اتصل بنا
 

الفرق بين الكلاب والجراء الصغيرة

نيسان ـ نشر في 2015-09-08 الساعة 15:26

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

لا ألوم البدوي الذي صاح بأعلى صوته في لحظة إحساس بفاجعة الخسارة والخديعة: "ما ربيّت كلب إلا عقرني تحرم عليَّ ترباية الكلاب".
اسوأ الكلاب على الاطلاق هي الجراء الصغيرة، رغم ظرافتها ولطف منظرها وحسن صوتها وشاعريتها، فما أن تُهديها لجارك، على سبيل التخلص منها، فإنها سرعان ما تندمج بالامتلاك الجديد للغير، وتبدأ بالنباح عليك، وكأنك لم تكن لها مالكا او طاعما كاسيا حاميا في يوم من الأيام، وتحديدا عندما كانت قطعة لحم ليس أسهل من أن تلوكها وتمضغها أضعف الكائنات.
وهي على عكس الكلاب الكبيرة، التي تعتّقت علاقاتها على الوفاء لأصحابها، فلا تقبل أن تُهدى أو أن تُباع أو تُمنح للغير، وحين تُعطيها-ومهما بعدت المسافة-، فإن اخلاصها ووفاءها يعيدها اليك.
حين تتجول في الأفنية المجاورة، فانك لن تجد آثارا تذكر للكلب الكبير، فهو يرحل بكامل احترامه للمكان الذي آواه، لكنك ستعجب من تلك القطع الصغيرة المسماة جراءً، وما تتركه من دمار فتكتشف أنها كانت، رغم اقامتها غير المديدة، قد عاثت خرابا وتوسيخا للنباتات الجميلة وللممرات ولكل مكان مرّت منه أو طالته.
انه لأمر مغثي حقا.
ولولا شقة مقارعتها وهي النبّاحة من غير تعب، لكان قرار مقارعتها وتوبيخها وإنزال أقسى العقوبات بها أجدى.
وبعد طول تفكير وتدبر قررت أن أقفز عن الموضوع، وأعول على الأمل الوحيد، بأن تكبر هذه الجراء وتنصرف لهمومها ومشاكلها، فتخْبَر الحياة، وتقنّن من نباحها، بحيث يصبح بالاتجاه والوقت الصحيحين.
فنقص الخبرة وعدم إكمال المتطلبات الغريزية، يجعلها غير خاضعة (للحوكمات) الطبيعية، التي تضبط العلاقة بين الكائنات وتنظمها.
أما هذه الجراء فما زال الدرب طويلا أمامها وسيمكنها من أن تتعلم الكثير من الأشياءالمفيدة، والتي توفر عليها وعلى الآخرين عناء النباح الزائد عن الحاجة.

نيسان ـ نشر في 2015-09-08 الساعة 15:26

الكلمات الأكثر بحثاً