رحلة البحث عن بطل أردني
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2021-06-07 الساعة 10:41
نيسان ـ في ظل إتمام مئوية الدولة الأردنية الحديثة وضعف السرديات الوطنية الرسمية، يتلهف العقل الشعبي الجمعي لصناعة الرموز والأبطال، فبرغم انتهاء زمن السيوف وما تتطلبه حروبها من شجاعة، أعاد الأردنيون الاعتبار للسيف، وراحت العشائر الأردنية تهديه تباعاً للنائب المستقيل، والمفصول لاحقا، أسامة العجارمة، مستوحية من خُطبه غير المتمّمَة، تراجيديا أردنية، فارسها لا محالة مذبوح.
القصة لن تنتهي اليوم. كما أنها لم تبدأ اليوم أيضاً، ولا في الأشهر الماضية حين تعاطفت هذه القبائل مع الأمير حمزة بن الحسين، فمنذ خمسين سنة وأزْيَد والأردني يحلم بأن يصنع رموزه الوطنية الخاصة، وعندما لم يجدها راجع تاريخه الحديث وراح يتغنى بوصفي التل وهزاع المجالي، وذهب إلى ما قبل ذلك فنبش في إرثه النضالي ضد الاستعمار العثماني والانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني لفلسطين.
هل يُعدُّ هذا السلوك الجمعي صحيًا أو صحيحًا؟ الجواب: نعم.
وبالمناسبة هو ليس إبداعًا جديدًا، أو بدعة ابتدعها الأردني، بل هو سلوك عاشته وتعيشه شعوب الأرض جميعها، لتحصين كياناتها في مواجهة التهديدات الوجودية، أو الأزمات التأريخية الشديدة، وعندما تجاوزت المجتمعات الغربية المربعات والتشكيلات الاجتماعية المتخلّفة، راحت إلى ما هو أبعد من ذلك، فصنعت أيقوناتها الخاصة، المستمدة من وحي الخيال، والتي تتحلى بالقوة الخارقة، مثل سوبر مان وسبايدر وجراندايزر.
جرت العادة أن تتضافر جملة من الظروف لإنتاج مثل هذه الظواهر الاجتماعية الصارخة، وما هي في الحقيقة إلا حوادث تعبّر عن أو تُشكل إرهاصات او مقدمات لتحولات كبرى، والمُتابع للشأن الأردني يلاحظ التتابع المطّرد لمثل هذه الإرهاصات، التي تفاقمت بعد حادثة انقطاع الأوكسجين في مستشفى السلط الحكومي وما تبعها، فلا يكاد يمر أسبوعٌ من دون أن تعصف بالبلاد أزمة سياسية اجتماعية كبيرة.
طبعا، لا يمكن فصل هذا الذي يجري عما نعيشه من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، تمظهرت عموما بتحكم مراكز القوى بالقرارات الرسمية، التي تضاربت أحيانا بينها أو مع المصالح العليا للدولة، وصنعت كل هذه الأزمات، وموضوعيا ليست المشكلة في مراكز القوى بحد ذاتها أو ببعضها، لأن الأزمة بالأساس هي تعبير عن اهتراء بُنى سياسية واجتماعية، وما هذه التململات إلّا حالة من حالات التعبير عن ضرورة ظهور منظومة جديدة تلبي الحاجات الجديدة للمجتمع أي علاقات الانتاج الجديدة، التي تتطلب عقداً اجتماعياً جديداً يُعيد تعريف الدولة.
وهو ما تحسسته الأطراف جميعها، وتم التوافق ضمنا على البدء بإجراء عملية الإصلاح، لكن أي إصلاح؟ لا أحد يعلم، المعلوم فقط أن جهة ما في الدولة تلقفت الفكرة، وحمّلتها لفيصل الفايز ليبدأ حواراً تقليدياً لا يفضي إلى أية نتائج جديدة، ويفتقر لوجود الأطراف المعنية بالحوار على الجانب الآخر من الطاولة.
فقد أجرى فيصل الفايز الحوار مع شخصيات رشحتها له المجالس الأمنية (السريّة) في المحافظات، واستبعدت كل من يحمل رأيا آخر، وعلى ضوء ذلك، راح الأردنيون يتندرون على هذه الحوارات الذاتية، واصفينها بالحوارات التي تجري في نفس صندوق الذهنية الأمنية التي أدارت البلاد خلال الحقب الماضية.
وفي صناعة البطولة، لا بد من أن نتذكر أن غرامشي ألَّفَ كتابه الشهير عن الأمير الحديث، حزب الطبقة العاملة، بعد مئات السنين من تأليف ميكافلي لكتابه الأكثر شهرة ، الأمير، فهل الأردنيون اليوم بصدد تأليف وصناعة أميرهم سريع الاستهلاك؟ الجواب: نعم.
إنها مرحلة ما بعد الحداثة الأردنية، التي تحاكي زمن الآلهة المصنوعة من التمر، حيث لن يتم صمود اللُّعاب مطولًا لِتَذوّق حلاوتها وهشاشتها، ونسيانها على الفور، فالمتعة لا تتحقق باستحضار الذكريات السعيدة فقط، بل بنسيان الأحداث المؤلمة أيضًا.
القصة لن تنتهي اليوم. كما أنها لم تبدأ اليوم أيضاً، ولا في الأشهر الماضية حين تعاطفت هذه القبائل مع الأمير حمزة بن الحسين، فمنذ خمسين سنة وأزْيَد والأردني يحلم بأن يصنع رموزه الوطنية الخاصة، وعندما لم يجدها راجع تاريخه الحديث وراح يتغنى بوصفي التل وهزاع المجالي، وذهب إلى ما قبل ذلك فنبش في إرثه النضالي ضد الاستعمار العثماني والانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني لفلسطين.
هل يُعدُّ هذا السلوك الجمعي صحيًا أو صحيحًا؟ الجواب: نعم.
وبالمناسبة هو ليس إبداعًا جديدًا، أو بدعة ابتدعها الأردني، بل هو سلوك عاشته وتعيشه شعوب الأرض جميعها، لتحصين كياناتها في مواجهة التهديدات الوجودية، أو الأزمات التأريخية الشديدة، وعندما تجاوزت المجتمعات الغربية المربعات والتشكيلات الاجتماعية المتخلّفة، راحت إلى ما هو أبعد من ذلك، فصنعت أيقوناتها الخاصة، المستمدة من وحي الخيال، والتي تتحلى بالقوة الخارقة، مثل سوبر مان وسبايدر وجراندايزر.
جرت العادة أن تتضافر جملة من الظروف لإنتاج مثل هذه الظواهر الاجتماعية الصارخة، وما هي في الحقيقة إلا حوادث تعبّر عن أو تُشكل إرهاصات او مقدمات لتحولات كبرى، والمُتابع للشأن الأردني يلاحظ التتابع المطّرد لمثل هذه الإرهاصات، التي تفاقمت بعد حادثة انقطاع الأوكسجين في مستشفى السلط الحكومي وما تبعها، فلا يكاد يمر أسبوعٌ من دون أن تعصف بالبلاد أزمة سياسية اجتماعية كبيرة.
طبعا، لا يمكن فصل هذا الذي يجري عما نعيشه من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، تمظهرت عموما بتحكم مراكز القوى بالقرارات الرسمية، التي تضاربت أحيانا بينها أو مع المصالح العليا للدولة، وصنعت كل هذه الأزمات، وموضوعيا ليست المشكلة في مراكز القوى بحد ذاتها أو ببعضها، لأن الأزمة بالأساس هي تعبير عن اهتراء بُنى سياسية واجتماعية، وما هذه التململات إلّا حالة من حالات التعبير عن ضرورة ظهور منظومة جديدة تلبي الحاجات الجديدة للمجتمع أي علاقات الانتاج الجديدة، التي تتطلب عقداً اجتماعياً جديداً يُعيد تعريف الدولة.
وهو ما تحسسته الأطراف جميعها، وتم التوافق ضمنا على البدء بإجراء عملية الإصلاح، لكن أي إصلاح؟ لا أحد يعلم، المعلوم فقط أن جهة ما في الدولة تلقفت الفكرة، وحمّلتها لفيصل الفايز ليبدأ حواراً تقليدياً لا يفضي إلى أية نتائج جديدة، ويفتقر لوجود الأطراف المعنية بالحوار على الجانب الآخر من الطاولة.
فقد أجرى فيصل الفايز الحوار مع شخصيات رشحتها له المجالس الأمنية (السريّة) في المحافظات، واستبعدت كل من يحمل رأيا آخر، وعلى ضوء ذلك، راح الأردنيون يتندرون على هذه الحوارات الذاتية، واصفينها بالحوارات التي تجري في نفس صندوق الذهنية الأمنية التي أدارت البلاد خلال الحقب الماضية.
وفي صناعة البطولة، لا بد من أن نتذكر أن غرامشي ألَّفَ كتابه الشهير عن الأمير الحديث، حزب الطبقة العاملة، بعد مئات السنين من تأليف ميكافلي لكتابه الأكثر شهرة ، الأمير، فهل الأردنيون اليوم بصدد تأليف وصناعة أميرهم سريع الاستهلاك؟ الجواب: نعم.
إنها مرحلة ما بعد الحداثة الأردنية، التي تحاكي زمن الآلهة المصنوعة من التمر، حيث لن يتم صمود اللُّعاب مطولًا لِتَذوّق حلاوتها وهشاشتها، ونسيانها على الفور، فالمتعة لا تتحقق باستحضار الذكريات السعيدة فقط، بل بنسيان الأحداث المؤلمة أيضًا.