'اللجنة' أنجزت.. هل يكفي ذلك؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2021-07-01 الساعة 09:09
نيسان ـ لنفترض - جدلا – ان لجنة «تحديث المنظومة السياسية» خيبت آمال المشككين بها، وتجاوزت «الألغام» التي تتعرض لها من داخلها، وخرج رئيسها او الناطق باسمها في شهر تشرين الأول من هذا العام بمفاجأة سارة للأردنيين مفادها ان «المهمة أنجزت بنجاح، وان الصيغة التي تم التوافق عليها لقانوني الاحزاب والانتخاب «مثالية» ومقنعة لأغلبية الناس، ثم لنفترض – جدلا – أيضا ان الحكومة «باركت» الاقتراحات المقدمة لها»، واعلنت أنها ستتبناها كما هي تماما، وستدافع عنها بقوة امام مجلس النواب.
السؤال: هل ستكفي هذه الإنجازات وحدها لإقناع الأردنيين بان قطار الإصلاح السياسي انطلق فعلا، ثم هل نتوقع منهم ان يقفوا طوابير امام مقرات الأحزاب للتسجيل في عضويتها، او لاحقا امام صناديق الاقتراع لاختيار المترشحين للنيابة، او بصيغة أخرى: هل سنشهد أحزابا برامجية وازنة ومؤثرة، ومجلسا نيابيا قويا يمثل الناس ويضبط ايقاع حركة الحكومات؟.
الإجابة في تقديري، لا، فإنجازات اللجنة مجرد مدخل للعملية الإصلاحية، لكنها لن تحدث الفرق المطلوب كما يحلو للبعض ان يتصوره ويسوقه، فأمامنا وقت - قد يبدو طويلا - لإقناع الأردنيين لكي يتحركوا في هذا الاتجاه، المشكلة بالطبع ليست فقط في «لواقط» المجتمع التي لا تريد ان تستقبل هذه الذبذبات الإصلاحية، ولا أيضا في التجارب التي تحملها الذاكرة الوطنية لمشروعات الإصلاح ووعودها التي لم يكتب لها التنفيذ الصحيح، المشكلة في «الواقع» الذي ما زال يصر البعض على بقائه «خزانا» للتشكيك وتوليد المزيد من الهواجس والمخاوف.
قلت: المشكلة في الواقع واقصد هنا مسألتين: الأولى السلوك العام للدولة والمجتمع معا، فقد كان من المفترض في مرحلة «اكتمال» عمل اللجنة ان تحدث أمورا جديدة ومختلفة في الاتجاه الإيجابي، خذ مثلا اطلاق مبادرات لحل الازمات المعلقة كأزمة نقابة المعلمين، خذ أيضا «تبييض» المراكز الإصلاحية من قضايا الموقوفين بجرائم غير جنائية، خذ ثالثا حل مشكلة المتعثرين وإعادة الهاربين منهم للخارج الى أبنائهم، وغيرها من المبادرات التي يمكن ان تصنع واقعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يتلاءم مع «طروحات» الإصلاح ويدفع الناس الى الثقة والاقتناع بها.
المسألة الثانية متصلة بالأولى وتتعلق بالمناخات او البيئة الصالحة لمرور التشريعات السياسية التي ستقترحها اللجنة، واهمها مناخات الحرية وما يتعلق بها من تشريعات (قانون الجرائم الإلكترونية مثلا)، ثم مناخات العدالة التي تتوزع موازينها في مجالات الادارة، حيث التوظيف والتعيين والاحالات على الاستيداع او الضمان المبكر بلا مبررات أحيانا، ثم العدالة في مجالات الجغرافيا حيث المناطق المهمشة والأقل حظا.. الخ.
اذن، تحديث المنظومة السياسية لا يتعلق فقط بقانوني الأحزاب والانتخاب، ولا أيضا باللجنة والمهمة التي أنيطت بها، انه يتجاوز ذلك الى أبعاد أخرى، منها: حسم أسئلة المواطنة والهوية والعدالة وحقوق الناس بإجابات واضحة، ومنها إشاعة روح الهمة والعمل لإقناع الناس «بجدية» التغير، ومنها نهوض مؤسسات الدولة - الحكومة والبرلمان تحديدا - بجهود موازية لتطمين المجتمع بان الامور تسير في الاتجاه الصحيح، ومنها إعادة ترسيم العلاقات والأدوار بين المؤسسات الفعالة بحيث تقوم كل مؤسسة بدورها ولا تتقاطع مع غيرها الا في سياق «التنسيق» وتقاسم المهمات.
وفي موازاة ذلك كله لا بد من نزع الاحتقانات من داخل المجتمع وتمكينه من الاسترخاء والتفكير بهدوء وبدون انفعال، وذلك من خلال قرارات حازمة لوقف عمل «مولدات» الكراهية والخلافات المغشوشة والإشاعات، وتجريم محاولات إهانة المجتمع او تقسيمه تحت أي عنوان او ذريعة.
السؤال: هل ستكفي هذه الإنجازات وحدها لإقناع الأردنيين بان قطار الإصلاح السياسي انطلق فعلا، ثم هل نتوقع منهم ان يقفوا طوابير امام مقرات الأحزاب للتسجيل في عضويتها، او لاحقا امام صناديق الاقتراع لاختيار المترشحين للنيابة، او بصيغة أخرى: هل سنشهد أحزابا برامجية وازنة ومؤثرة، ومجلسا نيابيا قويا يمثل الناس ويضبط ايقاع حركة الحكومات؟.
الإجابة في تقديري، لا، فإنجازات اللجنة مجرد مدخل للعملية الإصلاحية، لكنها لن تحدث الفرق المطلوب كما يحلو للبعض ان يتصوره ويسوقه، فأمامنا وقت - قد يبدو طويلا - لإقناع الأردنيين لكي يتحركوا في هذا الاتجاه، المشكلة بالطبع ليست فقط في «لواقط» المجتمع التي لا تريد ان تستقبل هذه الذبذبات الإصلاحية، ولا أيضا في التجارب التي تحملها الذاكرة الوطنية لمشروعات الإصلاح ووعودها التي لم يكتب لها التنفيذ الصحيح، المشكلة في «الواقع» الذي ما زال يصر البعض على بقائه «خزانا» للتشكيك وتوليد المزيد من الهواجس والمخاوف.
قلت: المشكلة في الواقع واقصد هنا مسألتين: الأولى السلوك العام للدولة والمجتمع معا، فقد كان من المفترض في مرحلة «اكتمال» عمل اللجنة ان تحدث أمورا جديدة ومختلفة في الاتجاه الإيجابي، خذ مثلا اطلاق مبادرات لحل الازمات المعلقة كأزمة نقابة المعلمين، خذ أيضا «تبييض» المراكز الإصلاحية من قضايا الموقوفين بجرائم غير جنائية، خذ ثالثا حل مشكلة المتعثرين وإعادة الهاربين منهم للخارج الى أبنائهم، وغيرها من المبادرات التي يمكن ان تصنع واقعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يتلاءم مع «طروحات» الإصلاح ويدفع الناس الى الثقة والاقتناع بها.
المسألة الثانية متصلة بالأولى وتتعلق بالمناخات او البيئة الصالحة لمرور التشريعات السياسية التي ستقترحها اللجنة، واهمها مناخات الحرية وما يتعلق بها من تشريعات (قانون الجرائم الإلكترونية مثلا)، ثم مناخات العدالة التي تتوزع موازينها في مجالات الادارة، حيث التوظيف والتعيين والاحالات على الاستيداع او الضمان المبكر بلا مبررات أحيانا، ثم العدالة في مجالات الجغرافيا حيث المناطق المهمشة والأقل حظا.. الخ.
اذن، تحديث المنظومة السياسية لا يتعلق فقط بقانوني الأحزاب والانتخاب، ولا أيضا باللجنة والمهمة التي أنيطت بها، انه يتجاوز ذلك الى أبعاد أخرى، منها: حسم أسئلة المواطنة والهوية والعدالة وحقوق الناس بإجابات واضحة، ومنها إشاعة روح الهمة والعمل لإقناع الناس «بجدية» التغير، ومنها نهوض مؤسسات الدولة - الحكومة والبرلمان تحديدا - بجهود موازية لتطمين المجتمع بان الامور تسير في الاتجاه الصحيح، ومنها إعادة ترسيم العلاقات والأدوار بين المؤسسات الفعالة بحيث تقوم كل مؤسسة بدورها ولا تتقاطع مع غيرها الا في سياق «التنسيق» وتقاسم المهمات.
وفي موازاة ذلك كله لا بد من نزع الاحتقانات من داخل المجتمع وتمكينه من الاسترخاء والتفكير بهدوء وبدون انفعال، وذلك من خلال قرارات حازمة لوقف عمل «مولدات» الكراهية والخلافات المغشوشة والإشاعات، وتجريم محاولات إهانة المجتمع او تقسيمه تحت أي عنوان او ذريعة.
نيسان ـ نشر في 2021-07-01 الساعة 09:09
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي