الإصلاح السياسي بين المُتخيّل والممكن
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2021-06-17 الساعة 09:05
نيسان ـ محمد قبيلات
بداية؛ لا بد من تعريف الإصلاح الذي نريد، والحقيقة أن الرسالة المَلكيَّة والخطاب اللذين افتتحت بهما أعمال اللجنة المَلكيَّة لتحديث المنظومة السياسية، أوضحا أن موضوع ومهام اللجنة إجراء تعديلات على قوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، وما يتصل بذلك من التعديلات الدستورية.
وتم الحديث بما يشبه الصراحة عن سقوف وحدود صلاحيات اللجنة، حيث حُصِرَت ضمنيا في الأوراق النقاشية، ثم جاء التحديد الأكبر في خطاب الافتتاح المَلكي، الذي ألمحَ إلى أن قانوني الانتخاب والأحزاب يجب أن تتوافقا مع المجتمع الأردني، وأن عملية الإصلاح والتطوير مستمرة منذ تأسيس الدولة، وهذا الكلام المَلكي لا يُرمَى على عواهنه، بل إن مقاصده واضحة، ولا تحتمل الكثير من التأويلات والتفسيرات.
ما ورد في الخطاب عن التدرج في العملية الإصلاحية، والإشارة الواضحة إلى أن عملية الإصلاح والتطوير بدأها الأجداد، ثم الإشارة إلى وجود سمو الأمير الحسين إلى جانب الملك، كل ذلك يؤكد أن عملية الإصلاح بدأت منذ زمن بعيد وستستمر إلى العهود الهاشمية المقبلة وبالتدرج المناسب، بهذا المعنى، فإنه ليس من سبيل يسيرٍ لاجتراح اختراقات كبيرة في عملية الاصلاح.
وبالطبع لا يمكن إهمال تلك المظاهر والتحركات، في أروقة الخيمة التي نصبت لإجراء اجتماعات اللجنة، وقام بها مجموعة من أعضاء اللجنة الذين نادوا بعدم المساس بصلاحيات الملك، ودعوا إلى عدم طرح فكرة المَلكيَّة الدستورية، وبث ما يشبه عمليات التوجيه العُرفي للجنة، بحيث تخرج بالقليل من الإصلاحات والتجميلات على قانوني الانتخاب والأحزاب، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
المشكلة الكبرى، أن العقدة ليست في قانوني الانتخاب والأحزاب في ذاتيهما فقط، فمثلا؛ عملية الإشراف على الانتخابات، مع الاحترام الشديد للهيئة المستقلة للانتخاب، هل ستخرج من الأطر الأمنية لتتبع وزارة العدل فقط؟. هل تقتنع أجهزة الدولة العميقة بعدم التدخل في الانتخابات وهندستها؟ وأن تكتفي بإنفاذ القوانين فقط، في حال وجود قوانين أكثر تقدمية؟.
في الانتخابات الماضية، على سبيل المثال لا الحصر، تمّ التعامل بحزم، قانونيًا، مع عملية شراء الأصوات، إلّا أن بعض المترشحين تمّ السماح لهم بشراء الأصوات، أو لنقل تم التغاضي التام عن نشاطاتهم، من قبل الأجهزة المعنية، ليتفوقوا على المرشحين غير المرضي عنهم، وهذه ليست أسرارًا، أو احداثًا معزولةً، بل عمليات واسعة كانت مكشَّفة للجميع.
أما بالنسبة لقانون الأحزاب، ففي حدود علمي، أن قانون الأحزاب ليس عليه الكثير من الملحوظات من الأحزاب والمعنيين، أي أنه مقبول، لكن هل تم تكييف البيئة المناسبة لهذه الأحزاب، تشريعيا وتنفيذيا، فموضوع الحريات العامة وحق التعبير، الذي أُفردت له مواد خاصة في الدستور، هو البيئة المناسبة للعمل الحزبي، وكذا بناء ثقافة مجتمعية متخلصة من رِهاب الدخول إلى مقرات وفعاليات الأحزاب.
وثمة أسئلة أخرى كثيرة، تتعلق بنشاطات الأحزاب والحزبيين، وحريتهم، وعدم المساس بذويهم، إذ اننا ما زلنا نسمع عن قصص( قراقوشية) عن إلحاق الأذى بهم وبذويهم، خصوصا في التعيينات في الوظائف الحكومية، أو حتى الترقيات والتدرج الوظيفي، وتولي المناصب العليا، بما فيها مناصب المدراء والأمناء العامين والوزراء، التي لا يصلها إلا الذين عملوا صالحات كثيرات مع الجهات المعلومة.
المشكلة الكبرى، أن عملية الإصلاح ما زالت تخضع للأفكار التقليدية للحكم والإدارة، هذه الذهنية المتكلسة التي تعتقد وتطمح إلى أن تواصل الحَجْر على عقول وحريات وإمكانات البشر، وتواصل تجاهل المخاطر المحدقة بمجتمعاتنا.
نعم إنها لكارثة إذا ما استمرت هذه الطبقات بإنفاذ الأفكار البالية التي تخدم مصالحها، غير مدركة أن هذا سينجح على المدى القصير فقط، لكن عواقبه وخيمة على الجميع.
وهنا، لا بد من أن يدرك أعضاء اللجنة الملكية حجم مسؤولياتهم، لأن الاستمرار في هذه الضغوط على حرية الناس، سيؤدي حتما، وربما في لحظة قريبة، إلى انفجارات اجتماعية مدمرة، تأخذ في طريقها الأخضر قبل اليابس.
