اتصل بنا
 

إعادة تعريف العشيرة

كاتب صحافي وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2021-06-07 الساعة 10:27

نيسان ـ قراءة الأحداث في سياقها الاوسع قد يمنحنا فضاء للفهم والتفهم، وكذلك من منظور غير منظور المصالح الشخصية والخيانة والاتهام، فهناك سياق عام وهناك محركات ومظاهر.
لا نريد الخوض في التاريخ مع أهميته، لكن العشيرة في الأردن كانت جزءا من التسويات التي قام عليها التعاقد السياسي بين النظام والناس لبناء دولة قادرة على البقاء ضمن تلك الظروف التي صنعتها في ظروف إقليمية ودولية، واستمرت تلك العلاقة قائمة رغم ما حصل فيها من مد وجزر، لكنها بقيت محافظة على الثابت الذي يمنح الشرعية للنظام مقابل مصالح متبادلة وتوزيع معقول للثروة والتنمية والموارد، والحفاظ على القانون بشكل معقول، وحفظ الأمن، مع الحفاظ أيضا على التقاليد العشائرية، حتى أن قانون العشائر يُعطى الأولوية في بعض الحالات مثل جرائم القتل والجرائم المتعلقة بالشرف.
منذ ثلاثة عقود او أكثر بدأت العشيرة تتعرض لكثير من التغيرات في بنيتها الداخلية بسبب التعليم والتطور التكنولوجي وزيادة السكان، وانتقال أفرادها للعمل في مناطق مختلفة من الأردن، كما تعرضت لتوجيهات مختلفة من مؤسسات الدولة في بعض المراحل لكسب الولاء والتأييد للنظام، وتمرير بعض القرارات، فكانت أجهزة الدولة تقرب افرادا منها وتهمش آخرين وتدعم البعض لتجعل له مكانة بين قومه.
منذ سنوات ومع التغيرات التي ذكرناها لم تعد العشيرة كما كانت، ودخلت مرحلة جديدة بسبب التطورات السياسية والاجتماعية في الأردن والمنطقة بل والعالم كله، ولم تعد الدولة بمفهومها التقليدي قادرة على البقاء في عالم متغير تحكمه أدوات جديدة، وتحولت العشيرة أمام سؤال المصير في علاقتها مع النظام والدولة، ومع سؤال الشرعية الذي ظهر بعد حراكات الشارع العربي، عاد السؤال للواجهة، وصار مطلوبا من الجميع الإجابة عليه بدون مواربة، رغم محاولات الاخفاء، لكنه يظهر إلى السطح بقوة.
لأن الدولة ستتغير أدواتها والنظام سيضطر لتغيير أساليبه وأدواته استجابة لمتطلبات خارجية، فإن العشيرة قد وجدت نفسها في مأزق أيضا، ذلك أن أحدا لم ينتبه لوجودها، باعتبارها كتلا موالية للدولة بكل الأشكال، لكن ما حصل أن هذه الحقيقة لم تكن كذلك، ولذا فسوف نرى في المستقبل كثيرا من مظاهر أزمة العشيرة اذا لم تكن قادرة على الاستجابة للمتغيرات، وإذا لم يستطع النظام إعادة تعريفها في العلاقة معه، وأهمها علاقة الشرعية.

نيسان ـ نشر في 2021-06-07 الساعة 10:27


رأي: د. يوسف ربابعة كاتب صحافي وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً