اتصل بنا
 

المثقف والسلطة: نوما هنيئا لأطفالكم

كاتب صحافي وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2021-06-10 الساعة 19:27

نيسان ـ رغم أن قصة المثقف والسلطة أصبحت موضة قديمة ومكرورة ومستهلكة إلا أنه يُعاد إنتاجها بأشكال مختلفة وأدوات جديدة، وتبقى علاقة جدلية قديما وحديثا ومستقبلا.
هناك ظاهرة عربية عامة وأردنية خاصة تحتاج إلى نقاش ونقد شفاف أيضا، وأقصد النقد الذاتي الموجه من المثقفين وإليهم بعيدا عن التبرير والتسويغ، وهي أن المثقف يدعو للوقوف ضد خطاب السلطة بوصفه خطابا يتعارض مع الحرية، حرية التعبير والتفكير والموقف، ويدعو نظريا لتفكيك هذا الخطاب ونقده بكل قوة، لكنه في المقابل ينتقد أيضا وقوف السلطة ضده، ويطلب منها أن تدعمه وتقدم له كل التسهيلات للوصول إلى هدفه، وما هو هدفه؟ إنه كما ذكرنا يدعو إلى الوقوف في وجه السلطة، فكيف يمكن فهم تلك المعادلة المتناقضة؟
الخطاب الذي يقدمه المثقف في بلادنا اغلبه بكائية تذرف الدموع واثير الأحزان لأن السلطة تتجاهله، وأنها تستثنيه من العطايا التي تقدمها لشخصيات، لا تستحق ذلك بنظره، وأنه هو الأحق والأجدر بأن يتصدر المشهد ليقدم رؤيته التي يعتقد انها صحيحة، وطبعا هي ضد السلطة التي يريد التناقض معها في خطابه ورؤيته، بل يريد أن يحرف مسارها نحو توجهات جديدة، ويطلب منها ان تساعده في تلك المهمة، وحين يجدها لا تهتم به يثير الضجة ويرفع صوت النقد، ليتهمها، أي السلطة، بأنها تهمش المثقف وتضطهده ولا تقبل موقفه ولا رؤيته.
هناك تناقض واضح في مطالبنا، لأننا حين نريد نقض ونقد خطاب السلطة فإننا من المفترض أن نتوقع أنها لن تقبل بذلك، وأنها ستدافع عن نفسها بكل الوسائل، وأهم وسيلة ان تهمش وتتجاهل صاحب الدعوة ضدها، وهذا أسهل ما يمكن فعله بالنسبة لها، فكيف نعتب عليها، ونطالبها بتقديم مشروع ثقافي مخالف لرؤيتها ومصلحتها. ولذا فالمثقف الذي يتبنى خطابا مناقضا للسلطة عليه أن يتفهم بل يتحمل تبعات ذلك، وإلا فإنه سيكون كالطفل الذي يفر إلى حضن أمه حتى حين تضربه، ولذلك فهي لا تأخذه معها اذا ذهبت لحفلة للكبار، لأنهم
سيكتبون لها على بطاقة الدعوة: نوما هنيئا لأطفالكم.
طبعا أنا أتحدث عن السلطة وليس الدولة، لأن مفهوم الدولة غير واضح في ذهن السلطة ولا في أذهاننا، حتى وإن استخدمنا المصطلح في معجم ​مفرداتنا.

نيسان ـ نشر في 2021-06-10 الساعة 19:27


رأي: د. يوسف ربابعة كاتب صحافي وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً