اتصل بنا
 

جدلية العلاقة بين إيران وحركة المقاومة《حماس》

نيسان ـ نشر في 2021-05-23 الساعة 21:47

نيسان ـ مع اندلاع مواجهات جديدة بين "اسرائيل" وحركة المقاومة في قطاع غزة《حماس》في شهر مايو من عام 2021 عاد موضوع العلاقة بين إيران وحركة المقاومة مجدداً تحت المجهر وزاد النقاش حول هذه العلاقة، ودفعت الإجتهادات الفكرية والإنحيازات المُسبقة والنزعة الرغبوية في هذا الصدد إلى بروز تيّارين :
▪︎التيار الأول : يؤمن هذا التيار بأن لحركة المقاومة 《حماس》الحق في بناء تحالفاتها مع أي طرف قد يؤمِّن لها دعم معيّن ويساعدها في مراكمة القوة لخدمة القضية الفلسطينية خاصة بعد أن تُركَت حماس مُنفردة في مواجهة الإحتلال ولجمه، وأن اشتراك إيران مع حركة المقاومة في مُعاداة "اسرائيل" وعدم الإعتراف بها يُشكّل أرضية هذه العلاقة التي تم البناء عليها فيما بعد، وأن الإنكشاف الإستراتيجي الذي مرّت به الحركة بعد إغلاق مكاتبها في عمان وترحيل قياداتها يبرر لها البحث عن بديل يوفّر لها غطاء استراتيجي . ويضيف هذا التيار بأن العلاقة التي تجمع الحركة بإيران تنحصر في إطار الالتقاء الإستراتيجي داخل فلسطين التاريخية، ويدلل على ذلك بعدم لعب حركة المقاومة حماس أي دور 《إقليمي 》حتى اللحظة، وقد مرّت العلاقة بين الطرفين في تشنّجات عابرة أكثر من مرة لعدم تقاطع وجهات النظر في قضايا إقليمية أبرزها الأزمة السورية، والحقيقة أن استحضار هذا الدليل قد ينسف الإدعاء القائل بأن المقاومة رضخت لخدمة الأهداف الإيرانية بالمنطقة نظراً لثبوته عملياً
▪︎ التيار الثاني : ينظر هذا التيار للعلاقة بين إيران وحركة المقاومة بعين الريبة، إنطلاقاً من الأسباب التالية :
يعتمد النهج الإستراتيجي الذي تتبعه إيران للقيام بدور فاعل في المنطقة على احتضان الحركات المسلحة وتحريكها لمواجهة خصومها في الإقليم والتشويش عليهم، أو دعم حلفاؤها ويوفّر هذا التيار أمثلة على ذلك :
جماعة الحوثي في اليمن تستنزف السعودية، وحزب الله اللبناني يدعم النظام السوري، وحماس في غزة تُشاغِل "اسرائيل" وتصرفها عن مواصلة "استراتيجية النهش" التي تتبناها ضد إيران، وتتلخص هذه الإستراتيجية في مساعي "اسرائيل" الدائمة لمنع إيران من إحراز تقدم في المشروع النووي وذلك عبر الهجمات السيبرانية للمنشآت النووية وتصفية الخبراء الإيرانيين في علم النووي وغيرها من الوسائل التي تُعرقل عملية التقدم في المشروع النووي الإيراني . وطالما أن حماس ترتمي في الحضن الإيراني فإن إيران تنفرد بالإستفادة من ذلك 《استراتيجياً》 على عكس حماس التي وجدت نفسها مُضطّرة لهذه العلاقة والتي هي مُعرّضة للإنفكاك أو التراجع بأي لحظة خاصة مع عودة المحادثات حول الملف النووي والذي قد تحصل فيه إيران على مكاسب لقاء كُلفة الإستغناء عن دعم حركة حماس .
بواعث أخرى لقلق هذا التيار من هذه العلاقة، هي أن إيران توظف القضية الفلسطينية وارتباطها مع المقاومة فقط لبلورة مزاج عربي يتصالح مع تدخل إيران في المنطقة، ولا يرى خطراً من السياسات الإقليمية التي تمارسها إيران، ولعل هذا القلق يصل إلى أعلى مستواه في بعض الدول الخليجية على رأسها الإمارات والسعودية .
_________
في الواقع إن الحكم على هذه العلاقة لا يستقيم دون الإحاطة بالظروف الإقليمية والتحولات الإستراتيجية في المنطقة خلال العقدين الأخيرين، وأن ارتباط الحركة بإيران سبق ارتباطها مع قطر نتيجة إبعاد المئات من كوادر حماس إلى لبنان على خلفية أسر جندي اسرائيلي كما تؤكد الأحداث التاريخية
لكن ما يجدر قوله أن هذه العلاقة الناشئة بحكم الضرورة يُنبغي أن تُدار من طرف حماس بحذر شديد، فالمشروع الإيراني لا يقل خطراً عن المشروع الصهيوني، وعلى الرغم من أن إيران تشترك مع حماس في الخلفية الإسلامية لكن التناقض المذهبي بين الطرفين أمر يبعث على القلق أيضاً بالرغم من عدم حصول أي تأثيرات لذلك حتى اللحظة، ومن السذاجة أيضاً أن يتم اعتبار الدعم الإيراني للحركة ينحصر في إطار الواجب المفروض على شعوب الأمة الإسلامية لخدمة القضية الفلسطينية، بل هناك مردود سياسي تجنيه إيران من تقديم هذا الدعم، وفي سياق المواجهات الأخيرة بين "اسرائيل" والمقاومة، نشرت صحيفة BBC news بأن الهدف الإيراني يتمثّل في زعزعة العلاقة الحديثة بين "اسرائيل" وأصدقائها العرب الجدد الذين يعملون معاً لرسم استراتيجات احتواء انتشار القوة الإقليمية لإيران ..
وأخيراً، إن الغطاء العقائدي لإيران في التفاعل مع القضية الفلسطينية لا ينجح في اخفاء أطماعها الرامية لتوسعة النفوذ في المنطقة !

نيسان ـ نشر في 2021-05-23 الساعة 21:47


رأي: أحمد الضرابعة

الكلمات الأكثر بحثاً