الفتى حتى لامس أقدام النسوة ليلتقط هاتفاً نفد شحنه ولا روح فيه.