اتصل بنا
 

تنفيذ وصفة 'التحديث' لن يتم بكسبة 'زر' .. !

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2021-07-11 الساعة 08:18

نيسان ـ سنكتشف بعد ان ينفض "سامر" لجنة تحديث المنظومة السياسية أن أمامنا وقتاً طويلاً حتى نباشر "التنفيذ"، رحلة تمرير التشريعات ودراسة التوصيات ستحتاج من الحكومة الى مهلة لا نعرف مدتها، كما ستحتاج من البرلمان الى نقاشات ربما ستمتد لشهور، بعدها سيتم قذف "الكرة" الى مرمى المجتمع، اكثر من اثنين وخمسين حزباً ستحاول ان "تتجمع"٫ وربما يفكر آخرون في اشهار أحزاب جديدة، الانتخابات البرلمانية ستحتاج - وفق المواصفات التي تسربها اللجنة - الى "بيئة" حزبية، ولهذا ستتأخر لحين اكتمال هذه البيئة.
سيكون -إذن- عام ٢٠٢٢ عام "التجهيزات"، يمكن -هنا- ان نتصور بأن البرلمان سيحل ومعه سترحل الحكومة، ثم سيتم تحديد موعد لإجراء الانتخابات البرلمانية، لكن السؤال: هل ستتغير الصورة حقاً؟ بمعنى آخر : هل بوسع التشريعات المتوقعة ان تفرز "برلمانياً" حزبياً، وهل سيتمحض عنه حكومة برلمانية تتشكل من "الحزب" او ائتلاف الأحزاب التي تحظى بأكثر عدد من المقاعد؟ ثم هل سنحتاج الى "حزمة" من التعديلات التشريعية لضمان نجاح هذه التجربة الجديدة؟
لا يوجد لدى أي إجابات على هذه الأسئلة الآن، لكن اذا افترضنا أن هذا السيناريو هو الهدف الذي تسعى لتحقيقه "لجنة" التحديث،( الدولة أولا ان شذت) فإن لدي عدة استدراكات ٫ الأول أنه لا بدّ ان نصارح الناس بأن "تنفيذ" المهمة لن يتم بكبسة "زر" ولا بمجرد اشهار التشريعات وتأكيد النوايا الحسنة، بل سيحتاج الى سنوات طويلة، لأن تشكيل بيئة الأحزاب وإقناع الناس بالانتساب اليها بعد مرور أكثر من نصف قرن على محاولات "اجهاضها" مرتبط بتغيير قناعات الدولة والمجتمع وسلوكها ايضاً؟
الاستدراك الثاني هو أن الفصل بين مساري "انتاج برلمان حزبي" وإنتاج "حكومة حزبية" بذريعة التدريج في التجربة سيخرج "عملية" اصلاح عرجاء، ليس فقط لأنه يصعب تقييمها ٫ وانما لأنه سيفرغها من مضامينها، ذلك ان جوهر "وصفة التحديث" يستند اساساً الى إيجاد حالة "حزبية" تتولى مهمة التشريع والرقابة ومهمة التنفيذ وإدارة الشأن العام أيضا .
أما الاستدراك الثالث فهو أن اول ضمان يمكن تقديمه "كعربون" لتنفيذ العملية "التحديثية" في حقل السياسة ان نخرج من "اطار" قانون الدفاع، بما يستدعيه من فصل بين الحالة الوبائية والحالة السياسية، ربما سيقال هنا أن "الوباء" لم ينته بعد او اننا امام موجة ثالثة وربما رابعة، لكن لا يمكن لأحد ان يتصور بأن "تعبيد" الطريق أمام "تشكيل" روافع لبناء تجربة الإصلاح ضمن هذه الوصفة التي تفكر بها "اللجنة" سيمر من تحت "مناخات" عامة يضبط حركتها هكذا قانون .
يبقى الاستدراك الأخير وهو من شقين، احدهما ان ما اسلفناه من "افتراضات" للتنفيذ يعتمد اساساً على ان "الإرادة" السياسية ستبقى "حاضرة" وقوية، وهذا يحتاج ابتداء من الآن الى "ضمانات" مقنعة أهمها تغيير المناخات كخطوة لتغيير القناعات لدى الناس بجدوى الانخراط في العملية السياسية.
الشق الأخر أن هذه الحسابات مرتبطة بعدم بروز "مفاجآت" غير متوقعة على صعيد حركة المجتمع، ذلك ان التحولات التي شهدناها في الأعوام السابقة (وبعد عام ونصف على الوباء) قد تدفع الى انفجارات اجتماعية غير محسوبة، ولهذا لا بد ان نفكر اولاً بما يمكن ان نفعله "للتكيف" سياسياَ مع مثل هذه المطالب والضغوطات، ثم لا بدّ ان ننتهي من تنفيذ عملية "التحديث" وانضاج "البيئة" المناسبة لها في اسرع وقت.

نيسان ـ نشر في 2021-07-11 الساعة 08:18


رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً