اتصل بنا
 

هل يكون 'المتشائل' جميل النمري المستقيل الثاني من لجنة الحوار؟

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2021-06-27 الساعة 10:28

هل يكون المتشائل جميل النمري المستقيل
نيسان ـ محمد قبيلات..لا يستطيع أيٌ منا، نحن مَعْشر المتلقطين أخبار اللجنة المَلِكِيّة لتحديث المنظومة السياسية، أن يُنكر على عضو اللجنة جميل النمري حقه في الفضفضة، فالمشكلة ليست معنا أصلًا، بل هي مع تلك التعاميم التي وزعها رئيس اللجنة، دولة الرئيس الرفاعي، على الأعضاء، وطالبهم فيها كتم مشاعرهم الجياشة وضبط تعبيراتهم المتهورة، ذلك بعد مآلات الزوابع الإلكترونية الكبيرة التي أثارها زميل النمري في اللجنة "الصحافي عريب الرنتاوي".
قصتنا اليوم تتعلق بمقالة جميل النمري في صحيفة الدستور، التي نشرت يوم الخميس الماضي تحت عنوان "صدقية النوايا ومصداقية المشروع" وقد قال في مطلعها: إن ثلاثة أرباع الحوار يدور حول صدقية النوايا وثلاثة أرباع المداخلات تدور حول مصداقية المشروع وحقيقة ما يريد القائمون عليه، منهياً مقالته بــرسالة إلى الجهات المُعطِّلة لعمل اللجنة:
"إن ما نطلق عليه قوى الشدّ العكسي والأمر الواقع والمصالح القديمة تعي وتقدر اليوم أننا دخلنا منطقة الخطر وأن مصلحة النظام السياسي بعد الأزمات الأخيرة ما عادت تحتمل إلا الانفتاح على مشروع الإصلاح والالتقاء معه في منتصف الطريق".
في المتن زاد النمري ما هو أخطر: " إنها الكارثة إذا كشف مشروع اللجنة عن مجرد مشاغلة لا تضمر نيّة جدّية لإنجاز الإصلاح (أو التحديث) المنصوص عليه حرفيا في كتاب التكليف للجنة".
ماذا يعني هذا الحديث الصادر عن عضو مهم في اللجنة العتيدة، والنمري حزبي مخضرم، انخرط في العمل الحزبي إبان الحقبة العرفية، وواصل نشاطه الحزبي بعد الانفراجة الديمقراطية، وهو صحافي، ونائب سابق، وكان عضوا في العديد من اللجان الملِكِيّة، ماذا يعني هذا الحديث الذي تطغى عليه المرارة والإحباط؟.
الحقيقة أنني قرأت المقالة وفهمتها على أنها نعوة مسبقة للجنة الحوار، واستخلصت، وأرجو أن يخيب استخلاصي، أن كل هذا الذي سمعناه عن اللجنة ودورها والآمال المعلقة عليها ما هي إلّا ضرب من ضروب المشاغلة وكسب الوقت.
عند هذه النقطة، والحالة هذه، فإنه لا بد من العودة إلى أصل الداء وإعادة التشخيص، فالمشكلة ليست في قانون الأحزاب، وليست، إلى حد ما، في قانون الانتخاب، بل باستمرار السيطرة للذهنية العُرفية على مؤسسات الدولة، فليس من عمل يستطيع أن يقوم به الحزبي، بمعنى أنه لا يستطيع أن يعارض سياسات، أو يؤيد مطالب عمالية أو نقابية، وما زالت قصة نقابة المعلمين والحزبيين الذين أيدوا مطالبها ماثلة أمامنا.
حتى الصحافة الحزبية لا تستطيع أن تتمتع بالحرية الكافية لكشف الأخطاء، وكذلك الصحافيون، فبدل من أن يخضعوا لقانون خاص بهم كقانون المطبوعات والنشر بحيث يُعدّل كي يراعي حرية ومهنية الصحافة، ها هم يحاكمون ويسجنون على أساس قانون الجرائم الإلكترونية.
هذا الكلام يعني أن المشكلة ليست فقط في قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، بل في القوانين التي تحكم حرية التعبير والحريات العامة عموما، وتدخّل الجهات الأمنية في الانتخابات، والتنكيل بالمعارضين، سواء كانوا حزبيين أو نوابا أو صحافيين أو نقابيين.
نقول ببساطة: لا آفاق ترجى من الحوار في اللجنة، لأنه يجري في إطار محدود، أي أنه ليس حوارا بين الجهات المعنية، بل حوار يدور لإجراء تسوية في الطبقة المتسيدة نفسها، ولا يشمل أو يهتم بمصالح الفئات والشرائح الواسعة من المجتمع.
واذا سألت أي متابع عن ظروف تشكيلة أعضاء اللجنة، سيقول لك ثلُثٌ وضع من قبل الجهة الفلانية وثُلثٌ من الجهة العلانية، وبقية الأعضاء اختيروا من قبل زيد وعبيد، وهذا يعني أن المستوى السياسي المتسيِّد حاليا، هو من وزّع مقاعد لجنة الحوار، وفق مواقفه وآليات تصنيفه هو وليس كما يقتضي الأمر فعلا.
أول خطوة في الإصلاح لا تكون بتغيير أو تعديل قوانين الأحزاب والانتخاب وحسب، بل بتحقيق استقلالية المؤسسات والفصل بينها، وتفعيل الأجهزة الرقابية والقضائية في الدولة ومنحها الاستقلالية التامة بحيث تحاسِب أيا كان باستقلالية تامة.
فهل يكون المتشائل جميل النمري المستقيل الثاني من لجنة الحوار؟.

نيسان ـ نشر في 2021-06-27 الساعة 10:28

الكلمات الأكثر بحثاً