كيف نقرأ أجواء المصالحات في الإقليم؟
عمر الرداد
كاتب وخبير أمني
نيسان ـ نشر في 2021-05-09 الساعة 20:16
نيسان ـ تشهد المنطقة تحولات عميقة عنوانها الذهاب إلى تشكيل شرق أوسط جديد، بمستوى أقل من الحروب والنزاعات، وأبرز مظاهرها ما يُعرف بحروب الوكلاء، وإنتاج مفردات خطاب سياسي جديدة تحت عنوان المصالحات والتعاون وتبريد الملفات الساخنة، تجسّدها اتصالات علنية وأخرى سرّية بين مستويات سياسية وأخرى أمنية وعسكرية بين خصوم الأمس، وربما أصدقاء الغد.
القوى الفاعلة في الإقليم تشترك بمستويات مختلفة في المشهد الجديد، بدءاً من تركيا التي غاب لديها خطاب التحدي والمواجهة في شرق المتوسط، وإظهار مواقف جديدة تجاه السعودية ومباحثات في القاهرة، ونوايا لسحب المقاتلين الذين استقدمتهم للقتال في ليبيا، وخفض مستويات التصعيد في سوريا، بينما السعودية تباشر مفاوضات مع إيران في بغداد، وأخرى مع تركيا، وتستعد لإعادة فتح سفارتها في دمشق، وإيران من جانبها تخوض صراعاً داخلياً مريراً، على خلفية التحولات التي ستعقب الصفقة المنتظرة مع أمريكا والغرب، بين الحرس الثوري وتيار الجمهورية، ربما تفضي إلى مفاجآت من داخل إيران، وتستعيد مصر دورها بمضامين محاور مفاوضاتها مع تركيا، والتي تتجاوز القضايا الثنائية بطرح مسألة الدور التركي في سوريا وليبيا والعراق، وبما يظهر ريادة وقيادة مصر.
وتطرح تلك التحولات سؤالين كبيرين حول دوافعها من جهة، ومآلاتها والعقبات التي يمكن أن تعترضها من جهة أخرى؛ فعلى صعيد الدوافع، لا شكّ أنها تأتي في سياقات الاستجابة للمتغيرات الناشئة في أمريكا بعد تسلم الديمقراطيين للحكم، هذه الإدارة التي تترسم استراتيجياتها باتجاه الانسحاب من الشرق الأوسط للتفرغ لمواجهة روسيا والصين، واعتماد هذه العلاقة معياراً في علاقاتها مع قوى الشرق الأوسط، إلى جانب اعتماد معيار حقوق الإنسان والديمقراطية في الاقتراب أو الابتعاد عن أمريكا الجديدة، وهو المعيار الذي تحتفظ القوى الإقليمية شرق الأوسطية بسجلات إدانات واسعة يمكن أن ترفعها أمريكا في الوقت الذي يخدم توجهاتها.
ومآلات التهدئة في المنطقة ترتبط بشكل مباشر بمدى القدرة على تفكيك العقبات التي تواجهها، وفي مقدمتها مدى مصداقية إيران بوصفها الطرف الأكثر فاعلية في التصعيد الذي تعيشه سوريا والعراق واليمن بالإضافة إلى لبنان، فاستمرار الدور الذي يمارسه حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى الحشد الشعبي في العراق، كلها مؤشرات تدل على أنّ إمكانية فتح آفاق للتغيير في الإقليم لم تحن بعد، وما زالت مفاتيحها بيد إيران وتحديداً الحرس الثوري، وستبقى مرتبطة بمخرجات الصفقة القادمة مع أمريكا.
أمّا بالنسبة إلى تركيا، فإنّ مقاربة تخليها عن الإسلام السياسي، وعنوانه الإخوان المسلمون، بالإضافة إلى دعم جماعات أصولية إرهابية في سوريا، سيكون محدداً ومعياراً في مستقبل التهدئة القادمة، وفيما إذا كانت تتجاوز حدود التكتيك للتكيف أمام المتطلبات الأمريكية التي أنعشت تيارات أوروبية كانت تشعر بأنها مكبلة في ظل تحالف الرئيسين" ترامب ـ أردوغان".
وعلى أيّ حال، فمن السذاجة تخيل أن تتنازل طهران وأنقرة عن أوراقهما الإقليمية في مناطق الصراع، دون ضمانات توفر الحدّ الأدنى من شرطَي عدم التعرّض للنظام والتهديد بإسقاطه، والاعتراف بأدوارهما الإقليمية في المنطقة، مع الأخذ بالاعتبار أنّ التفاهمات مع تركيا تبدو أسهل بكثير ممّا هي عليه مع طهران، ارتباطاً بالسياسات البراغماتية المعروفة للرئيس أردوغان، أمّا التغيير في طهران، فلن يكون إلّا بمرجعيات تطال بنية الجمهورية الإسلامية وثنائية الحكم والقيادة بين المرجعية الدينية وبنية الدولة ممثلة برئاسة الجمهورية.
وفي الخلاصة، فإنّ سيناريوهات عديدة مطروحة في إطار تقييم هذه المصالحات، تتراوح بين فشل تلك المصالحات، أو تحقيق نجاحات نسبية فيها لا تنعكس بالضرورة على كافة الساحات؛ أي إنّ هناك آفاقاً واسعة وإمكانيات يحتمل معها نجاح المصالحات التركية مع مصر والسعودية والإمارات، ولكن ليس بالضرورة أن تنجح المصالحات بين إيران وخصومها؛ لأنها مرتبطة أوّلاً وأخيراً بمخرجات الصراع الإيراني الداخلي وصراع طهران مع واشنطن والدول الأوروبية، ومع ذلك فإنّ دور ومدى ضمان حفظ مصالح الطرف "الحاضر الغائب"، وهو إسرائيل، سيكون أحد أبرز أسباب نجاح أو فشل أيّ من السيناريوهات المتوقعة للتهدئة في الشرق الأوسط.
القوى الفاعلة في الإقليم تشترك بمستويات مختلفة في المشهد الجديد، بدءاً من تركيا التي غاب لديها خطاب التحدي والمواجهة في شرق المتوسط، وإظهار مواقف جديدة تجاه السعودية ومباحثات في القاهرة، ونوايا لسحب المقاتلين الذين استقدمتهم للقتال في ليبيا، وخفض مستويات التصعيد في سوريا، بينما السعودية تباشر مفاوضات مع إيران في بغداد، وأخرى مع تركيا، وتستعد لإعادة فتح سفارتها في دمشق، وإيران من جانبها تخوض صراعاً داخلياً مريراً، على خلفية التحولات التي ستعقب الصفقة المنتظرة مع أمريكا والغرب، بين الحرس الثوري وتيار الجمهورية، ربما تفضي إلى مفاجآت من داخل إيران، وتستعيد مصر دورها بمضامين محاور مفاوضاتها مع تركيا، والتي تتجاوز القضايا الثنائية بطرح مسألة الدور التركي في سوريا وليبيا والعراق، وبما يظهر ريادة وقيادة مصر.
وتطرح تلك التحولات سؤالين كبيرين حول دوافعها من جهة، ومآلاتها والعقبات التي يمكن أن تعترضها من جهة أخرى؛ فعلى صعيد الدوافع، لا شكّ أنها تأتي في سياقات الاستجابة للمتغيرات الناشئة في أمريكا بعد تسلم الديمقراطيين للحكم، هذه الإدارة التي تترسم استراتيجياتها باتجاه الانسحاب من الشرق الأوسط للتفرغ لمواجهة روسيا والصين، واعتماد هذه العلاقة معياراً في علاقاتها مع قوى الشرق الأوسط، إلى جانب اعتماد معيار حقوق الإنسان والديمقراطية في الاقتراب أو الابتعاد عن أمريكا الجديدة، وهو المعيار الذي تحتفظ القوى الإقليمية شرق الأوسطية بسجلات إدانات واسعة يمكن أن ترفعها أمريكا في الوقت الذي يخدم توجهاتها.
ومآلات التهدئة في المنطقة ترتبط بشكل مباشر بمدى القدرة على تفكيك العقبات التي تواجهها، وفي مقدمتها مدى مصداقية إيران بوصفها الطرف الأكثر فاعلية في التصعيد الذي تعيشه سوريا والعراق واليمن بالإضافة إلى لبنان، فاستمرار الدور الذي يمارسه حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى الحشد الشعبي في العراق، كلها مؤشرات تدل على أنّ إمكانية فتح آفاق للتغيير في الإقليم لم تحن بعد، وما زالت مفاتيحها بيد إيران وتحديداً الحرس الثوري، وستبقى مرتبطة بمخرجات الصفقة القادمة مع أمريكا.
أمّا بالنسبة إلى تركيا، فإنّ مقاربة تخليها عن الإسلام السياسي، وعنوانه الإخوان المسلمون، بالإضافة إلى دعم جماعات أصولية إرهابية في سوريا، سيكون محدداً ومعياراً في مستقبل التهدئة القادمة، وفيما إذا كانت تتجاوز حدود التكتيك للتكيف أمام المتطلبات الأمريكية التي أنعشت تيارات أوروبية كانت تشعر بأنها مكبلة في ظل تحالف الرئيسين" ترامب ـ أردوغان".
وعلى أيّ حال، فمن السذاجة تخيل أن تتنازل طهران وأنقرة عن أوراقهما الإقليمية في مناطق الصراع، دون ضمانات توفر الحدّ الأدنى من شرطَي عدم التعرّض للنظام والتهديد بإسقاطه، والاعتراف بأدوارهما الإقليمية في المنطقة، مع الأخذ بالاعتبار أنّ التفاهمات مع تركيا تبدو أسهل بكثير ممّا هي عليه مع طهران، ارتباطاً بالسياسات البراغماتية المعروفة للرئيس أردوغان، أمّا التغيير في طهران، فلن يكون إلّا بمرجعيات تطال بنية الجمهورية الإسلامية وثنائية الحكم والقيادة بين المرجعية الدينية وبنية الدولة ممثلة برئاسة الجمهورية.
وفي الخلاصة، فإنّ سيناريوهات عديدة مطروحة في إطار تقييم هذه المصالحات، تتراوح بين فشل تلك المصالحات، أو تحقيق نجاحات نسبية فيها لا تنعكس بالضرورة على كافة الساحات؛ أي إنّ هناك آفاقاً واسعة وإمكانيات يحتمل معها نجاح المصالحات التركية مع مصر والسعودية والإمارات، ولكن ليس بالضرورة أن تنجح المصالحات بين إيران وخصومها؛ لأنها مرتبطة أوّلاً وأخيراً بمخرجات الصراع الإيراني الداخلي وصراع طهران مع واشنطن والدول الأوروبية، ومع ذلك فإنّ دور ومدى ضمان حفظ مصالح الطرف "الحاضر الغائب"، وهو إسرائيل، سيكون أحد أبرز أسباب نجاح أو فشل أيّ من السيناريوهات المتوقعة للتهدئة في الشرق الأوسط.
نيسان ـ نشر في 2021-05-09 الساعة 20:16
رأي: عمر الرداد كاتب وخبير أمني