اتصل بنا
 

الدب الروسي يغرق في سوريا

نيسان ـ نشر في 2015-09-09 الساعة 10:20

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

يحق للمتابع للسياسة الروسية أن يسأل- من الزاوية التاريخية- هل نهض الدب الروسي من كبوته في افغانستان ليتعثر في سوريا؟. سؤال برسم التورط الروسي في سوريا، ومن باب الخوف على روسيا من تفاقم ورطتها في المقبل من الأيام.
سبق لروسيا وتورطت بصفتها السوفياتية في افغانستان، واستنفدت هيبتها كقطب دولي مهم، تورط أدى مع عوامل أخرى الى انهيارها الكبير، حيث انهمكت في صراع مع عصابات متمترسة بما تشتهر به افغانستان من مناخات وتضاريس، مدعومة بتحالف دولي واسع. كان ذلك التورط في مرحلة حرجة من مراحل الحرب الباردة التي كانت تنهك الدولة الاشتراكية، وصممت أصلا لتحاربها كنموذج.
ليس الحال اليوم بأحسن منه في البارحة، بل إنه اسوأ بكثير، فلم تعد لروسيا شوكتها التي كانت تستمدها من مقومات أهلّتها لتظهر كند أمام القوى الغربية قاطبة، دولة تطرح نظرية متكاملة عن تطبيق الاشتراكية كنقيض للرأسمالية الغربية، وما روسيا اليوم إلا دولة لديها ما لديها من المشاكل وانفكّت عنها الجمهوريات السوفياتية، ودخلت معظم حليفاتها في اوروبا الشرقية الى الاتحاد الاوروبي، بل دخلت ايضا في الحلف الاطلسي، وليس أدلّ على ذلك من منع بلغاريا للطائرات الروسية من المرور بأجوائها باتجاه سوريا مؤخرا.
ناهيك عما يراود الدولة الصينية من أطماع لتحل محل روسيا في السياسة الدولية، مع غض الطرف عن تعثراتها الأخيرة، يدفعها الى ذلك كونها قوة اقتصادية ضخمة بأسواق هائلة، وبما تمده من شبكة علاقات اقتصادية مع كل بلدان العالم، وليس بالبعيد ذلك اليوم الذي باتت فيه الولايات المتحدة الامريكية تطمح –على لسان الرئيس اوباما- بأن تصبح مثل الصين من حيث معدلات النمو، وهذا موضوع يحتاج للنقاش والمراجعة، لكنه يُقدم هنا كمثال لما بلغته الصين من مراتب في عالم اليوم.
منذ فترة والتسريبات الاعلامية تتطابق وتكاد تُجمع على أن هناك دورا ميدانيا روسيا في سوريا ، يتجاوز إرسال الخبراء وإسداء النصح والارشاد للنظام السوري، ويجري الحديث عن طيارين روس يشاركون في قصف المدن السورية، وتقديم خدمات لوجستية، صحيح أنها تنسجم مع الخطوط الرئيسة للسياسة الأمريكية في سوريا، لكنها بالتأكيد تتعارض مع المصالح الروسية والسورية على المدى البعيد.
ومما لا شك فيه أن الروس، ولهذه اللحظة، ما زالوا يقدمون الدعم اللوجستي ويمدون النظام بالذخائر والمعدات العسكرية، ولولا هذا الدعم لما كان للنظام أن يحافظ على تماسكه في المناطق التي يسيطر عليها الى هذه اللحظة.
ومن المؤكد أيضاً، أن روسيا ما زالت تمسك بأوراق كثيرة، تؤهلها أكثر من غيرها لأن تقدم الحل الذي يُنهي معاناة السوريين، وذلك فقط لو أنها تزحزحت عن موقفها المتمسك ببقاء الأسد، وتركت تشددها بعدم قبولها لأية صيغة بديلة، مع أنها ما زالت تُبقي الباب مفتوحاً أو موارباً أمام كل القوى الفاعلة على الارض السورية، لكن تعنت الادارة الروسية يحول بينها وبين أن يكون لها موقف مرن يقارف الحل الوسط، وبالتالي الدور الذي يخرجها من المستنقع السوري بأقل الخسائر.
لكن الدب الروسي يصبح أكثر نزقاً كلما طالت أيامه في سوريا، ولا يقبل بأقل من أن يحقق الانتصارات، ولو بشكلها الإعلامي.
فهل سيُعيد استنساخ تجريته الأفغانية ويضيّع ما تبقى له من أمجاد في سوريا؟.

نيسان ـ نشر في 2015-09-09 الساعة 10:20

الكلمات الأكثر بحثاً