بداية؛ لا بد من تعريف الإصلاح الذي نريد، والحقيقة أن الرسالة المَلكيَّة والخطاب اللذين افتتحت بهما أعمال اللجنة المَلكيَّة لتحديث المنظومة السياسية، أوضحا أن موضوع ومهام اللجنة إجراء تعديلات على قوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، وما يتصل بذلك من التعديلات الدستورية.
وتم الحديث بما يشبه الصراحة عن سقوف وحدود صلاحيات اللجنة، حيث حُصِرَت ضمنيا في الأوراق النقاشية، ثم جاء التحديد الأكبر في خطاب الافتتاح المَلكي، الذي ألمحَ إلى أن قانوني الانتخاب والأحزاب يجب أن تتوافقا مع المجتمع الأردني، وأن عملية الإصلاح والتطوير مستمرة منذ تأسيس الدولة، وهذا الكلام المَلكي لا يُرمَى على عواهنه، بل إن مقاصده واضحة، ولا تحتمل الكثير من التأويلات والتفسيرات.
ما ورد في الخطاب عن التدرج في العملية الإصلاحية، والإشارة الواضحة إلى أن عملية الإصلاح والتطوير بدأها الأجداد، ثم الإشارة إلى وجود سمو الأمير الحسين إلى جانب الملك، كل ذلك يؤكد أن عملية الإصلاح بدأت منذ زمن بعيد وستستمر إلى العهود الهاشمية المقبلة وبالتدرج المناسب، بهذا المعنى، فإنه ليس من سبيل يسيرٍ لاجتراح اختراقات كبيرة في عملية الاصلاح.
وبالطبع لا يمكن إهمال تلك المظاهر والتحركات، في أروقة الخيمة التي نصبت لإجراء اجتماعات اللجنة، وقام بها مجموعة من أعضاء اللجنة الذين نادوا بعدم المساس بصلاحيات الملك، ودعوا إلى عدم طرح فكرة المَلكيَّة الدستورية، وبث ما يشبه عمليات التوجيه العُرفي للجنة، بحيث تخرج بالقليل من الإصلاحات والتجميلات على قانوني الانتخاب والأحزاب، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
المشكلة الكبرى، أن العقدة ليست في قانوني الانتخاب والأحزاب في ذاتيهما فقط، فمثلا؛ عملية الإشراف على الانتخابات، مع الاحترام الشديد للهيئة المستقلة للانتخاب، هل ستخرج من الأطر الأمنية لتتبع وزارة العدل فقط؟. هل تقتنع أجهزة الدولة العميقة بعدم التدخل في الانتخابات وهندستها؟ وأن تكتفي بإنفاذ القوانين فقط، في حال وجود قوانين أكثر تقدمية؟.
في الانتخابات الماضية، على سبيل المثال لا الحصر، تمّ التعامل بحزم، قانونيًا، مع عملية شراء الأصوات، إلّا أن بعض المترشحين تمّ السماح لهم بشراء الأصوات، أو لنقل تم التغاضي التام عن نشاطاتهم، من قبل الأجهزة المعنية، ليتفوقوا على المرشحين غير المرضي عنهم، وهذه ليست أسرارًا، أو احداثًا معزولةً، بل عمليات واسعة كانت مكشَّفة للجميع.
أما بالنسبة لقانون الأحزاب، ففي حدود علمي، أن قانون الأحزاب ليس عليه الكثير من الملحوظات من الأحزاب والمعنيين، أي أنه مقبول، لكن هل تم تكييف البيئة المناسبة لهذه الأحزاب، تشريعيا وتنفيذيا، فموضوع الحريات العامة وحق التعبير، الذي أُفردت له مواد خاصة في الدستور، هو البيئة المناسبة للعمل الحزبي، وكذا بناء ثقافة مجتمعية متخلصة من رِهاب الدخول إلى مقرات وفعاليات الأحزاب.
وثمة أسئلة أخرى كثيرة، تتعلق بنشاطات الأحزاب والحزبيين، وحريتهم، وعدم المساس بذويهم، إذ اننا ما زلنا نسمع عن قصص( قراقوشية) عن إلحاق الأذى بهم وبذويهم، خصوصا في التعيينات في الوظائف الحكومية، أو حتى الترقيات والتدرج الوظيفي، وتولي المناصب العليا، بما فيها مناصب المدراء والأمناء العامين والوزراء، التي لا يصلها إلا الذين عملوا صالحات كثيرات مع الجهات المعلومة.
المشكلة الكبرى، أن عملية الإصلاح ما زالت تخضع للأفكار التقليدية للحكم والإدارة، هذه الذهنية المتكلسة التي تعتقد وتطمح إلى أن تواصل الحَجْر على عقول وحريات وإمكانات البشر، وتواصل تجاهل المخاطر المحدقة بمجتمعاتنا.
نعم إنها لكارثة إذا ما استمرت هذه الطبقات بإنفاذ الأفكار البالية التي تخدم مصالحها، غير مدركة أن هذا سينجح على المدى القصير فقط، لكن عواقبه وخيمة على الجميع.
وهنا، لا بد من أن يدرك أعضاء اللجنة الملكية حجم مسؤولياتهم، لأن الاستمرار في هذه الضغوط على حرية الناس، سيؤدي حتما، وربما في لحظة قريبة، إلى انفجارات اجتماعية مدمرة، تأخذ في طريقها الأخضر قبل اليابس.