تراجع الصحافة وفوضى الحرية
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2021-06-06 الساعة 14:57
نيسان ـ أكثر المفارقات مدعاة للسخرية والعجب، إصرار البعض ، على المناداة بحرية الصحافة رغم مشاركتهم في جنازة العشرات من المطبوعات الورقية والمواقع الالكترونية التي تعرضت لمجزرة، لم يفلت منها إلا من كان خبيرا بالتناقضات .
أما من نجا من تلك المجزرة فقد بات يعاني من انحدار في المضمون، وتراجع كبير في التسويق، وانكماش في المحتوى ، إضافة إلى تساقطت شخصيات إعلامية كورق التوت. فيما تحولت بعض الصحف والمواقع الكترونية إلى مجرد أوعية للبيانات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية لا أكثر ولا اقل.
الأسباب كثيرة وباتت معروفة ، فالصحف التي حاولت التماشي مع التطور الكبير في وسائل التواصل الإعلامي "السوشل ميديا" فشلت في أول معاركها، بالضربة القاضية لعدم امتلاكها رؤيا واضحة لأهمية التطور، ونتيجة ان "العين لا تستطيع مقامة المخرز " ، لم تدم المعركة طويلا فقد انهارت العشرات من الصحف وفقد ألاف من الصحافيين وظائفهم .
الضحية وفق كل ما تقدم ، ليست المؤسسات الإعلامية وحريتها في الحديث او إبداء الرأي بل الصحفيون الذين فقدوا حريتهم نتيجة خسرانهم لوسائل تعبيرهم ، فالحرية تصبح آخر ما يتم التفكير فيه والحديث عنه عندما يشح الرغيف ، وعندما يجلس الكثير من الصحافيين على قارعة الطريق بلا مأوى أو ملاذ آمن يقيه ذل السؤال .
وهذا السلاح هو الأكثر قذارة من بقية الأسلحة في الحرب المفروضة على حرية التعبير ، فتجربة فصل نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر مثال طازج عن هذا السلوك اللا أخلاقي من قبل وكالة الأنباء الفرنسية التي تعتبر نفسها مستقلة عن أي ضغوط .
في الحقيقة لا يمكن الحديث عن المحنة التي تمر بها مهنة الصحافة، بمعزل عن ظروف ومعاناة الواقع العربي برمته فالانحدار طال كل شيء حتى لم تعد الصحافة معتمدة على الصحفي، أو القلم الحر والخبر الطازج، بل على الفيسبوك والتويتر، وأحيانا ما يتلقاه الصحفي من إملاءات.
يصف بعض المفكرين ما يحدث الآن بمشهد وضع العربات أمام الخيول ليس في الإعلام فقط بل في السياسة وكل نشاط آخر، وكأن التطور الذي ظفرت به وسائل الإعلام الحديثة جاء على حساب الجوهر تماما كما توظف أرقى واحدث تقنية طباعية لنشر كتاب رديء وعديم القيمة!
وهذه الحقيقة يجسدها الكاتب خيري منصور بالقول "ان الفرد في عصر الكاميرات التي تنتهك الإنسان، بدءا من السوبر ماركت حتى الشوارع والساحات ومداخل المؤسسات، أصبح عاريا تماما حتى من جلده، ومقابل ذلك فإن الدولة تعلو أسوارها وتتضاعف كثافتها وتستخدم مصطلحات من طراز ضرورات الأمن القومي أو إباحة المحظورات لتبرير كثافتها وعدم شفافيتها".
بالعودة إلى موضوع الحرية، وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة فقد بات لزاما على جميع المطالبين بحرية الصحافة التوقف ، لان فائض الحرية التي تكدست عبر الوسائل الجديدة خلط المفاهيم وإربك المعنى الحقيقي للحرية ، فيما استغلت الأنظمة هذه الفوضى بالمزيد من التهميش .
أما من نجا من تلك المجزرة فقد بات يعاني من انحدار في المضمون، وتراجع كبير في التسويق، وانكماش في المحتوى ، إضافة إلى تساقطت شخصيات إعلامية كورق التوت. فيما تحولت بعض الصحف والمواقع الكترونية إلى مجرد أوعية للبيانات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية لا أكثر ولا اقل.
الأسباب كثيرة وباتت معروفة ، فالصحف التي حاولت التماشي مع التطور الكبير في وسائل التواصل الإعلامي "السوشل ميديا" فشلت في أول معاركها، بالضربة القاضية لعدم امتلاكها رؤيا واضحة لأهمية التطور، ونتيجة ان "العين لا تستطيع مقامة المخرز " ، لم تدم المعركة طويلا فقد انهارت العشرات من الصحف وفقد ألاف من الصحافيين وظائفهم .
الضحية وفق كل ما تقدم ، ليست المؤسسات الإعلامية وحريتها في الحديث او إبداء الرأي بل الصحفيون الذين فقدوا حريتهم نتيجة خسرانهم لوسائل تعبيرهم ، فالحرية تصبح آخر ما يتم التفكير فيه والحديث عنه عندما يشح الرغيف ، وعندما يجلس الكثير من الصحافيين على قارعة الطريق بلا مأوى أو ملاذ آمن يقيه ذل السؤال .
وهذا السلاح هو الأكثر قذارة من بقية الأسلحة في الحرب المفروضة على حرية التعبير ، فتجربة فصل نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر مثال طازج عن هذا السلوك اللا أخلاقي من قبل وكالة الأنباء الفرنسية التي تعتبر نفسها مستقلة عن أي ضغوط .
في الحقيقة لا يمكن الحديث عن المحنة التي تمر بها مهنة الصحافة، بمعزل عن ظروف ومعاناة الواقع العربي برمته فالانحدار طال كل شيء حتى لم تعد الصحافة معتمدة على الصحفي، أو القلم الحر والخبر الطازج، بل على الفيسبوك والتويتر، وأحيانا ما يتلقاه الصحفي من إملاءات.
يصف بعض المفكرين ما يحدث الآن بمشهد وضع العربات أمام الخيول ليس في الإعلام فقط بل في السياسة وكل نشاط آخر، وكأن التطور الذي ظفرت به وسائل الإعلام الحديثة جاء على حساب الجوهر تماما كما توظف أرقى واحدث تقنية طباعية لنشر كتاب رديء وعديم القيمة!
وهذه الحقيقة يجسدها الكاتب خيري منصور بالقول "ان الفرد في عصر الكاميرات التي تنتهك الإنسان، بدءا من السوبر ماركت حتى الشوارع والساحات ومداخل المؤسسات، أصبح عاريا تماما حتى من جلده، ومقابل ذلك فإن الدولة تعلو أسوارها وتتضاعف كثافتها وتستخدم مصطلحات من طراز ضرورات الأمن القومي أو إباحة المحظورات لتبرير كثافتها وعدم شفافيتها".
بالعودة إلى موضوع الحرية، وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة فقد بات لزاما على جميع المطالبين بحرية الصحافة التوقف ، لان فائض الحرية التي تكدست عبر الوسائل الجديدة خلط المفاهيم وإربك المعنى الحقيقي للحرية ، فيما استغلت الأنظمة هذه الفوضى بالمزيد من التهميش .
نيسان ـ نشر في 2021-06-06 الساعة 14:57
رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني