هل ستبدأ معركة دمشق؟
نيسان ـ نشر في 2015-09-13 الساعة 11:20
الى هذه اللحظة لم يبادر أصحاب الأصوات العالية، والحس الراعف قومية، الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بصراخهم ضد التدخل الأجنبي، بأية مواقف ضد التدخل الروسي في سوريا، بل إن ملامح خطابهم صارت تتجلّل بالارتياح بعد بدء هذا الاحتلال بنسخته المعلنة السافرة، الذي تمارسه روسيا في وضح النهار، وعلى مرأى من العالم ومنظماته الحقوقية المرهفة الأحاسيس أيضا.
لكن هذا التدخل يعني ببساطة أن الأسد قد انتهى، وأن مرحلة جديدة من إعادة التنظيم والتأهيل للنظام ستبدأ، ضمن جغرافيا معينة متوافق عليها دوليا، فلم تعد روسيا معنية بحجج الدفاع عن الدولة السورية، بقدر ما أصبح يهمها الآن أن تحمي موطأ قدمها في طرطوس، وتعطيل مسارات خطوط الغاز الى اوروبا، ولا بأس عندها من أن تحرس هذه المصالح عصابة الحكم التي استحوذت على كل مقدرات سوريا، وستسخرها الآن لخدمة مصالحها ضمن هذا الشريط البحري.
بدأت مؤشرات، وهن النظام تظهر في الأيام الأخيرة بوضوح، فقد سقط مطار ابو الظهور في يد المعارضين للنظام، وأظهرت الصور أن القوات النظامية تركت الطائرات جاثمة على أرض المطار وهربت، وتركت أيضا قطع عسكرية مهمة، حربية وناقلة ومروحية، إضافة الى قطع مدرعة وآليات وذخائر، وهذا يدل على أن حال وظروف النظام كانت أسوأ من أن يضع حتى خطة تنسيق لانسحاب عسكري حرفي لائق.
ناهيك عما يتلقى حزب الله من ضربات في القلمون، وعجزه عن إحراز أي تقدم ميداني هناك، وليس الحال بأحسن في دمشق وريفها، حيث سيطر معارضون قبل يومين على بعض مهاجع سجن عذرا الحكومي، وتمت السيطرة أيضا على مراكز أمنية في حرستا وغيرها، كذلك ما يحصل في بعض الأحياء الدمشقية من تقدم للمعارضة أجبر قوات النظام على استخدام المدفعية، ضمن عملية مكشوفة لإسناد جحافل داعش المتقدمة في حي الحجر الأسود الدمشقي.
وهذا يعني وحسب المعطيات الميدانية، أن النظام كان على وشك السقوط، خصوصا بعد ما حصل من تراخٍ إيراني ناتج عن الاتفاق النووي، ما اضطر النظام وروسيا، الى الانتقال الى الخطة "ب"، بمباركة غربية لم تتورع دولة مثل إلمانيا عن إعلان تأييدها لها صراحة.
الخطة المعلنة هي إنزال قوات ومهمات عسكرية روسية، بحجة المساعدات الإنسانية، لحماية فلول النظام وتأمينها في الشريط الساحلي.
وفوق هذا، فإن التنصل عن العاصمة دمشق، جاء كنتيجة حتمية لضعف النظام وتراجعه على كافة الجبهات، ومن جانب آخر ليفتح الباب لمعركة طاحنة بين المعارضين وداعش.
لكن، مع كل ذلك، فإن روسيا لن تنجح في سوريا، ولن تنتظر حتى تبلغ الهزيمة المحققة، لأنها لن تحتمل مثل هذه النتيجة، بل ستنسحب قبل ذلك، فما هو إلا استعراض أخير يلبي حاجات بوتين المعنوية. كما لن ينجح النظام في خلط أوراق السوريين للأبد.